حمدي فراج يكتب لوطن.. شرطة الاخلاق بلا أخلاق

23.09.2022 11:26 AM


 


   لم تكن الشابة الايرانية التي سفح دمها قبل عشرة أيام على يد "شرطة الاخلاق" الدينية، والتي ثبت بالملموس انها ابعد ما تكون عن الاخلاق و الدين والامر بالمعروف ... الخ ، لم تكن هذه الشابة نشيطة سياسية كما مع الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قطع بالمنشار، او الفلسطيني نزار بنات الذي قتل بالعتلة، و لم تكن من ذوي البشرة السمراء كما مع الامريكي جورج فلويد الذي ربض الشرطي على رقبته سبع دقائق حتى أسلم الروح الى باريها .
     فماذا كانت جريمة هذه الفتاة وجريرتها ؟ تشريع ديني له علاقة بالشعر والحجاب ؟ من يصدق هذا الهراء وهذا الافتراء ؟ كانت تلبس حجابا ، ولكنه على ما يبدو من النوع "السيء" و ليس من النوع "الاسمى" هكذا يميزون في شرطة الاخلاق بين حجاب وحجاب ، السيء هو على ما يبدو الذي يسمح لخصلة من الشعر ان تظهر، و لكن ماذا يتطلب هذا اكثر من ان يقول حامي الاخلاق في البلاد من صاحبة الحجاب السيء ان تغطي شعرها ؟ ان تصلح وضعه ، ان تخفي ما بان من عورتها ، اقصد خصلة شعرها ؟  و من قال ان الحجاب السيء يقتصر على انه يسمح بظهور خصلة الشعر فقط ؟ ماذا عن سماكته من رقته ؟ إن كان شفافا ام لا ؟ ماذا عن لونه ؟ أكل الالوان في الاخلاق سواء ؟ هل الاحمر مثل الاسود ؟ في بعض الدول التي تدعي الاسلام والاخلاق يمنع تداول الورد الاحمر ، و في السودان جلدت فتاة لانها تلبس بنطلونا أحمرا تحت الجلباب . المهم ، نعود للفتاة الايرانية ولشرطة الاخلاق التي اعتقلتها لارتكابها هذه الجريمة النكراء ، فهل هناك اي داع على الاطلاق لضربها و هي البنت الضعيفة بعد اعتقالها ؟ ليست رجلا قد يستطيع الدفاع عن نفسه ، و بعد الاعتقال اصبحت بلا حول او قوة حتى لو كانت بقوة رجل .
    شرطة الاخلاق ، التي ثبت انها بدون اخلاق على الاطلاق، ذهبت في الطريق اللا أخلاقي حتى نهايته تقريبا ، حين قالت ان الفتاة ماتت بنوبة قلبية ، هذا الكلام سمعته انا شخصيا من قبل . اين سمعته اين سمعته ؟ قي مقتل نزار ، بل في كل جرائم القتل والتعذيب وراء الاقبية المنتشرة في العالم بكل اللغات تقريبا وبالاخص في وطننا العربي . الطبيب الذي عاينها قال ان نزيف الأذن والكدمات على جسمها لا تتفق مع اعراض النوبة القلبية .
    مهسا اميني ، احفظوا هذا الاسم جيدا ، اشعل مقتلها ايران ، سقط حتى كتابة هذه المعادلة نحو ثلاثين شخصا ، الرواية الرسمية (17) ، أحرج مقتلها الرئيس رئيسي في الامم المتحدة ، دفع بمئات البنات لرمي حجابهن و في مواقع أخرى إحراقه مصورا ، و في مظاهر اخرى قمن بحلق شعورهن احتراما من نوع جديد لضحية جديدة ، ولن تنام في قبرها راضية مرضية قبل ان يصار الى تشريع جديد يسمح للمرأة حرية ملابسها ، مقدمة اولى لأي حرية حقيقية لا شكلانية في كل مجتمع يريد ان يكون له مكانته تحت الشمس ، او في الحد الادنى ، إلغاء شرطة الاخلاق اللا أخلاقية ، القاتلة والكاذبة ، كما فعلت السعودية مع شرطة أخلاقها "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" . سنحفظ اسمك يا مهسا اميني ليس أقل من اسم قاسم سليماني .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير