حمدي فراج يكتب لوطن.. شرطة الاخلاق بلا أخلاق

لم تكن الشابة الايرانية التي سفح دمها قبل عشرة أيام على يد "شرطة الاخلاق" الدينية، والتي ثبت بالملموس انها ابعد ما تكون عن الاخلاق و الدين والامر بالمعروف ... الخ ، لم تكن هذه الشابة نشيطة سياسية كما مع الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قطع بالمنشار، او الفلسطيني نزار بنات الذي قتل بالعتلة، و لم تكن من ذوي البشرة السمراء كما مع الامريكي جورج فلويد الذي ربض الشرطي على رقبته سبع دقائق حتى أسلم الروح الى باريها .
فماذا كانت جريمة هذه الفتاة وجريرتها ؟ تشريع ديني له علاقة بالشعر والحجاب ؟ من يصدق هذا الهراء وهذا الافتراء ؟ كانت تلبس حجابا ، ولكنه على ما يبدو من النوع "السيء" و ليس من النوع "الاسمى" هكذا يميزون في شرطة الاخلاق بين حجاب وحجاب ، السيء هو على ما يبدو الذي يسمح لخصلة من الشعر ان تظهر، و لكن ماذا يتطلب هذا اكثر من ان يقول حامي الاخلاق في البلاد من صاحبة الحجاب السيء ان تغطي شعرها ؟ ان تصلح وضعه ، ان تخفي ما بان من عورتها ، اقصد خصلة شعرها ؟ و من قال ان الحجاب السيء يقتصر على انه يسمح بظهور خصلة الشعر فقط ؟ ماذا عن سماكته من رقته ؟ إن كان شفافا ام لا ؟ ماذا عن لونه ؟ أكل الالوان في الاخلاق سواء ؟ هل الاحمر مثل الاسود ؟ في بعض الدول التي تدعي الاسلام والاخلاق يمنع تداول الورد الاحمر ، و في السودان جلدت فتاة لانها تلبس بنطلونا أحمرا تحت الجلباب . المهم ، نعود للفتاة الايرانية ولشرطة الاخلاق التي اعتقلتها لارتكابها هذه الجريمة النكراء ، فهل هناك اي داع على الاطلاق لضربها و هي البنت الضعيفة بعد اعتقالها ؟ ليست رجلا قد يستطيع الدفاع عن نفسه ، و بعد الاعتقال اصبحت بلا حول او قوة حتى لو كانت بقوة رجل .
شرطة الاخلاق ، التي ثبت انها بدون اخلاق على الاطلاق، ذهبت في الطريق اللا أخلاقي حتى نهايته تقريبا ، حين قالت ان الفتاة ماتت بنوبة قلبية ، هذا الكلام سمعته انا شخصيا من قبل . اين سمعته اين سمعته ؟ قي مقتل نزار ، بل في كل جرائم القتل والتعذيب وراء الاقبية المنتشرة في العالم بكل اللغات تقريبا وبالاخص في وطننا العربي . الطبيب الذي عاينها قال ان نزيف الأذن والكدمات على جسمها لا تتفق مع اعراض النوبة القلبية .
مهسا اميني ، احفظوا هذا الاسم جيدا ، اشعل مقتلها ايران ، سقط حتى كتابة هذه المعادلة نحو ثلاثين شخصا ، الرواية الرسمية (17) ، أحرج مقتلها الرئيس رئيسي في الامم المتحدة ، دفع بمئات البنات لرمي حجابهن و في مواقع أخرى إحراقه مصورا ، و في مظاهر اخرى قمن بحلق شعورهن احتراما من نوع جديد لضحية جديدة ، ولن تنام في قبرها راضية مرضية قبل ان يصار الى تشريع جديد يسمح للمرأة حرية ملابسها ، مقدمة اولى لأي حرية حقيقية لا شكلانية في كل مجتمع يريد ان يكون له مكانته تحت الشمس ، او في الحد الادنى ، إلغاء شرطة الاخلاق اللا أخلاقية ، القاتلة والكاذبة ، كما فعلت السعودية مع شرطة أخلاقها "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" . سنحفظ اسمك يا مهسا اميني ليس أقل من اسم قاسم سليماني .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء