لماذا مارتن إنديك؟: د.أحمد جميل عزم
06.08.2013 02:11 PM
أحد الأسباب التي لا تدفع إلى التفاؤل بالحلقة الجديدة من مسلسل المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية، هي عدم تغير الوجوه الفلسطينية، والأميركية، والإسرائيلية التي تدير العملية. كما عدم تغير طريقة التفاوض، وعدم تغير آليات صنع القرار فيها.
أولا، يصرّ الأميركيون أن تكون المفاوضات سرية كالعادة، مع أنّ العالم كله يعرف ما هي نقاط الاتفاق والاختلاف في المواقف. وثانيا، ما تزال الفكرة ذاتها قائمة؛ تجزئة المُجزأ. وهذا ما حدث مع أسرى يُفترض أنّه أُطلق سراحهم منذ 20 عاما عندما وقعت "أوسلو"، وتقرر الآن تجزئة إطلاق سراحهم، وبالتالي إخضاع ذلك للتفاوض المستمر، بدلا من الحديث عن قضايا الحل النهائي الحقيقية. وثالثا، يجب أن تتم المفاوضات بالوجوه نفسها. ربما سيتم تبرير ذلك بأن يُكملوا عملا بدأوه.
في جميع الأحوال، تتم إحالة من يفشل في عمل ما إلى التقاعد، إلا في المفاوضات الفلسطينية؛ لا يتقاعد المفاوض إلا ربما إذا نجح، وهو لا ينجح. وقد يُبعَد لأسباب أخرى لا علاقة لها بفشله أو نجاحه في التفاوض. وينطبق هذا على المفاوض (الوسيط) الأميركي والمفاوض الفلسطيني، بشكل خاص.
يثير تعيين مارتن إنديك مبعوثا أميركيا لعملية المفاوضات الراهنة، تساؤلا عن الهدف الأميركي من ذلك. لقد بدأ إنديك حياته باحثا في لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية-الأميركية "إيباك"، وهي جماعة مناصرة إسرائيل الأقوى في الولايات المتحدة. كما أنه مؤسس في معهد "واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"؛ المناصر لإسرائيل. وهو نائب رئيس معهد بروكنغز المؤيد لإسرائيل، والسفير السابق في إسرائيل. كما يشغل عضوية كل من صندوق إسرائيل الجديدة، ومركز دراسات الأمن القومي في إسرائيل، وعضو استشاري في معهد الديمقراطية في إسرائيل.
المنطق خلف هذا كلّه أنّه أقدر على مخاطبة الإسرائيليين، وأنه يعرفهم جيداً. بكلمات أخرى، سيكون في أحسن الأحوال وسيطا جيدا بين البيت الأبيض ووزير الخارجية الأميركي، والإسرائيليين.
في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما الأولى، لعب دينس روس، التوأم السياسي لإنديك والذي يحمل سيرة ذاتية مشابهة، دورا بعد دخوله البيت الأبيض في الحط من شأن فكرة أوباما بضرورة تجميد الاستيطان الإسرائيلي، وقال إنّها كانت مشورة خاطئة ممن اقترح على الرئيس ذلك. وبدأ روس من موقعه مساعدا للرئيس أوباما لشؤون الشرق الأوسط بلعب دور في المفاوضات. والنتيجة، استقالة جورج ميتشيل، مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط غاضبا، وفشل جهود التسوية.
ما معنى تكرار ذات النمط من التعيينات؟ المعنى أنّ الإدارة الأميركية مصرّة على السياسة بالغة النعومة، حد الاستجداء من الحكومة الإسرائيلية، ومحاولة العثور عمّن لا يُغضب الإسرائيليين، ويعرف الحديث معهم. فلن يتغير الخطاب الأميركي، ولا الأدوات.
هناك سياسيون آخرون لديهم اطلاع ومعرفة في الشأن التفاوضي، أكثر موضوعية من إنديك، فلماذا لا يمكن رؤية أحدهم يقود الجهد الأميركي للتفاوض، وشريك في ذلك لإحداث توازن؟ فمثلا، روبرت مالي كان مساعداً خاصاً للرئيس الأسبق بيل كلينتون للشؤون العربية-الإسرائيلية، وهو خبير في هذه الشؤون كتب فيها مراراً، فلماذا تستبعد هذه النوعية؟ طبعاً السبب معروف، وهو أنّ مالي رفض تحميل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مسؤولية فشل مفاوضات كامب ديفيد العام 2000، وكتب يوضّح حقيقة ما حصل. في المقابل، حمّل روس وإنديك عرفات مسؤولية الفشل، وعَمِلا على ترويج فكرة ضرورة تغييره.
ولعل المبرر الذي قاله جون كيري لتعيين إنديك يزيد من توضيح كيف يعزز التعيين فرضية عبثية التفاوض. فقد قال "إنّه يعرف ما الذي يمكن أن ينجح وما الذي قد لا ينجح". والواقع أنّ الاستشارات التي كانت قد قُدمت في الماضي للرئيس كلينتون حول ما الذي يمكن أن يقبله الفلسطينيون كانت أحد عوامل فشل كامب ديفيد، عندما اقتنع كلينتون أن الفلسطينيين يمكن أن يتنازلوا أكثر، وفوجئ بالعكس.
لا يعني تعيين إنديك؛ الإسرائيلي القلب والقالب، واليهودي الصهيوني، إلا إصرارا على العملية بشروطها التي أدت إلى فشلها في الماضي. وهذا سيؤدي، من بين أمور أخرى، إلى انخفاض مستوى التوقعات والتأييد لهذه المفاوضات؛ على المستوى الشعبي، وعلى مستوى المحللين والمراقبين السياسيين.
أولا، يصرّ الأميركيون أن تكون المفاوضات سرية كالعادة، مع أنّ العالم كله يعرف ما هي نقاط الاتفاق والاختلاف في المواقف. وثانيا، ما تزال الفكرة ذاتها قائمة؛ تجزئة المُجزأ. وهذا ما حدث مع أسرى يُفترض أنّه أُطلق سراحهم منذ 20 عاما عندما وقعت "أوسلو"، وتقرر الآن تجزئة إطلاق سراحهم، وبالتالي إخضاع ذلك للتفاوض المستمر، بدلا من الحديث عن قضايا الحل النهائي الحقيقية. وثالثا، يجب أن تتم المفاوضات بالوجوه نفسها. ربما سيتم تبرير ذلك بأن يُكملوا عملا بدأوه.
في جميع الأحوال، تتم إحالة من يفشل في عمل ما إلى التقاعد، إلا في المفاوضات الفلسطينية؛ لا يتقاعد المفاوض إلا ربما إذا نجح، وهو لا ينجح. وقد يُبعَد لأسباب أخرى لا علاقة لها بفشله أو نجاحه في التفاوض. وينطبق هذا على المفاوض (الوسيط) الأميركي والمفاوض الفلسطيني، بشكل خاص.
يثير تعيين مارتن إنديك مبعوثا أميركيا لعملية المفاوضات الراهنة، تساؤلا عن الهدف الأميركي من ذلك. لقد بدأ إنديك حياته باحثا في لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية-الأميركية "إيباك"، وهي جماعة مناصرة إسرائيل الأقوى في الولايات المتحدة. كما أنه مؤسس في معهد "واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"؛ المناصر لإسرائيل. وهو نائب رئيس معهد بروكنغز المؤيد لإسرائيل، والسفير السابق في إسرائيل. كما يشغل عضوية كل من صندوق إسرائيل الجديدة، ومركز دراسات الأمن القومي في إسرائيل، وعضو استشاري في معهد الديمقراطية في إسرائيل.
المنطق خلف هذا كلّه أنّه أقدر على مخاطبة الإسرائيليين، وأنه يعرفهم جيداً. بكلمات أخرى، سيكون في أحسن الأحوال وسيطا جيدا بين البيت الأبيض ووزير الخارجية الأميركي، والإسرائيليين.
في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما الأولى، لعب دينس روس، التوأم السياسي لإنديك والذي يحمل سيرة ذاتية مشابهة، دورا بعد دخوله البيت الأبيض في الحط من شأن فكرة أوباما بضرورة تجميد الاستيطان الإسرائيلي، وقال إنّها كانت مشورة خاطئة ممن اقترح على الرئيس ذلك. وبدأ روس من موقعه مساعدا للرئيس أوباما لشؤون الشرق الأوسط بلعب دور في المفاوضات. والنتيجة، استقالة جورج ميتشيل، مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط غاضبا، وفشل جهود التسوية.
ما معنى تكرار ذات النمط من التعيينات؟ المعنى أنّ الإدارة الأميركية مصرّة على السياسة بالغة النعومة، حد الاستجداء من الحكومة الإسرائيلية، ومحاولة العثور عمّن لا يُغضب الإسرائيليين، ويعرف الحديث معهم. فلن يتغير الخطاب الأميركي، ولا الأدوات.
هناك سياسيون آخرون لديهم اطلاع ومعرفة في الشأن التفاوضي، أكثر موضوعية من إنديك، فلماذا لا يمكن رؤية أحدهم يقود الجهد الأميركي للتفاوض، وشريك في ذلك لإحداث توازن؟ فمثلا، روبرت مالي كان مساعداً خاصاً للرئيس الأسبق بيل كلينتون للشؤون العربية-الإسرائيلية، وهو خبير في هذه الشؤون كتب فيها مراراً، فلماذا تستبعد هذه النوعية؟ طبعاً السبب معروف، وهو أنّ مالي رفض تحميل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مسؤولية فشل مفاوضات كامب ديفيد العام 2000، وكتب يوضّح حقيقة ما حصل. في المقابل، حمّل روس وإنديك عرفات مسؤولية الفشل، وعَمِلا على ترويج فكرة ضرورة تغييره.
ولعل المبرر الذي قاله جون كيري لتعيين إنديك يزيد من توضيح كيف يعزز التعيين فرضية عبثية التفاوض. فقد قال "إنّه يعرف ما الذي يمكن أن ينجح وما الذي قد لا ينجح". والواقع أنّ الاستشارات التي كانت قد قُدمت في الماضي للرئيس كلينتون حول ما الذي يمكن أن يقبله الفلسطينيون كانت أحد عوامل فشل كامب ديفيد، عندما اقتنع كلينتون أن الفلسطينيين يمكن أن يتنازلوا أكثر، وفوجئ بالعكس.
لا يعني تعيين إنديك؛ الإسرائيلي القلب والقالب، واليهودي الصهيوني، إلا إصرارا على العملية بشروطها التي أدت إلى فشلها في الماضي. وهذا سيؤدي، من بين أمور أخرى، إلى انخفاض مستوى التوقعات والتأييد لهذه المفاوضات؛ على المستوى الشعبي، وعلى مستوى المحللين والمراقبين السياسيين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء