موافقة إسرائيل على استئناف المفاوضات تكسبها وقتا ودعما

02.08.2013 10:06 AM
وطن للانباء - رويترز: ضغوط من واشنطن وقلق بشأن مكانتها الدولية وتوجس من الاضطرابات في الشرق الاوسط كانت كلها من الاسباب الكثيرة التي دفعت اسرائيل للعودة الى محادثات السلام مع الفلسطينيين هذا الاسبوع بعد أن توقفت لمدة ثلاث سنوات.

ظاهريا لم يجد الاسرائيليون أسبابا تذكر للعودة سريعا الى المفاوضات فالوضع الراهن في الاراضي الفلسطينية المحتلة متماسك كما أن مسألة ما يعرف باسم عملية السلام سقطت من الاجندة السياسية المحلية الى حد كبير.

لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ربما أدرك أنه لا يمكنه تجاهل جهود الولايات المتحدة الرامية لاحياء المحادثات وأقر بأن الاليات المضطربة في المنطقة تجعل التواصل مع الفلسطينيين مجديا.

وقال نتنياهو لمجلس الوزراء الاسرائيلي يوم الاحد قبل أن يقرر استئناف المحادثات: استئناف العملية الدبلوماسية في هذا الوقت مهم لدولة اسرائيل لمحاولة انهاء الصراع وبالنظر الى الواقع المعقد في منطقتنا خاصة التحديات الامنية من سوريا وايران.

وانهارت الجولة السابقة من المفاوضات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة بعد أن بدأت في 2010 بسبب خلاف حول استمرار البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية على أراض يريدها الفلسطينيون جزءا من دولتهم في المستقبل.

وعلى الرغم من استمرار رفض نتنياهو لمطالب الفلسطينيين بوقف البناء فانه وافق على الافراج عن 104 سجناء من الفلسطينيين كبادرة حسن نوايا مما أدى الى انتقادات شديدة من حلفائه اليمينيين الذين يقولون ان هذا الامر سيشجع الارهاب.

ويشير تقديم نتنياهو لهذا التنازل السياسي الحساس الى أنه يقع تحت ضغط هائل من وزير الخارجية الامريكي جون كيري الذي زار المنطقة ست مرات في غضون خمسة أشهر فقط في محاولة لاحياء عملية السلام المتعثرة.

وقال عاموس يدلين وهو رئيس سابق للاستخبارات العسكرية الاسرائيلية ويترأس حاليا معهد أبحاث الامن القومي : لم يرد أحد أن يخسر لعبة القاء اللوم لذلك ذهبنا الى واشنطن.

والامر نفسه ينطبق على الرئيس محمود عباس. وقد يسفر هذا الضغط عن تقدم حيث قال مسؤول اسرائيلي طلب عدم ذكر اسمه لرويترز "من يحبط خطط الامريكيين سيدفع الثمن".

لكن سياسة لي الذراع الامريكية وحدها لا تفسر قرار نتنياهو العودة لطاولة المفاوضات بشكل كامل. فالاضطرابات في المنطقة لعبت دورا مهما أيضا.

خلال السنوات الثلاث التي أعقبت اخر مسعى فاشل لتحقيق السلام انقلب العالم العربي رأسا على عقب بانتفاضات غيرت شكل الشرق الاوسط.

ولم تتحدد معالم الانتفاضة خاصة في سوريا ومصر لذا حث سياسيون اسرائيليون كثيرون نتنياهو على عدم فعل أي شيء وانتظار مرور العاصفة الامر الذي بدا أنه استراتيجيته المفضلة حتى الان.

لكن ايتامار رابينوفيتش السفير الاسرائيلي السابق في واشنطن قال ان رئيس الوزراء لا يمكنه التظاهر بأن اسرائيل ليست جزءا من الشرق الاوسط وعليه أن يحاول احلال بعض الهدوء والنظام وسط الفوضى. وأضاف : انعدام الاستقرار في الشرق الاوسط يلعب دورا معقدا ومتناقضا. ان تقديم تنازلات تتعلق بالاراضي أصعب لكن على الناحية الاخرى فان اسرائيل تريد أن تكن لاعبا في منطقة تشهد مثل هذه التغيرات الكبيرة.

ولكي تفعل هذا يجب عليها أن تتفاوض مع الفلسطينيين.

ومنذ اندلاع الانتفاضات الشعبية في العالم العربي في أواخر 2010 أصبح الغموض هو الشيء الوحيد تقريبا الذي يمكن لاسرائيل الاعتماد عليه ليجلب لها مكاسب على المدى القصير ومخاوف على المدى البعيد.

ووقعت اسرائيل اتفاقية سلام مع مصر قبل ثلاثة عقود وهي في حالة حرب باردة مستقرة مع سوريا منذ فترة طويلة لكن الاضطرابات أضرت كثيرا بالدولتين العربيتين.
ورغم صمت المسؤولين الاسرائيليين حيال التغيرات الاخيرة في مصر فانهم ارتاحوا دون شك لعودة الجيش المصري الى المشهد وعزل الرئيس الاسلامي السابق محمد مرسي مما يضعف حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة.

كما أن الحرب الاهلية في سوريا تجعل اسرائيل تسترخي لتتابع التخلص ممن كان عدوا قويا لها في يوم من الايام.

لكن الفوضى سمحت لمسلحين جهاديين بالنشاط في جبهتين ظلتا هادئتين في السابق وزرعت بذور اضطرابات محتملة في الاردن الدولة العربية الاخرى التي أبرمت اتفاقية سلام مع اسرائيل.

وبناء على هذا قال يوسي بيلين مهندس اتفاقات أوسلو عام 1993 مع الفلسطينيين ان الوقت مناسب لمحاولة انهاء الصراع مع الفلسطينيين.

وأضاف: عندما ترى كل هذه الازمات من حولنا فانه يمكننا أن نخلق مع الفلسطينيين والاردنيين ومع المصريين في المستقبل مجموعة من الدول المسالمة التي تفهم أهمية السلام والتعاون ويكون لها تأثير في المنطقة بأسرها.

وعبر دبلوماسيون في الاتحاد الاوروبي عن الامر نفسه وزاد الاتحاد من الضغوط على نتنياهو للعودة الى المحادثات عندما أعلن هذا الشهر أنه سيقطع المساعدات المالية عن الجماعات الاسرائيلية التي تعمل في الاراضي المحتلة الامر الذي نبه اسرائيل الى أن صبر الاتحاد الاوروبي ينفد.

وقال رابينوفيتش : خلال الشهور القليلة الماضية أصبح ثمن استمرار الوضع الراهن أوضح بكثير أمام نتنياهو وفي فترته الثالثة ربما يكون قد فكر في تاريخه.

وعند الحديث عن التاريخ فان حلفاء نتنياهو يقولون ان تركيزه الاكبر ينصب دائما على التصدي للبرنامج النووي الايراني. وقال نتنياهو نفسه لحكومته يوم الاحد ان المخاوف بشأن ايران تؤثر مباشرة على صنع قراراته فيما يتعلق بالفلسطينيين.

وفي هذا السياق قال محللون ان اسرائيل لا يمكنها المجازفة باثارة ضيق الولايات المتحدة باحباط جهود كيري التي لم يسبق لها مثيل.

وقال عوزي رابي رئيس مركز موشي ديان لدراسات الشرق الاوسط : وضع نتنياهو ايران في الاعتبار وأقدم على خطوة محسوبة للغاية لضمان بعض التأييد الامريكي في خطوات ملموسة وفاصلة أكثر تتعلق بالشأن الايراني.
تصميم وتطوير