خطة كيري المتوازية مع المفاوضات:د.أحمد جميل عزم
31.07.2013 12:25 PM
يبدو أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، سيعمل بموازاة عملية التفاوض الفلسطيني-الإسرائيلي على نهج يعتمد على التغيير في البيئة التفاوضية، تحسبا لفشل المفاوضات، وبهدف تزويدها بقدر من الوقود والطاقة، من خلال خطوات تتوازى مع هذه المفاوضات، وليست جزءا من قضاياها الأساسية. وبقدر ما قد يحقق هذا مكاسب ممكنة للجانب الفلسطيني، بقدر ما يحمل خطراً.
يُفيد الخبر الذي نشرته "الغد" أمس للزميلة تغريد الرشق، نقلا عن مصدر دبلوماسي، بوجود توجه لأن "تحوز الدولة الفلسطينية على عضوية خمس منظمات دولية في الأمم المتحدة"، وأنها قد "تترأس اجتماعا في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك كدولة مراقبة"، ما اعتبره المصدر مؤشرا على "تأهيل الكيان الفلسطيني بطريقة معينة". هذا المصدر كان يتحدث عن نتائج ومجريات لقاء الوفد الوزاري العربي مع وزير الخارجية كيري، منتصف الشهر الماضي في عمّان، ما يعطي انطباعاً أن تقدم التمثيل الفلسطيني الدولي قد يكون بقبول أميركي، وربما صمت إسرائيلي، أو على الأقل بدون رفض حاد.
بالطبع، لا يمكن التعويل كثيرا على هذا الاستنتاج؛ إذ حتى المرجعية الإسرائيلية تثير التساؤل. فكون تسيبي ليفني، رئيسة حزب "الحركة"، هي التي تقود المفاوضات، يثير تساؤلا مفاده: هل تعبر ليفني عن وجهة نظرها في التسوية، وهل تتفق معها مجمل الحكومة الإسرائيلية، وهل ما ستتوصل له مقبول من عتاة الحكومة في حزبي "الليكود" و"البيت اليهودي"؟
على أنّه إذا أخذنا بالاعتبار هذا التوجه، لو اتضحت صحته، مضافا إليه حديث كيري المتكرر عن مشاريع اقتصادية كبيرة في الضفة الغربية وربما قطاع غزة، لاتضح أنّنا نتحدث عن عملية متوازية، فيها مفاوضات قد تتقدم وقد تتعثر، ولكن إلى جانبها هناك خطوات دبلوماسية متناثرة، تُشعر الفلسطينيين بتحسن موقفهم الدولي، وبدلا من أن يخشوا العقاب الاقتصادي وتوقف المانحين هذه المرة، فإنهم سيحصلون على تسهيلات اقتصادية، وربما مشاريع جديدة.
هذه صورة قد تبدو للبعض متفائلة، بل وجزءاً من "تحلية" المفاوضات. ولكن الحقيقة أنّها ليست كذلك. فكل الخطوات التي لا تتضمن انحسارا فعلياً للاحتلال، تثير مخاوف بأنها لا تعني شيئا سوى التغطية على استكمال المشروع الاستيطاني الصهيوني.
الحديث عن مشروعات اقتصادية بدون سيادة، لا يعني سوى علاقات تبعية للاحتلال. فهذه المشروعات بدون حرية حركة البضائع والأفراد لا معنى لها؛ إذ لا يمكن القيام بزراعة أو صناعة أو سياحة تحت الاحتلال. ستكون هناك سياحة فلسطينية عندما يكون الفلسطينيون أصحاب القرار بمنح تأشيرات الدخول، وليس قبل هذا؛ وستكون هناك زراعة عندما يكون المزارع الفلسطيني لديه حرية استخراج مياهه من بئره؛ ولا معنى لمنطقة صناعية بدون قدرة على تحديد واستيراد المواد الخام والوقود وتصدير المنتجات بدون قرار إسرائيلي.
ومدينة صناعية مشتركة مع الإسرائيليين ستدور في فلك التبعية للاقتصاد الاسرائيلي، وتعميق الارتباط العضوي مع الاحتلال في علاقة غير ندية، يتحول فيها الفلسطيني إلى عامل لدى الاقتصاد الإسرائيلي، ويكون هناك وكلاء وشركاء للاحتلال من رجال أعمال فلسطينيين.
التوازي إن حصل يجب أن يتخذ طابعا سريعا، وبدون أن يكون جزءا من المساومات التفاوضية، فيحقق نتائج سريعا. ومن المطالب التي ربما يجدر التركيز عليها، ومن الغريب أن لا تُثار، مسألة العودة إلى القدس الشرقية. فالتوازي يجب أن يتضمن مثلا التزام الإسرائيليين بما وافقوا عليه إبّان اتفاقيات أوسلو، من عدم التعرض للمؤسسات الفلسطينية هناك؛ فلماذا لا يجري، مثلا، فتح "بيت الشرق" مجددا في المدينة؟ التوازي يجب أن يتضمن قرارات محددة تتصل بالانفصال عن الاحتلال. وبعض الخطوات هي استحقاقات لا علاقة لها بالمفاوضات على الحل النهائي.
الخشية من فكرة التوازي في الاقتصاد والدبلوماسية أن تصبح بديلا للتفاوض، وتسويغاً لاستمرار حالة من المراوحة في المكان، بدون ثمرة للمفاوضات وبدون بديل لها. بل وإذا حدث هذا، سيسعى الطرف الأميركي-الإسرائيلي إلى أن يصبح التوازي ثلاثيا؛ بفتح خط علاقات إسرائيلية-عربية، يسير بجانب المفاوضات والمشاريع الاقتصادية، وستكون الذريعة إسهام العرب في تنمية الفلسطينيين، والنتيجة دخول العلاقات الإسرائيلية-العربية طورا تطبيعيا جديدا.
يُفيد الخبر الذي نشرته "الغد" أمس للزميلة تغريد الرشق، نقلا عن مصدر دبلوماسي، بوجود توجه لأن "تحوز الدولة الفلسطينية على عضوية خمس منظمات دولية في الأمم المتحدة"، وأنها قد "تترأس اجتماعا في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك كدولة مراقبة"، ما اعتبره المصدر مؤشرا على "تأهيل الكيان الفلسطيني بطريقة معينة". هذا المصدر كان يتحدث عن نتائج ومجريات لقاء الوفد الوزاري العربي مع وزير الخارجية كيري، منتصف الشهر الماضي في عمّان، ما يعطي انطباعاً أن تقدم التمثيل الفلسطيني الدولي قد يكون بقبول أميركي، وربما صمت إسرائيلي، أو على الأقل بدون رفض حاد.
بالطبع، لا يمكن التعويل كثيرا على هذا الاستنتاج؛ إذ حتى المرجعية الإسرائيلية تثير التساؤل. فكون تسيبي ليفني، رئيسة حزب "الحركة"، هي التي تقود المفاوضات، يثير تساؤلا مفاده: هل تعبر ليفني عن وجهة نظرها في التسوية، وهل تتفق معها مجمل الحكومة الإسرائيلية، وهل ما ستتوصل له مقبول من عتاة الحكومة في حزبي "الليكود" و"البيت اليهودي"؟
على أنّه إذا أخذنا بالاعتبار هذا التوجه، لو اتضحت صحته، مضافا إليه حديث كيري المتكرر عن مشاريع اقتصادية كبيرة في الضفة الغربية وربما قطاع غزة، لاتضح أنّنا نتحدث عن عملية متوازية، فيها مفاوضات قد تتقدم وقد تتعثر، ولكن إلى جانبها هناك خطوات دبلوماسية متناثرة، تُشعر الفلسطينيين بتحسن موقفهم الدولي، وبدلا من أن يخشوا العقاب الاقتصادي وتوقف المانحين هذه المرة، فإنهم سيحصلون على تسهيلات اقتصادية، وربما مشاريع جديدة.
هذه صورة قد تبدو للبعض متفائلة، بل وجزءاً من "تحلية" المفاوضات. ولكن الحقيقة أنّها ليست كذلك. فكل الخطوات التي لا تتضمن انحسارا فعلياً للاحتلال، تثير مخاوف بأنها لا تعني شيئا سوى التغطية على استكمال المشروع الاستيطاني الصهيوني.
الحديث عن مشروعات اقتصادية بدون سيادة، لا يعني سوى علاقات تبعية للاحتلال. فهذه المشروعات بدون حرية حركة البضائع والأفراد لا معنى لها؛ إذ لا يمكن القيام بزراعة أو صناعة أو سياحة تحت الاحتلال. ستكون هناك سياحة فلسطينية عندما يكون الفلسطينيون أصحاب القرار بمنح تأشيرات الدخول، وليس قبل هذا؛ وستكون هناك زراعة عندما يكون المزارع الفلسطيني لديه حرية استخراج مياهه من بئره؛ ولا معنى لمنطقة صناعية بدون قدرة على تحديد واستيراد المواد الخام والوقود وتصدير المنتجات بدون قرار إسرائيلي.
ومدينة صناعية مشتركة مع الإسرائيليين ستدور في فلك التبعية للاقتصاد الاسرائيلي، وتعميق الارتباط العضوي مع الاحتلال في علاقة غير ندية، يتحول فيها الفلسطيني إلى عامل لدى الاقتصاد الإسرائيلي، ويكون هناك وكلاء وشركاء للاحتلال من رجال أعمال فلسطينيين.
التوازي إن حصل يجب أن يتخذ طابعا سريعا، وبدون أن يكون جزءا من المساومات التفاوضية، فيحقق نتائج سريعا. ومن المطالب التي ربما يجدر التركيز عليها، ومن الغريب أن لا تُثار، مسألة العودة إلى القدس الشرقية. فالتوازي يجب أن يتضمن مثلا التزام الإسرائيليين بما وافقوا عليه إبّان اتفاقيات أوسلو، من عدم التعرض للمؤسسات الفلسطينية هناك؛ فلماذا لا يجري، مثلا، فتح "بيت الشرق" مجددا في المدينة؟ التوازي يجب أن يتضمن قرارات محددة تتصل بالانفصال عن الاحتلال. وبعض الخطوات هي استحقاقات لا علاقة لها بالمفاوضات على الحل النهائي.
الخشية من فكرة التوازي في الاقتصاد والدبلوماسية أن تصبح بديلا للتفاوض، وتسويغاً لاستمرار حالة من المراوحة في المكان، بدون ثمرة للمفاوضات وبدون بديل لها. بل وإذا حدث هذا، سيسعى الطرف الأميركي-الإسرائيلي إلى أن يصبح التوازي ثلاثيا؛ بفتح خط علاقات إسرائيلية-عربية، يسير بجانب المفاوضات والمشاريع الاقتصادية، وستكون الذريعة إسهام العرب في تنمية الفلسطينيين، والنتيجة دخول العلاقات الإسرائيلية-العربية طورا تطبيعيا جديدا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء