د.عقل أبو قرع يكتب لـوطن: حول دور المستهلك في منع رفع الاسعار!!

24.06.2022 11:11 AM

 

مع تواصل دوامة ارتفاع الاسعار وبالأخص للسلع الاساسية، ومع ما يدفعه المستهلك من ثمن لم يعد علية تحمله، ومع عدم نجاح اجراءات الحكومة حتى الان في التحكم في الاسواق كما تم التعهد به، وبالاخص في مراقبة الاسعار الاسترشادية ولسلع استهلاكية اساسية، واحالة المخالفين الى القضاء، في ظل كل ذلك هناك دعوات للمستهلك بمقاطعة الشراء ولو لفترة محدودة، وبالتالي القاء الكرة في ملعب المستهلك، والذي ورغم أهمية دورة، فإنه هو في المحصلة من يتم تحميلة تبعات ارتفاع الاسعار أو عدم النجاح في الحد من ارتفاعها.

وبدون شك فإن من المسؤول عن ارتفاع الاسعار أو عن عدم التعامل معها بالشكل الملائم هي الجهات الرسمية، التي من المفترض أن تحدد اسعار منطقية أو استرشادية وتراقب الاسواق وتحاسب من يتلاعب بالاسعار، وهذه الجهات من المفترض أن تقوم بدور أكبر مما تقوم به الآن، وبأن تتضافر جهود وطاقات الجهات المختلفة الفاعلة في هذا الصدد، وبأن يتم تطبيق قوانين واجراءات رادعه، وبأن يرى المستهلك هذه الاجراءات أو على الاقل يلمس ولو بدرجة ما التحكم في الاسعار.

وبدون شك كذلك، فأن هناك دورا هاما للمستهلك، والذي وفي فترات ماضية وفي ظل التخبط في موضوع الاسعار، لعب دورا هاما في تحديد بوصلة ارتفاع الاسعار، حيث أن اقبال المستهلك على المتاجر الكبيرة ذات الاسعار المنخفضة وبالاخص لسلع أساسية له ولافراد عائلته، قد أدى الى ابطاء وتيرة ارتفاع الاسعار أو الحد منها، وحتى أن بعض محلات بيع اللحوم والدواجن أضحت على الاستعداد للمنافسة والبيع بأسعار مراكز التسويق الكبيرة، والعامل الحاسم في ظل ذلك هو تصرف المستهلك، ألذي اثبت أن له دورا هاما في تحديد سقف الاسعار والحفاظ عليها.

وبالاضافة الى اقبال المستهلك على مراكز التسويق ذات الاسعار المنخفضة، فإن المستهلك يستطيع التحكم بالاسعار من خلال ترشيد الشراء أو الاستهلاك، أي العمل وبشكل مدروس على تقليل الطلب وفي ظل ارتفاع العرض تنخفض الاسعار، أي أن ابتعاد المستهلك عن التسوق الجشع إن جاز التعبير وبالاخص في بداية مناسبات مثل عيد الاضحى القادم خلال اسابيع، سوف يحد من جشع التاجر أو صاحب المحل في رفع الاسعار، ومثل هكذا تصرفات وممارسات حدثت في الماضي وكان للمستهلك دورا هاما في ذلك.
وارتفاع الاسعار بحد ذاته يعني الارهاق المتواصل للمستهلك الفلسطيني، ومن كل جانب وما لذلك من نتائج وانعكاسات قد تكون وخيمة على الكثير من الافراد والعائلات الفلسطينية، وخاصة حين يكون الارتفاع يشمل سلع اساسية لا غنى له عنها، وترتبط بسلع اخرى، وحين ترتفع اسعار بعض المنتجات، من المحتمل ان يبدأ المستهلك الفلسطيني بالاقبال على منتجات اقل سعرا ولكنها أقل جوده أو سلامه، وهذا حدث في الماضي.

وحين الحديث عن ارتفاع الاسعار هذه الايام، ومهما تحدثنا عن اقتصاد السوق، وعن العرض والطلب، وعن التقلبات الجوية او التغيرات المناخية، وعن الظروف السياسية وعن الحرب في اوكرانيا، وعن التحكم في المعابر والحدود، وما الى ذلك، من امور يمكن ان تساهم في ارتفاع الاسعار، الا انه لا يعقل ان تضاهي الاسعار عندنا،  الاسعار في الكثير من الدول، التي يبلغ دخل الفرد السنوي فيها، اضعاف واضعاف ما عندنا، وهذا يتطلب تغيير جذري وجدي في سياسة الجهات الرسمية، وهذا يتطلب المراقبة الجدية، وهذا يتطلب المحاسبة الصارمة لجشع بعض التجار، ونحن نعرف ان نسب الفقر والبطالة في بلادنا هما في ازدياد مضطرد.

ورغم صدور قائمة الاسعار الاسترشادية من قبل وزارة الاقتصاد في هذه الفترة او في فترات ماضية، الا ان غياب اشهار الاسعار او اظهارها على السلعة، سواء في حسبة الخضار او في المحلات التجارية، وعدم فعالية حملات التفتيش والرقابة وذلك لعدم كفاية الطواقم او قلة الامكانيات، وكذلك ضعف ردع القوانين وعدم تطبيق قانون حماية المستهلك الفلسطيني لعام 2005 في هذا الصدد، سوف يبقي الاسعار ترتفع حسب شهية بعض المستهلكين غير المبالين، وحسب مزاج او مستوى جشع التاجر او المزارع او المورد.

ومع الامل أن تزداد حملات تخفيض الاسعار في مراكز التسوق الكبيرة وبالتالي تحد من ارتفاع الاسعار عند الاخرين ، فأنه يجب التأكيد على الدور الهام الذي  يستطيع أن يلعبه المستهلك في التحكم بالاسعار، وهذه نقطة مهمة لتبيان لماذا ترتفع الاسعار وبشكل كبير في اوقات معينة في السنة، مثلا قبل الاعياد او المناسبات، اي ان اقبال المستهلك وبشكل غير عقلاني على الشراء مثلا ، اي الشراء بالجملة او بشكل غير منطقي، هذا الاقبال يؤدي الى رفع الاسعار بشكل كبير وغير مبرر وغير مسؤول، وبالتالي يتحمل المستهلك الذي يشتري بهذا الشكل والقادر على ذلك جزء من المسؤولية عن ارتفاع الاسعار، وكذلك مسؤولية الثمن الذي يدفعه المستهلك غير القادر على الشراء، ودعنا نرى نتائج حملة عدم الشراء لفترة معينة لكي نحكم على دور المستهلك وبالتالي البناء على هذا الدور في اجراءات مستقبلية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير