ھﻞ أﺳﺮوا ﻷﺟﻞ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ؟:د.أحمد جميل عزام
24.07.2013 09:53 AM
ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺷﻲء ﺷﻔﺎف ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻔﺎوﺿﯿﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ واﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﯿﻦ. ﺣﺘﻰ وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ اﻷﻣﯿﺮﻛﻲ ﺟﻮن ﻛﯿﺮي، ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻤﺒﺎﺣﺜﺎت ﻣﻐﻠﻘﺔ، وﻛﺄّن ﻣﻦ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ أن ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﺮأي اﻟﻌﺎم واﻟﺪواﺋﺮ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ دور أو ﺣﻖ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﺠﺮي، واﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻓﯿﻪ.
ظهﺮت ﻗﻀﯿﺔ اﻷﺳﺮى أﺛﻨﺎء ﻧﻘﺎﺷﺎت اﻟﻌﻮدة ﻟﻠﺘﻔﺎوض. ورﺑﻤﺎ ﻳﻌﻮد ھﺬا اﻟﻈﮫﻮر إﻟﻰ ﺳﺒﺒﯿﻦ: اﻷول، ﺗﺤﱡﻮل اﻷﺳﺮى ﻣﺆﺧﺮا إﻟﻰ ﻗﻀﯿﺔ رأي ﻋﺎم أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي وﻗﺖ ﻣﻀﻰ، ﺑﻔﻌﻞ اﻷوﺿﺎع ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺴﻮء اﻟﺘﻲ ﻳﻌﯿﺸﻮﻧﮫﺎ، واﺣﺘﺠﺎﺟﺎت اﻷﺳﺮى اﻟﻤﺆﻟﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ إﺿﺮاﺑﺎت ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم. واﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻧﻮع ﻣﻦ إﻧﻘﺎذ ﻣﺎء اﻟﻮﺟﻪ، وﺗﺒﺮﻳﺮ اﻟﻌﻮدة ﻟﻠﻤﻔﺎوﺿﺎت ﺑﺪون وﻗﻒ اﻻﺳﺘﯿﻄﺎن، ﺑﺤﯿﺚ ﻳﻤﻜﻦ اﻻدّﻋﺎء أّن ﻣﻠﻔﺎ ﻣﮫﻤﺎ وذا ﺑﻌﺪ إﻧﺴﺎﻧﻲ وﻋﺎطﻔﻲ ﻗﺪ ﺣﺪث ﻓﯿﻪ ﺗﻘﺪم.
ﻋﺮﻓﻨﺎ ﻣﻤﺎ ﻧُﺸﺮ ﻋﻦ ﺗﻔﺎﺻﯿﻞ ﻧﻘﺎﺷﺎت ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ واﻟﺒﯿﺌﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﻨﯿﺴﯿﺖ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ، أول ﻣﻦ أﻣﺲ، أّن اﻟﺘﻮﺟﻪ، ﻟﺪى اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ، ھﻮ ﻹطﻼق ﺳﺮاح 82 أﺳﯿﺮا ﻣﻤﻦ أﺳﺮوا ﻗﺒﻞ اﺗﻔﺎﻗﯿﺎت أوﺳﻠﻮ. وﺑﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ أّن اﻷﺳﺮى ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ ھﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺌﺔ، ﻓﻘﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أّن اﻟﻤﻘﺼﻮد اﺳﺘﺜﻨﺎء اﻷﺳﺮى ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ اﻟﻌﺎم 1948، واﻟﻘﺪس، وﻣﻦ ﺧﺎرج ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ؛ وإطﻼق ﺳﺮاح أﺳﺮى اﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ وﻏﺰة ﻓﻘﻂ.
ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أّن اﻟﻨﮫﺞ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ھﻮ ﺗﺠﺰﺋﺔ ﻗﻀﯿﺔ اﻷﺳﺮى ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺘﮫﻢ، واﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﻳﺴﻤّﻮﻧﮫﻢ "ﻋﻠﻰ ﻳﺪھﻢ دﻣﺎء"، أي اﻟﺬﻳﻦ أدت ﻣﻘﺎوﻣﺘﮫﻢ ﻟﻘﺘﻞ إﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﯿﻦ، وﺑﯿﻦ اﻷﺳﺮى اﻵﺧﺮﻳﻦ. وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﯿﻦ اﻷﺳﺮى ﺑﺤﺴﺐ ﻓﺼﺎﺋﻠﮫﻢ وأﺻﻮﻟﮫﻢ.
ﺑﺤﺴﺐ أرﻗﺎم ﻗﺴﻢ اﻷﺑﺤﺎث ﻓﻲ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﺴﺠﻮن اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ، ھﻨﺎك 5120 "ﺳﺠﯿﻨﺎ أﻣﻨﯿﺎ ﻓﻲ إﺳﺮاﺋﯿﻞ"، ﻣﻨﮫﻢ 3533 ﻣﺤﻜﻮﻣﺎ، و1589 ﻣﻮﻗﻮﻓﺎ، و138 ﺗﺤﺖ اﻻﻋﺘﻘﺎل اﻹداري. وﻳﺼﻨِﻒ ھﺬا اﻟﻘﺴﻢ اﻷﺳﺮى ﺑﺄّن 2550 ﻣﻨﮫﻢ ﻳﺘﺒﻌﻮن ﺣﺮﻛﺔ "ﻓﺘﺢ"، و1500 ﻟﺤﺮﻛﺔ "ﺣﻤﺎس"، واﻟﺒﻘﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻓﺼﺎﺋﻞ أﺧﺮى. و4269 ﻣﻨﮫﻢ ﻣﻦ اﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ، و400 ﻣﻦ ﻏﺰة، و200 ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ اﻟﻌﺎم 1948 وﻋﺪد ﻣﺸﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺷﺮق اﻟﻘﺪس، وﻋﺸﺮات ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج. واﻟﻤﺤﻜﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﻤﺆﺑﺪات 550، ﻣﻨﮫﻢ 349 ﻣﻦ "ﻓﺘﺢ"، و114 ﻣﻦ "ﺣﻤﺎس"، و60 ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺔاﻟﺠﮫﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ، و27 ﻣﻦ اﻧﺘﻤﺎءات أﺧﺮى.
وﺟﻮد أﺳﺮى ﻣﻨﺬ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ "أوﺳﻠﻮ" ھﻮ ﺧﻄﺄ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻣﻦ أﺧﻄﺎء اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت، ﻟﻢ ﺗﺼﺤﺤﻪ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة ﺑﺈطﻼق ﺳﺮاﺣﮫﻢ ﻋﺒﺮ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ. ﻛﺎن ﺗﻮﻗﯿﻊ اﻻﺗﻔﺎﻗﯿﺔ اﻟﻌﺎم 1993 اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻹطﻼق ﺳﺮاح ﺟﻤﯿﻊ اﻷﺳﺮى ﺣﯿﻨﮫﺎ، وﺣﺘﻰ إن أُطﻠﻖ ﺳﺮاﺣﮫﻢ اﻵن ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻗﺪ ﺧﺴﺮوا ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﻣﻦ أﻋﻤﺎرھﻢ. واﻟﻮﻗﻮع ﻓﻲ ﻓﺦ ﻗﺒﻮل ﺗﺠﺰﺋﺔ اﻷﺳﺮى، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻤﻨﺎطﻖ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤّﺪرون ﻣﻨﮫﺎ، وﺣﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ أﺳﺮى اﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ وﻗﻄﺎع ﻏﺰة، ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ظﻠﻤﺎً ﺗﺎرﻳﺨﯿﺎ ﻟﺒﻘﯿﺔ اﻷﺳﺮى ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ وﻳﻜﺸﻒ ﻛﯿﻒ أّن اﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ﺗﺤﺪد ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ﺑﺤﺪود اﻟﻌﺎم 1967، ﻣﻊ أّن اﻷﺻﻞ أّن ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﻛﻞ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ؛ ﺗﻤﺜﻞ اﻟﺸﺘﺎت ﺑﻼ ﺷﻚ، وﺗﻤﺜﻞ ﺷﺮق اﻟﻘﺪس، وﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ھﻨﺎك ﺻﯿﻐﺔ ﻹﺛﺎرة ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻔﻠﺴﻄﯿﻦ اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ اﻟﻌﺎم 1948 وﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ ھﻨﺎك، واﻷﺳﺮى أﺣﺪ أﺑﺮز ھﺬه اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت. وﻣﻦ ھﻨﺎ، ﻓﺈّن ﻗﺒﻮل ﺗﺠﺰﺋﺔ اﻷﺳﺮى ﺑﺤﺴﺐ ﻣﻌﺎﻳﯿﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﺧﺼﻮﺻﺎً اﻟﺠﻐﺮاﻓﯿﺔ ﻣﻨﮫﺎ، ﻟﻪ دﻻﻻت ﺣﻮل طﺒﯿﻌﺔ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت وﺻﻼﺣﯿﺎت اﻟﻤﻔﺎوض اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻧﯿﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻛﻞ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ، وﻋﻤّﻦ ﻧﺎﺿﻞ ﻷﺟﻠﮫﺎ.
ﻗﺪ ﺗﺆدي اﻟﺒﺮاﻏﻤﺎﺗﯿﺔ إﻟﻰ ﻗﺒﻮل ﺗﺠﺰﺋﺔ ﻗﻀﯿﺔ اﻷﺳﺮى. وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ أّن إطﻼق ﺳﺮاح أي أﺳﯿﺮ ﻣﺪﻋﺎة ﻟﻠﻔﺮح، وﻟﻜﻦ اﻟﺘﺒﻌﺎت ﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ھﺬه اﻟﻘﻀﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﯿﺘﯿﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ وﺧﯿﻤﺔ.
اﺳﺘﻐﻞ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﻮن ﺣﺪﻳﺚ ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت، ورﺑﻤﺎ إطﻼق ﺳﺮاح أﺳﺮى، وطﺎﻟﺒﻮا ﺑﺈطﻼق ﺳﺮاح اﻟﺠﺎﺳﻮس اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن اﻷﻣﯿﺮﻛﯿﺔ ﺟﻮﻧﺎﺛﺎن ﺑﻮﻻرد، ﺑﻞ وطﺎﻟﺐ أﻋﻀﺎء ﻛﻨﯿﺴﯿﺖ أن ﻳﻔﺮج ﻋﻦ ﺑﻮﻻرد ﺑﺪون إطﻼق أﺳﺮى ﻓﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ.
رﻏﻢ أّن اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ذاﺗﮫﺎ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺠﺮى، وﺳﯿﺒﻘﻰ أﻣﺮ اﻧﻌﻘﺎدھﺎ واﺳﺘﻤﺮارھﺎ ﻣﻮﺿﻊ ﺷﻚ داﺋﻤﺎ، إﻻ أّن اﻟﺘﻔﺎوض ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺮى ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﺒﺎدئ ﻣﺘﻌﺪدة، أھﻤﮫﺎ إﻗﻔﺎل ﻣﻠﻔﺎت ﻣﺜﻞ ﻣﻠﻒ أﺳﺮى ﻣﺎ ﻗﺒﻞ "أوﺳﻠﻮ" ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن وﻛﻞ ﻓﺼﯿﻞ، وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻠﻒ اﻻﻋﺘﻘﺎل اﻹداري ﻛﻠﯿّﺎ، وظﺮوف اﻷَﺳﺮ. ﻓﺎﻷﺳﺮى اﻷردﻧﯿﻮن اﻟﻤﻀﺮﺑﻮن ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﻳﻄﺎﻟﺒﻮن ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﺘﺤﺴﯿﻦ ظﺮوف اﻻﻋﺘﻘﺎل ووﻗﻒ اﻻﻧﺘﮫﺎﻛﺎت ﺿﺪھﻢ، وھﺬه ﻛﻠﮫﺎ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﻳﺒﺪو ﻏﺮﻳﺒﺎ أن ﻻ ﺗُﺴﻮى
اﻵن.
وإذا رﻓﺾ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﻮن إطﻼق ﺳﺮاح أﺳﺮى ﺳﻮى أﺳﺮى اﻟﻀﻔﺔ واﻟﻘﻄﺎع اﻵن، ﻓﯿﺼﻌﺐ ﺗﺨﯿﻞُ ﻗﺒﻮﻟﮫﻢ ﺑَِﺤﻖ اﻟﻤﻔﺎوض اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ ﻻﺣﻘﺎ ﺑﺈﺛﺎرة ﻗﻀﯿﺘﮫﻢ
ظهﺮت ﻗﻀﯿﺔ اﻷﺳﺮى أﺛﻨﺎء ﻧﻘﺎﺷﺎت اﻟﻌﻮدة ﻟﻠﺘﻔﺎوض. ورﺑﻤﺎ ﻳﻌﻮد ھﺬا اﻟﻈﮫﻮر إﻟﻰ ﺳﺒﺒﯿﻦ: اﻷول، ﺗﺤﱡﻮل اﻷﺳﺮى ﻣﺆﺧﺮا إﻟﻰ ﻗﻀﯿﺔ رأي ﻋﺎم أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي وﻗﺖ ﻣﻀﻰ، ﺑﻔﻌﻞ اﻷوﺿﺎع ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺴﻮء اﻟﺘﻲ ﻳﻌﯿﺸﻮﻧﮫﺎ، واﺣﺘﺠﺎﺟﺎت اﻷﺳﺮى اﻟﻤﺆﻟﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ إﺿﺮاﺑﺎت ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم. واﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻧﻮع ﻣﻦ إﻧﻘﺎذ ﻣﺎء اﻟﻮﺟﻪ، وﺗﺒﺮﻳﺮ اﻟﻌﻮدة ﻟﻠﻤﻔﺎوﺿﺎت ﺑﺪون وﻗﻒ اﻻﺳﺘﯿﻄﺎن، ﺑﺤﯿﺚ ﻳﻤﻜﻦ اﻻدّﻋﺎء أّن ﻣﻠﻔﺎ ﻣﮫﻤﺎ وذا ﺑﻌﺪ إﻧﺴﺎﻧﻲ وﻋﺎطﻔﻲ ﻗﺪ ﺣﺪث ﻓﯿﻪ ﺗﻘﺪم.
ﻋﺮﻓﻨﺎ ﻣﻤﺎ ﻧُﺸﺮ ﻋﻦ ﺗﻔﺎﺻﯿﻞ ﻧﻘﺎﺷﺎت ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ واﻟﺒﯿﺌﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﻨﯿﺴﯿﺖ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ، أول ﻣﻦ أﻣﺲ، أّن اﻟﺘﻮﺟﻪ، ﻟﺪى اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ، ھﻮ ﻹطﻼق ﺳﺮاح 82 أﺳﯿﺮا ﻣﻤﻦ أﺳﺮوا ﻗﺒﻞ اﺗﻔﺎﻗﯿﺎت أوﺳﻠﻮ. وﺑﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ أّن اﻷﺳﺮى ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ ھﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺌﺔ، ﻓﻘﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أّن اﻟﻤﻘﺼﻮد اﺳﺘﺜﻨﺎء اﻷﺳﺮى ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ اﻟﻌﺎم 1948، واﻟﻘﺪس، وﻣﻦ ﺧﺎرج ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ؛ وإطﻼق ﺳﺮاح أﺳﺮى اﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ وﻏﺰة ﻓﻘﻂ.
ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أّن اﻟﻨﮫﺞ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ھﻮ ﺗﺠﺰﺋﺔ ﻗﻀﯿﺔ اﻷﺳﺮى ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺘﮫﻢ، واﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﻳﺴﻤّﻮﻧﮫﻢ "ﻋﻠﻰ ﻳﺪھﻢ دﻣﺎء"، أي اﻟﺬﻳﻦ أدت ﻣﻘﺎوﻣﺘﮫﻢ ﻟﻘﺘﻞ إﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﯿﻦ، وﺑﯿﻦ اﻷﺳﺮى اﻵﺧﺮﻳﻦ. وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﯿﻦ اﻷﺳﺮى ﺑﺤﺴﺐ ﻓﺼﺎﺋﻠﮫﻢ وأﺻﻮﻟﮫﻢ.
ﺑﺤﺴﺐ أرﻗﺎم ﻗﺴﻢ اﻷﺑﺤﺎث ﻓﻲ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﺴﺠﻮن اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ، ھﻨﺎك 5120 "ﺳﺠﯿﻨﺎ أﻣﻨﯿﺎ ﻓﻲ إﺳﺮاﺋﯿﻞ"، ﻣﻨﮫﻢ 3533 ﻣﺤﻜﻮﻣﺎ، و1589 ﻣﻮﻗﻮﻓﺎ، و138 ﺗﺤﺖ اﻻﻋﺘﻘﺎل اﻹداري. وﻳﺼﻨِﻒ ھﺬا اﻟﻘﺴﻢ اﻷﺳﺮى ﺑﺄّن 2550 ﻣﻨﮫﻢ ﻳﺘﺒﻌﻮن ﺣﺮﻛﺔ "ﻓﺘﺢ"، و1500 ﻟﺤﺮﻛﺔ "ﺣﻤﺎس"، واﻟﺒﻘﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻓﺼﺎﺋﻞ أﺧﺮى. و4269 ﻣﻨﮫﻢ ﻣﻦ اﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ، و400 ﻣﻦ ﻏﺰة، و200 ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ اﻟﻌﺎم 1948 وﻋﺪد ﻣﺸﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺷﺮق اﻟﻘﺪس، وﻋﺸﺮات ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج. واﻟﻤﺤﻜﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﻤﺆﺑﺪات 550، ﻣﻨﮫﻢ 349 ﻣﻦ "ﻓﺘﺢ"، و114 ﻣﻦ "ﺣﻤﺎس"، و60 ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺔاﻟﺠﮫﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ، و27 ﻣﻦ اﻧﺘﻤﺎءات أﺧﺮى.
وﺟﻮد أﺳﺮى ﻣﻨﺬ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ "أوﺳﻠﻮ" ھﻮ ﺧﻄﺄ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻣﻦ أﺧﻄﺎء اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت، ﻟﻢ ﺗﺼﺤﺤﻪ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة ﺑﺈطﻼق ﺳﺮاﺣﮫﻢ ﻋﺒﺮ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ. ﻛﺎن ﺗﻮﻗﯿﻊ اﻻﺗﻔﺎﻗﯿﺔ اﻟﻌﺎم 1993 اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻹطﻼق ﺳﺮاح ﺟﻤﯿﻊ اﻷﺳﺮى ﺣﯿﻨﮫﺎ، وﺣﺘﻰ إن أُطﻠﻖ ﺳﺮاﺣﮫﻢ اﻵن ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻗﺪ ﺧﺴﺮوا ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﻣﻦ أﻋﻤﺎرھﻢ. واﻟﻮﻗﻮع ﻓﻲ ﻓﺦ ﻗﺒﻮل ﺗﺠﺰﺋﺔ اﻷﺳﺮى، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻤﻨﺎطﻖ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤّﺪرون ﻣﻨﮫﺎ، وﺣﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ أﺳﺮى اﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ وﻗﻄﺎع ﻏﺰة، ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ظﻠﻤﺎً ﺗﺎرﻳﺨﯿﺎ ﻟﺒﻘﯿﺔ اﻷﺳﺮى ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ وﻳﻜﺸﻒ ﻛﯿﻒ أّن اﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ﺗﺤﺪد ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ﺑﺤﺪود اﻟﻌﺎم 1967، ﻣﻊ أّن اﻷﺻﻞ أّن ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﻛﻞ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ؛ ﺗﻤﺜﻞ اﻟﺸﺘﺎت ﺑﻼ ﺷﻚ، وﺗﻤﺜﻞ ﺷﺮق اﻟﻘﺪس، وﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ھﻨﺎك ﺻﯿﻐﺔ ﻹﺛﺎرة ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻔﻠﺴﻄﯿﻦ اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ اﻟﻌﺎم 1948 وﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ ھﻨﺎك، واﻷﺳﺮى أﺣﺪ أﺑﺮز ھﺬه اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت. وﻣﻦ ھﻨﺎ، ﻓﺈّن ﻗﺒﻮل ﺗﺠﺰﺋﺔ اﻷﺳﺮى ﺑﺤﺴﺐ ﻣﻌﺎﻳﯿﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﺧﺼﻮﺻﺎً اﻟﺠﻐﺮاﻓﯿﺔ ﻣﻨﮫﺎ، ﻟﻪ دﻻﻻت ﺣﻮل طﺒﯿﻌﺔ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت وﺻﻼﺣﯿﺎت اﻟﻤﻔﺎوض اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻧﯿﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻛﻞ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ، وﻋﻤّﻦ ﻧﺎﺿﻞ ﻷﺟﻠﮫﺎ.
ﻗﺪ ﺗﺆدي اﻟﺒﺮاﻏﻤﺎﺗﯿﺔ إﻟﻰ ﻗﺒﻮل ﺗﺠﺰﺋﺔ ﻗﻀﯿﺔ اﻷﺳﺮى. وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ أّن إطﻼق ﺳﺮاح أي أﺳﯿﺮ ﻣﺪﻋﺎة ﻟﻠﻔﺮح، وﻟﻜﻦ اﻟﺘﺒﻌﺎت ﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ھﺬه اﻟﻘﻀﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﯿﺘﯿﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ وﺧﯿﻤﺔ.
اﺳﺘﻐﻞ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﻮن ﺣﺪﻳﺚ ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت، ورﺑﻤﺎ إطﻼق ﺳﺮاح أﺳﺮى، وطﺎﻟﺒﻮا ﺑﺈطﻼق ﺳﺮاح اﻟﺠﺎﺳﻮس اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن اﻷﻣﯿﺮﻛﯿﺔ ﺟﻮﻧﺎﺛﺎن ﺑﻮﻻرد، ﺑﻞ وطﺎﻟﺐ أﻋﻀﺎء ﻛﻨﯿﺴﯿﺖ أن ﻳﻔﺮج ﻋﻦ ﺑﻮﻻرد ﺑﺪون إطﻼق أﺳﺮى ﻓﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ.
رﻏﻢ أّن اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ذاﺗﮫﺎ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺠﺮى، وﺳﯿﺒﻘﻰ أﻣﺮ اﻧﻌﻘﺎدھﺎ واﺳﺘﻤﺮارھﺎ ﻣﻮﺿﻊ ﺷﻚ داﺋﻤﺎ، إﻻ أّن اﻟﺘﻔﺎوض ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺮى ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﺒﺎدئ ﻣﺘﻌﺪدة، أھﻤﮫﺎ إﻗﻔﺎل ﻣﻠﻔﺎت ﻣﺜﻞ ﻣﻠﻒ أﺳﺮى ﻣﺎ ﻗﺒﻞ "أوﺳﻠﻮ" ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن وﻛﻞ ﻓﺼﯿﻞ، وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻠﻒ اﻻﻋﺘﻘﺎل اﻹداري ﻛﻠﯿّﺎ، وظﺮوف اﻷَﺳﺮ. ﻓﺎﻷﺳﺮى اﻷردﻧﯿﻮن اﻟﻤﻀﺮﺑﻮن ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﻳﻄﺎﻟﺒﻮن ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﺘﺤﺴﯿﻦ ظﺮوف اﻻﻋﺘﻘﺎل ووﻗﻒ اﻻﻧﺘﮫﺎﻛﺎت ﺿﺪھﻢ، وھﺬه ﻛﻠﮫﺎ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﻳﺒﺪو ﻏﺮﻳﺒﺎ أن ﻻ ﺗُﺴﻮى
اﻵن.
وإذا رﻓﺾ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﻮن إطﻼق ﺳﺮاح أﺳﺮى ﺳﻮى أﺳﺮى اﻟﻀﻔﺔ واﻟﻘﻄﺎع اﻵن، ﻓﯿﺼﻌﺐ ﺗﺨﯿﻞُ ﻗﺒﻮﻟﮫﻢ ﺑَِﺤﻖ اﻟﻤﻔﺎوض اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ ﻻﺣﻘﺎ ﺑﺈﺛﺎرة ﻗﻀﯿﺘﮫﻢ
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء