هجرة الأرض والعزوف عن الزراعة.. أسباب عديدة وتداعيات خطيرة

19.06.2022 01:31 PM

وطن- عبد الباسط خلف: تهجر الأيدي العاملة الزراعة يومًا بعد يوم وعلى ما يبدو أنها تواجه مصيرًا صعبًا، في وقت صار الإهمال وهجرة الأرض وعدم رعايتها ظاهرة واضحة للعيان.

ويشكو مزارعون في جنين وطوباس والأغوار الشمالية، وهما المحافظتان الأكبر في الرقعة الخضراء، من قلة الأيدي العاملة، ما يدفعهم إلى إعادة حساباتهم بشأن الاستمرار في هذه المهنة.

فيما يؤكد خبراء ومسؤولون وباحثون أن أسباب هجرة الأرض اجتماعية واقتصادية وسياسية.
تفتح "آفاق البيئة والتنمية" ملف هجرة الحقول وتراجع القوى العاملة في الأرض، وترصد تحليل الظاهرة وانعكاساتها.

مزارع بلا عُمال
يقف المزارع علاّم خلوف وهو صاحب شركة زراعية، بجوار حقله في مرج ابن عامر، ويبوح بحسرته إذ لا يجد عمالًا يساعدونه في قطاف محصول الخيار هذا العام، بالرغم من تعاقده مع عدة عائلات، ودفعه مبالغ لقاء خدمة القطاف فقط، دون الزراعة والري والمتابعة والتعشيب وغيرها من المهام.

ويعزو الرجل أسباب هجرة الأرض إلى البرامج الإغاثية ومنها "العمل مقابل الغذاء"، التي أوجدت حسب رأيه طبقة تريد الحصول على المال دون جهد أو تعب، فتصوّر بعض العمال أن المزارعين أثرياء.

ويتوقع خلوف في حديثه "انحسار الزراعة أكثر وتكبد الفلاحين خسائر باهظة واضطرار بعضهم للتوقف عن العمل"، معرباً عن حزنه لما يشهده من انعدام روح المسؤولية لدى الأجيال الشابة التي تترك الأرض ولا تقدّر قيمتها، بينما تفضّل العمل في الداخل المحتل دون تصاريح موسمية، وتركن إلى البطالة في فترات الإغلاق، حسب قوله.

ويكمل رسم المشهد بأسى: "نمط الزراعة العائلي تبّخر، وأصبح هناك شخص واحد ينتج والبقية تراقبه، فضلاً عن منع القانون تشغيل من هم دون سن الثامنة عشرة، فيما تنخفض أسعار غالبية المنتجات الزراعية، وترتفع مرارًا أسعار مدخلات الإنتاج، ولا ننسى تأثير منافسة السلع إسرائيلية على المنتجات المحلية".

الزيتون "الشجرة المُهملة"
يرى فياض فياض مدير عام مجلس الزيت والزيتون أن هجرة الأرض وتفادي العمل الزراعي تتصل بـعدم جدوى "المردود المادي" وتتأثر سلبًا بزيادة عدد الأيدي العاملة في الداخل المحتل والمستوطنات، مقابل انتشار تجارب محدودة لشبان هنا وهناك ينشطون في استصلاح الأرض الزراعية في نطاق ضيق.

يقول: "إهمال الأرض وقلة خدمتها بما يشمل حراثتها وتعشيبها والعناية بها، أو الجهل بما تحتاجه يُقلل حتمًا من إنتاجيها".
وتطرَّق فياض إلى تجربة تونس حيث يحرث الفلاحون الزيتون في المتوسط ( 10-12 مرة سنويًا)، فيما ارتفع إنتاجها من الزيت من 160 ألف طن إلى 240 ألف في المتوسط؛ بسبب زيادة اهتمامهم بحقولهم، وإضافة 8 عناصر أساسية للتربة، إذ يصل ثمن كيلو الزيت نحو 10 شواقل، لكنها ذات جدوى لغزارة الإنتاج الذي بات يصل إلى 10 أضعافنا.

ووصف ما يحدث من عزوف وإهمال بـ "سياسة ممنهجة" يشرحها بقوله: "الأمر مدروس بعناية ومرتبط بالاحتلال، ويتزامن مع بطالة عالية ترفض العمل في الأرض، وتغيرات في طبيعة العلاقة مع شجرة الزيتون، وترك تربية الثروة الحيوانية، والتوقف عن الاعتماد على الذات الذي كان أهم ما يميز العائلة الفلسطينية، واختفاء العمالة الزراعية التي كانت تشارك فيها النساء بنسبة كبيرة".
وأشار إلى أن نهاية أيلول من كل عام تتزامن مع الأعياد اليهودية وعطلة العمال الإجبارية، فتشهد قطف عمال الداخل لحقولهم قبل نضجها، ما يؤدي إلى فقدان نحو 25% من الإنتاج.

وقدّر فياض متوسط إنتاجية شجرة الزيتون في فلسطين بــ 2-2,5 كغم زيت سنويًا، يقابلها مليون دونم و13 مليون شجرة، وإنتاج 22 ألف طن، وهناك أشجار مخدومة- أي يتم تقليمها بشكل مدروس وحراثة التربة وتسميدها تسميدا طبيعيا بانتظام- تنتج 50 كغم، ما أخرج فلسطين من معادلة إنتاج الزيتون، فأصبحت مصر الأولى عالميًا في زيتون المائدة "الرصيع"، وفي المقابل يغيب منذ ست سنوات الدعم عن قطاع الزيتون الفلسطيني.

ويرثي حال الجهات العاملة في الزراعة لأنها لا تملك مقومات مادية، فيما يعجز مجلس الزيت والزيتون عن تقديم خدماته للمزارعين، كما تغيب الجهات التي تخطط، "وإذ وُجدت لا نرى تنفيذَا، وإذا أرادات جهة ما التنفيذ تتعثر بشح التمويل".

حسابات الربح والخسارة
بدوره، قال محمد جرادات منسق الإغاثة الزراعية في جنين، إن نسبة كبيرة من مالكي الأشجار المثمرة لا يذهبون إلى حقولهم إلا عندما يحين وقت القطاف، وهكذا صارت العلاقة بين الأرض ومالكها مبنية على الربح والخسارة، بعد أن كانت "متينة وروحية " في السابق.

وأشار إلى وجود مساحات شاسعة من الحقول دون أي عناية أو إزالة الأعشاب، ما يتسبب سنويًا باشتعال حرائق عدة.
والمتغير، وفق جرادات، أن قاطفي الزيتون والخيار الربيعي والعاملين في الزراعة كانوا في الماضي يتقاضون ربع المحصول، ثم صاروا يحصلون على ثلثه، واليوم لا يقبلون حتى بنصفه.

وتبعًا لكلامه: "نرى عمالًا يعملون مزارعين في الداخل المحتل بساعات عمل قليلة وبأجر أعلى، ويتجه موظفون وسائقون لأخذ إجازات والعمل في الداخل المحتل بأجر يصل يوميًا إلى 300 شيقل".
ووصف هجرة الأرض بـ "المعقدة والمركبة"، وتتطلب حلولاً جذرية أهمها تحسين العائد الاقتصادي، والانفتاح على سوق العمل الإسرائيلي".

جدير بالذكر أن "الإغاثة" الزراعية ووزارة العمل والبلديات والجمعيات يعكفون على توفير 500 فرصة عمل بدءًا من شهر حزيران الجاري، ومنها فرص لمهندسين زراعيين.

وأشاد جرادات ببرنامج "نجاحها" الذي أُطلق بالتعاون مع مركز العمل التنموي / معًا، ووفرَّ فرصًا لنساء في العمل الزراعي بقيادة مشاريع ريادية كزراعة العكوب، والزنجبيل، والأناناس، وفاكهة التنين، وتربية النحل وغيرها، مما ساهم في رفع العائد من الأرض.

تحوّلات اجتماعية وسياسية
من جانبه يرى علاء العزة رئيس دائرة العلوم الاجتماعية والسلوكية في جامعة بيرزيت أن التحليل الأكثر وضوحًا لهجرة الأرض يتصل بحالة الاستعمار، وما نجم عنها من مسار تحويل المجتمع الفلسطيني والفلاحين إلى مجتمع عمال لصالح المستعمرة والاحتلال، للعمل في البناء والزراعة والمصانع".

وأضاف أن العمل المأجور تفوق جدواه العمل في الأرض، ما شكَّل "بعدًا عقلانيًا" للاختيار بين أنماط العمل، التي تقدم دخلًا أعلى، وتزامن ذلك مع الاستيطان، ونهب الأرض والمياه وفقدان السيطرة عليهما.
وأكد أن التحولات السياسية أبعدت الفلسطيني عن أرضه، ورافقها تحول في البنية الاجتماعية تمثَّل في الانتقال من الأرياف إلى المدن في المجتمع الفلسطيني وما يُعرف بـــ "التمدن"؛ لوفرة الوظائف والعمل المكتبي، مع تراجع إنتاجية الأرض وعدم كفاية إنتاجها للعائلة الممتدة.

وحاليًا العزة بصدد إعداد ورقة حول السبل والإمكانات لترميم البنية المجتمعية للزراعة، ومن وجهة نظره أن "التحولات في هوية المجتمع الزراعي كانت قسرية بسبب الاستعمار وسياساته، وساعدت في تشكيلها الظروف الطبيعة والمناخية مثل عدم وفرة المياه".

وبخصوص فترة ما بعد أوسلو يسهب في القول: "أنتجت شريحة اجتماعية غير مَعنية بالعمل أو الاستثمار في الزراعة، ولا في الإنتاج الزراعي، وهي شريحة "وكلاء اقتصاديين" لا منتجين، كما أن بنية اتفاق أوسلو وما بعده قامت على فكرة "منع إمكانية نشوء قطاع زراعي منافس للمنتج الصهيوني؛ لأن السوق الفلسطيني مرتبط بالاحتلال".

وأوضح أن تحويل المجتمع إلى مستهلك أصبح حقيقة تثير سؤالًا حول من يقف خلف الترويج والتبرير لهذه النزعة، وهل هي تحولات ثقافية رمزية؟ أم تحولات مادية متصلة بفقدان للمصدر الإنتاجي المركزي عبر السيطرة على الأرض والمياه؟ يتساءل العزة.

سلع الاحتلال تُلاحق زراعتنا
وفي السياق نفسه قال محمد أبو شربة أستاذ التمويل في الجامعة العربية الأميركية لــ "آفاق البيئة والتنمية" إن غياب عائد من العمل الزراعي لا يُشكّل عزوفًا عنه فقط، بل يُضعف القطاع الزراعي برمته، ويؤدي في نهاية المطاف إلى انسحاب العاملين فيه لقطاعات أخرى".

وحذر من أن غياب بنوك أو مؤسسات إقراض خاصة بالمزارعين يحرم العاملين في الأرض من الحصول على قروض تدعم استمرارهم وتساعدهم على تجاوز خسائرهم بفوائد مخفّضة.

وأكد أن المؤسسات غير الربحية المحلية والدولية لا تُقدم خدماتها للمزارعين كافة، بل تتطلب أفكارًا ريادية، وبعضها يشجع على الزراعة المائية، وهو ما لا يتوفر لدى الكثيرين منهم، فيما تقدم بعض المنظمات الدولية دعمًا للفلاحين كما في الأغوار الشمالية.
واللافت، بحسب أبو شربة، أن الزراعة الفلسطينية تُنافس داخل أسواقها المحلية بسلع إسرائيلية، ولا تجد طريقها الخارجي، وبالرغم من الخسائر المتتالية التي تلحق بالفلاح الفلسطيني إلا أنه يواصل عمله باعتباره موروثًا ثقافيًا واجتماعيًا ولإمضائه سنوات طويلة فيها، وكونه يجد صعوبة في تركها.

وأشار إلى أن "العناقيد الزراعية" التي أطلقها مجلس الوزراء "لم تُطبق فعليًا، ولا تتجاوز الورق".

تفتت المُلكية وزراعة هشة
من جانبه، اختصر الخبير الزراعي مازن غنام أسباب العزوف عن العمل في الأرض في تفتت الملكية التي قسّمت الحيازات إلى مساحات صغيرة، قابلتها إجراءات مكلفة وصعبة للإفراز والتسجيل، وأدت إلى توزيع المسؤولية على مجموعة كبيرة من الورثة، وبالتالي ضياع المسؤول المباشر.

وأضاف أن الدخل الزراعي "لم يعد قادرًا على مواجهة التطورات الحديثة وارتفاع تكلفة الحياة، فقد ارتفعت بعض السلع   نحو 20 -30 ضعفًا"، لكن قيمة الإنتاج الزراعي لم ترتفع غير مرتين أو ثلاث، فعام 1991 كان ثمن كيلو زيت الزيتون بـ 185 قرشًا أردنيًا، (نحو 13 شيقل)، وبعد 30 عامًا ارتفع بـ ( 28-30 شيقلًا)، بينما زادت تكاليف إنتاجه كثيرًا، ورافقتها تغيرات مناخية واجتماعية وقلة في مصادر المياه.

وأشار إلى أن من أساسيات أي نشاط اقتصادي "تأمين الحد الأدنى من الدخل للعاملين فيه"، لكن ذلك لا يتحقق في الزراعة، وفي الآن نفسه تتضاعف أسعار السلع والخدمات الأساسية ومدخلات الإنتاج الزراعي، وتهبط أسعار الخضروات.
والمعضلة، وفقًا لحديث غنام أن قيمة العمل الزراعي لا تُحتسب بناء على ساعات العمل التي تُقضى فيه، ما يترك آثارها على جدواه الاقتصادية، فمثلًا يحتاج دونم الدفيئة الواحد إلى نصف عامل سنويًا، بحيث يعمل لساعات قصيرة يوميًا.

واستشهد بمثال على ارتفاع أسعار الفواكه الخيالية في أسواقنا، موضحًا: "كيلو الفاكهة 80% منه ماء، ومعيقات تسويقه كبيرة، ونسبة الفاقد فيه عالية، وتكاليف نقله مرتفعة جدًا، فنقل منتجات زراعية بقيمة 4 آلاف شيقل تتطلب ألف شيقل، ونقل جهاز خليوي بالقيمة نفسها يحتاج 20 شيقلًا".

ويزيد بالقول: "ربحية المشاريع الزراعية لم تعد مجدية، وصارت تعجز أيضًا عن تغطية تكاليف الحياة للعاملين فيها، في وقت نشهد تضخمًا يوميًا، واستخدام أربع عملات متداولة رسميًا كلها مهمة حسب مستخدميها، وتآكلت قيمتها كثيرًا، وتتذبذب أسعار صرفها".

أمن غذائي مُهدد
من جهته، يُرجع م. رامز عبيد مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة أسباب هجرة الأرض إلى قلة المردود المادي، وصغر الحيازات الزراعية عبر تفتت ملكيتها وتحولّها إلى مساحات صغيرة، والابتعاد عن الاستثمار الزراعي، ووجود غالبية الأراضي في مناطق (ج) المستهدفة من الاحتلال والاستيطان، ومنع الاستثمار فيها، وسوء طرقها.

وأضاف م.عبيد: "العمال يريدون دخلًا سريعًا ويوميًا، وهو ما لا يتحقق في الزراعة، لذا يلجأون للداخل المحتل، فيما سنعاني جراء غياب الأمن الغذائي، وبخاصة على صعيد ما ننتجه بأيدينا من قمح وزيت".

وأكد أن إهمال الأراضي يتسبب في انتشار الآفات والفيروسات إذا لم تُعالج، وتنتقل إلى المزارع المجاورة، في وقت يحتاج المزارعون لشبكات طرق، وربط أرضهم بالمياه والكهرباء، وتشجيع الاستثمار، وإدخال أصناف ذات جدوى اقتصادية، وتشجيع زراعة المساحات الكبيرة، وفتح أسواق جديدة، وزيادة ربحية المزارعين بتخفيض تكاليف الإنتاج، وتنفيذ حملات مكافحة للآفات.

أجور أعلى في المستعمرات
بينما ذكر هاشم صوافطة مدير دائرة زراعة الأغوار الشمالية أن نقص العمالة في الأرض سببها الرغبة في البحث عن دخل أعلى، فيما "يحصل عمال الزراعة في المستعمرات على دخل أعلى بمقدار الضعف عن العاملين في الأغوار".
وعن دعم الوزارة لمزارعي الأغوار بمشاريع تنموية، يؤكد صوافطة أنه يجري حصر الأضرار السنوية لتعويض المتضررين منها، كما تُنفذ الخطة الثانية من "العناقيد الزراعية"، التي شهدت الأولى منها اهتمامًا بالبنية التحية كالطرق الزراعية، وخطوط المياه الناقلة، والأسيجة المعدنية، وخزانات المياه، ودعم الثروة الحيوانية في المناطق المهمشة، وجرارات زراعية ومعداتها، استفاد منها نحو 500 مزارع.

نظرة سلبية للزراعة
من جانبه، قال د. أحمد النوباني المحاضر في جامعة بيزيت والمزارع العضوي إن نمط الحياة المادي ألحق ضررًا بالأرض والزراعة، فأصبح لا طائل منها اقتصاديًا.
وبالمناسبة، النوباني له تجربة يُحتذى بها في تنويع الدخل اليومي إلى جانب عمله الأكاديمي، إذ يجمع بين الإنتاج النباتي، وتربية النحل، والاهتمام بالثروة الحيوانية، ويتعاون مع أشقائه وأبنائه وأولاد أشقائه لتشكيل حالة تتجاوز التغيرات البشرية والاجتماعية والمناخية.

وأضاف: "هناك نظرة متعالية تجاه من يعملون في الأرض، ونجد تهميشًا للمزارعين، وكل ما له صلة بالفلاحين ولهجتهم ونمط حياتهم يُقابل بنظرة سلبية وقيمة اجتماعية متدنية".
ويواجه المزارعون العديد من الصعوبات، على رأسها مساحة الأرض المحدودة، وشحّ المياه، وتراجع الأمطار، والتغيرات المناخية، وطبيعة الأراضي الجبلية والوعرة التي يصعب استخدام الآلات فيها، والاستيطان، وصعوبة استيراد السلع الزراعية من الداخل المحتل والخارج، تبعًا لكلام النوباني.

ويزداد الأمر صعوبة مع الأيدي العاملة التي توّجهت للعمل داخل الأراضي المحتلة وارتفاع تكلفتها، وكذلك وجود ما أطلق عليه طبقة "الياقات البيضاء" التي تعمل في وظائف مكتبية وتهتم بهندامها بحثاً عن المكانة الاجتماعية المرموقة.
وأكد أن "سلعنة الأرض" أدت إلى تقييمها في إطار "المناطق القابلة للبناء" وإغفال قيمتها الكبيرة وإنتاجيتها"، ما دفع بعض المزارعين إلى العزوف عنها وبيعها وإهمالها.

وأضاف: تسبّبت "موسمية الإنتاج" في المزيد من هجرة الأرض، ففي الماضي كان نمط الحياة مختلفًا وبسيطًا ومرتبطًا بالموسم الواحد، لكنه اليوم تعقّد كثيرًا، وتشوّهت العلاقة مع الأرض جراء عقلية "الارتزاق" التي خلقتها مؤسسات على غرار وكالة الغوث "الأونروا"، كما انتشرت ظاهرة شراء أصحاب الأموال الأراضي من دون تدقيق ورقابة".
وبدا مستاء من انتشار ثقافة الكسل والخمول والتمويل الأجنبي، علاوة على انهيار الأحزاب الذي أدى إلى ظهور طبقات تفكر في الحصول على المال بأي طريقة.

ولفت في ختام حديثه إلى أن "النخب الثقافية" لم تقدم أنموذجًا للآخرين يحثّ على تبني العمل الزراعي، كما يؤخذ على غالبية الفلاحين عدم إدخالهم أنماطًا حديثة إلى العمل الزراعي، ومن النقاط التي تستوجب التوقف غياب أنموذج الأسر الممتدة المتعاونة في رعاية الأرض، إذ حلّت مكانها الأسرة النووية التي تعجز عن العمل بمفردها.

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تصميم وتطوير