ألاخطاء الطبية...وأهمية توفر نظام للحماية

17.06.2022 11:35 AM


بقلم: د.عقل أبو قرع

طالعت في الفترة الاخيرة حول الاهتمام بموضوع الاخطاء الطبية، وبالأخص حول أهمية توفر نظام تأمين ضد الاخطاء الطبية، حيث تم عقد ورشات عمل من خلال برنامج الشفافية التابع لبرنامج  الامم المتحدة الانمائي ووزارة الصحة وغيرهما، وبالأخص لحماية من يكون مسؤول عن الخطأ الطبي اي مقدم الخدمة الطبية من الاطباء والكوادر الصحية، والمريض الذي يعاني من تداعيات الخطأ الطبي، وهذا موضوع هام وحيوي ومؤلم من كل النواحي، النفسية والمادية والمهنية وحتى التداعيات الاجتماعية، التي ما زلنا نرى اثارها على افراد عائلات عانوا من تبعات الاخطاء الطبية خلال السنوات الماضية.  

وهذا الموضوع، اي موضوع الاخطاء الطبية بشكل عام، موضوع يتطلب تسخير وزارة الصحة أو الحكومة حيزا هاما له، سواء من حيث النقاش العلمي الموضوعي، أو من ناحية مراجعة السياسات والبروتوكلات التي تعمل على التقليل منه أو التعرف عليه ان حدث، أو من ناحية طبيعة التوجه الاعلامي الى الناس بشكل لا يثير القلق والهلع، وتبيان أن الاخطاء الطبية من الممكن ان تحدث في أي مكان طبي في العالم، وأن هناك فرقا كبيرا بين الخطأ الطبي غير المتوقع وبين الاهمال الطبي المقصود أو غير المقصود.    

وكما اثار في الماضي، فما زال موضوع الاخطاء الطبية يثير الارباك والقلق والخوف عند الناس عند التوجه لتلقي الخدمة الطبية في العيادة أو في المستشفى، ويثير جدلا متكررا وبدون نهاية، حول الانظمة المتبعة أو الموجودة حاليا، للتعامل مع الاخطاء الطبية في حال حدوثها، أو حول اجراءات المتابعة والمراقبة  والمساءلة والتعلم والتقييم المتبعة، هذا اذا كان هناك إجراءات محددة موثقة على شكل بروتكول، للتأكد من عدم حدوث الاخطاء الطبية من الاساس، وللعمل من اجل عدم حدوثها مرة اخرى ان حدثت.

ورغم مأساوية نتائج الاخطاء الطبية ان حدثت، وبغض النظر عن الاسباب الحقيقية لها، الا انه من المتوقع ان يؤدي الى العمل من اجل التركيز اكثر، على منع حدوث مثل هكذا امور في المستقبل من الاساس، بعيدا عن تشكيل اللجان وعن الاجتماعات والتصريحات الاعلامية، وبعيدا عن تبادل الاتهامات بين الاطراف المختلفة، وعن اللقاء اللوم هنا او هناك، والذي لن يساهم ايجابيا، في منع حصول اخطاء طبية اخرى، أو في مواصلة تطور وتقدم القطاع الصحي الفلسطيني.    

والقطاع الصحي في بلانا، بشقيه العام والخاص، الذي أسوة بالقطاعات الصحية، في الكثير من الدول، من المفترض ان يحتل أعلى الاولويات الوطنية، سواء من حيث الكمية أو النوعية،  وبالاخص على صعيد الميزانية الحكومية واستثمارات القطاع الخاص، سواء من حيث رصد الميزانيات، او من حيث اعداد وتدريب والاحتفاظ بالكفاءات المتخصصة وتوفير الحوافز المطلوبة لها ،او من حيث الحصول على افضل الاجهزة والمعدات، او من حيث فعالية الادارة والمسؤولين، واجراءات المتابعة والمراقبة. او من حيث طبيعة التعامل والاحترام مع المريض والمواطن والمراجع والمستفسر، او من حيث الاهتمام بالرعاية الصحية بشكل عام، سواء اكانت الرعاية الصحية الاولية وهي الاساس، اوالرعاية الثنائية على صعيد المستشفيات، او حتى الرعاية الصحية الثلاثية المتخصصة، او من حيث التركيز على مفهوم الصحة العامة كمفهوم وقائي شامل للمواطن وللبلد وللمجتمع، في ظل الازدياد المخيف في نسبة الامراض المزمنة، وما يؤدي ذلك الى تبعات اجتماعية واقتصادية وصحيه. 

وبعيدا عن أهمية توفر نظام تأمين يحمي من الاخطاء الطبية، فإن معالجة قضية الاخطاء الطبية  بشكل خاص، يحتاج الى المزيد من الاجراءات الواضحة، وبالأخص الى تبني وتطبيق فلسفة اتباع المزيد من اجراءات المتابعة والمساءلة والتعلم والتقييم، والى التركيز على التخطيط لاستراتيجيات بعيدة المدى، تعتمد على وجود اجراءات وانظمة عملية ومقنعه للناس، تمنع حدوثها من الاساس، وبالتالي تزيد ثقة الناس في هذا القطاع الصحي الفلسطيني الحيوي، بشقيه الخاص والحكومي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير