هل يمكن أن تؤثر حركة التحرر الفلسطينية على حركات التحرر العربية ؟

09.06.2022 10:16 PM

كتب فادي البرغوثي: 

ربما ان السؤال نفسه مثيراً للجدل خاصة ان حركات التحرر العربية هي الأكبر والتي يجب أن تؤثر على حركات التحرر الفلسطينية لكن فإن  الركب في هذه المرة  يمشي بشكل معاكس،  إذ ان حركة التحرر الفلسطينية  لها أثر مباشر  على حركات التحرر العربية
هتا لا بد من التوضيح  ان الدول العربية نفسها  لا يوجد فيها تناقض بين  قوى التحرر والأنظمة بما يسمح لعملية التغيير ان تاخذ شكل صراع يؤدي الى خلخلة الانظمة الحاكمة، ولو نظرنا الى شكل النظام نلاحظ انه نظام عشائري وتقليدي بدوي اتيح له من خلال النفط ان يجلس في وسط بحر من الثروات ما جعل النظام يستطيع  ان يقدم لشعبه جزء من توفير الخدمات المتطورة مقابل السكوت المطلق عن الحكم وطريقته المتبعة وهو ما يُدخلنا في تصنيف "عبيد المنزل وعبيد الحقل" حيث أن عبيد الحقل لا  يستطيعوا ان يحصلوا على الامتيازات التي حصل عليها عبيد المنزل خاصة ان الثاني يتميز في انه يعيش في بيت سيده ، وينام ويأكل ويشرب مثل  السيد نفسه تقريبا فادا اردنا ان نصف بشكل دقيق نظام الحكم في الوطن العربي فانه لا يتيح  تشكيل اصطفاف حقيقي يعمل على تغيير السلطة في المستقبل بما يسمح لعملية التطور بان تسير و وفقا لمسار واضح.

هذا الأمر لم يخلق حركات تحرر قوية تستفيد من ظروف موضوعية يمكن لها ان تنتهزها لعملية التغيير على قاعدة " عبيد الحقل وعبيد السكن " الذي تحدثنا عنها سابقا
لكن في هذا الإطار لا بد من طرح سؤال في غاية الأهمية، وهو ماذا عن الدول التي تقع  خارج تصنيف دول الخليج  ؟
ويمكن لنا ان نقول  ان دول الخليج نفسها ونتيجة تحكمها في شعوبها سمح لها من خلال ثرواتها أو استغلال ثروات بلادها الطبيعية من توفر مداخيل اقتصادية لأفرادها من ايقاف المسار التقدمي المتناقض معها وهي نفسها أصبحت مع الزمن تتحكم أيضا في الانظمة العربية الأخرى بان تجعل انظمة الحكم مرتبطة فيها بحيث انها توفر لها مداخيل اقتصادية قليلة لكنها لا تسمح في عملية التغيير إلا وفقا لاجنداتها واخذها إلى طريق التطبيع كما في بعض الدول الفقيرة كالمغرب أو السودان، فلم يعد يخفى على احد ما لعبته دولة الامارات الخليجية في دفع الدولتان الى التطبيع استغلالا للحاجة الاقتصادية 

هذا الوضع يجعل حركات التحرر العربية  لا تستطيع ان تنهض عن طريق التناقض الاقتصادي والاجتماعي وان نهضت، فإن الحدث يعبر عنه وقت محدد ثم ما يلبث ان يعود النظام نفسه بطريقة اكثر دموية والامثله هنا كثيرة لسنا بحاجة إلى سردها
لكن لا بد من  ان نستنتج شيء مهم في ان  الشعوب يمكن لها ان تنهض  اذا ما  ارتبطت في قضية كبيرة ومركزية كالقضية الفلسطينية التي ما زالت تحتل موقع متميز بين الشعوب حيث ان قدر الشعب الفلسطيني ان يكون شرارة التغيير في كل شيء بغض النظر ان اراد ذلك او لا يريد، ولعل الرئيس الفلسطيني السابق  "ابو عمار" نفسه كان يدرك ذلك حينما كان يُضغط علية لنزع تنازلات اكثر، كان يقول انه مفاتيح الحل في يده وحده وهي ميزة حصل عليها بصفته قائد للشعب الفلسطيني

فالشعوب العربية ما زالت تستهويها القضية الفلسطينية بغض النظر عن موقف الانظمة في القضية  ومن الأمثلة على ذلك مواقف الشعوب من عملية التطبيع مع الاحتلال خاصة في الدول التي وقعت اتفاقيات سلام مع الاحتلال،
لذا فإن القضية الفلسطينية ما زالت تشكل مدخلا لتغيير كل شيء طالما ان هناك مواقف شعبية رافضة للاحتلال الصهيوني وترفضه وتجرم العلاقة معه  ولربما ضرورة ان نرى فيما جرى العام الماضي حينما هب الشعب الفلسطيني في كل الضفة وعزة والداخل والخارج حيث تحفزت الشعوب العربية  لمقاومة الاحتلال فعدى عن المسيرات التي خرجت في الوطن العربي لأخذ موقف ضد الكيان الصهيوني خرجت مظاهرات  تريد ان تدخل حدود فلسطين 

فاذا أردنا ان نقود الدفه فان تتغيير المنطقة يصبح امرا واقعيا  وتصبح مواقف الشعوب أقوى من مواقف انظمتها، فلم يعد يخفى على احد ان الانظمة الرسمية التي وقعت اتفاقيات مع دولة الكيان الصهيوني هي نفسها اخذت عنصر القوة بعد توقيع الفلسطينين أنفسهم  وفي نفس الوقت فإن شعوبها الرافضة تسلل لها الخمول بعد الموافقة الفلسطينية.

لقد اكدت معركة القدس العام الماضي على حقيقة ان الشعب الفلسطيني اذا  ثار  يثور الجميع معه بينما  الانظمة التطبيعية في لحظة ثورة الشعب الفلسطيني  تجد نفسها  إمام خيارين لا ثالث لهما، اما ان ناخذ موقف معادي للكيان الصهيوني ولو شكلي كما كان سابقا،  أو ان تُسقط وتنعزل فالفرصة ما زلت أمامنا فنحن عنوان التغيير واذا ما أخذت حركات التحرر الفلسطينية دورها فإن صداها يرن في كل العواصم العربية لتغيير والتحرير والتقدم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير