استهداف أطفال فلسطين.. جيل النصر

24.04.2022 10:41 AM

كتبت نهى نعيم الطوباسي : حالة الجنون والتخبط والسعار لدى المستوطنين وقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، تجاه أبناء الشعب الفلسطيني وعاصمته القدس، ومقدساته وفي مقدمتها المسجد الأقصى، وعدم احترام حرمات الشهر الفضيل، هي دليل على عجز حكومة الاحتلال وأدواتها أمام ثبات الشعب الفلسطيني وصموده البطولي ورفضه الاستسلام لشروط الاحتلال، وفشل كل الوسائل والسياسات الإسرائيلية العنصرية المنتهكة لحقوق الإنسان، وحتى اتفاقيات التطبيع مع بعض الدول العربية، في إلغاء وجود الشعب الفلسطيني وتغييب القضية الفلسطينية رغم ما يمر به العالم من أحداث. وعقم رهانات قادة الاحتلال من بن غوريون وحتى غولدا مائير على أن "الكبار يموتون والصغار ينسون"، وهو ما مثّل منهجا وأساسا في سياسات الاحتلال لسلب حقوق الشعب الفلسطيني ونهب ثرواته ومصادره حقوقه الوطنية. لكن جاء الرد من أطفال فلسطين ومن كل فئات الشعب، قويا وحازما في التصدي لكل محاولات إسرائيل لتصفية قضية الشعب الفلسطيني، عبر الدفاع المستميت عن القدس والمقدسات.

وفي النظر إلى قائمة  الشهداء في الآونة الأخيرة، والمستهدفين من القناصة الإسرائيلين في كل المناطق، سنجد أن غالبيتهم العظمى من المدنيين غير المنخرطين في أي نوع من العمل المسلح، وأغلبية هؤلاء من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، بشكل متعمد وليس بمحض الصدفة، وبقرار واضح  بالقتل والإعدام الميداني، أو من خلال إصابتهم بجروح تسبب الإعاقة الدائمة، بما يخالف كل مبادئ حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية، بما فيها اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والتي تنص على حماية المدنيين، وحماية الأطفال وقت النزاعات المسلحة والحرب وعدم تعريضهم للعنف، و انتهاك اتفاقية حقوق الطفل وغيرها من العهود والمواثيق والبروتوكولات الدولية، والتي تضمن حماية الأطقال و تمتعهم بحقوقهم الطبيعية وعيشهم بكرامة.

وفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2021، " فمن المتوقع أن يبلغ عدد الأطفال دون 18 سنة منتصف العام 2021 في دولة فلسطين نحو2.31 مليون طفلاً" وبذلك تشكل نسبة الأطفال في فلسطين نحو 44.2% من إجمالي السكان أي (42.0% في الضفة الغربية و47.5% في قطاع غزة)".

استهداف الأطفال في فلسطين بالقتل والتعذيب والاعتقال، أو التهجير وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان ليس جديدا، بل لطالما كانت صور ومشاهد المجازر والانتهاكات السافرة والوحشية، التي يرتكبها الإحتلال منذ النكبة وفي كل المدن الفلسطينية، وبحق مخيمات الشتات مروعة وتهز العالم. فتعمد الإحتلال الإسرائيلي استهداف أطفال فلسطين، هو نهج وتكتيك اسرائيلي وهدف اسراتيجي للاحتلال لإبادة الشعب الفلسطيني وخلق مجتمع مشوّه التركيب والبنية، وإحداث خلل بالتوازن الديمغرافي بين فئات شعبنا، وخلق جيل يعاني من الخوف ومشاكل جسدية وصحية ونفسية، لشل إمكانيات فلسطين وثروتها البشرية وضرب قدراتها بالبناء والتطور ومقاومة الإحتلال، حيث أن نسبة الأطفال تشكل ما يقارب نصف المجتمع الفلسطيني.

ووفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية وفا، يتبين أنه منذ عام 2000 بلغ عدد الشهداء الأطفال 2094 طفلاً أما عدد الجرحى الأطفال قد بلغ منذ عام 2008 وحتى نهاية 2021، نحو 29 ألف طفل. وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، تم اعتقال أكثر من 9000 طفل فلسطيني منذ عام 2015 حتى نهاية آذار 2022، وحاليا يقبع في زنازين الإحتلال نحو 160 طفلا، معظمهم في أحوال صحية ونفسية صعبة. 

قضية استهداف الأطفال الفلسطينيين، هي أكبر من يغطيها مقال، وهي قضية تستحق الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام وتوحيد البوصلة، للتصدي لكل انتهاكات اسرائيل بحق أبناء شعبنا بكافة فئاته، وتحتاج إلى تسليط الضوء من قبل وسائل الإعلام المحلية والعربية، والدعوة إلى حراك على الصعيد الوطني والعربي والدولي، للضغط على المنظومة الدولية أن تقف عند مسؤولياتها بحماية أطفال العالم، وتطبيق مبادئ القانون الدولي والاتفاقيات الدولية، والضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وأطفاله، ومحاسبة اسرائيل على كل جرائمها. ولا بد للأمم المتحدة والمؤسسات المنبثقة عنها مثل اليونسيف والصليب الأحمر بتشكيل الدعم والمناصرة الدولية للضغط على اسرائيل، لإطلاق سراح  الأطفال الأسرى ووقف القتل الممنهج والترويع بحق أطفال فلسطين.

غير ذلك وإذا لم يتم لجم اسرائيل ومحاسبتها، على جرائمها التي تصل لدرجة الإبادة في فلسطين، ستبقى اسرائيل ماضية بانتهاكاتها حقوق الإنسان وحقوق الطفل، لأنها تدرك أن الدول العظمى غافلة عن حقوق الإنسان، وأن عالم اليوم تحكمه المصالح لا المبادىء، وهي تستهدف الجيل الجديد من الأطفال والشباب من الشعب الفلسطيني، لإدراكها أنه من المستحيل أن ينسى أرضه وسنوات العذاب والقهر، وأن ينسى بيته الذي هدم أو أباه الذي استشهد، ودموع  ولوعة الأمهات على أبنائها، بل هو يشكل تهديد لوجود الاحتلال واستمراره.

فهذا الجيل، جيل النصر قد أسقط عنجهية الإحتلال الإسرائيلي ومراهناته، ليبقى الاحتلال عاجزا أمام شعب متجذر في أرضه. لا يمكن اقتلاعه وكلما سقط شهيد نبتت من دمائه براعم جيل جديد، تنمو وطموحاتها بالحرية تطاول السماء، حاملة بيدها راية من سبقوها بتحرير فلسطين ومقدساتها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير