صورة مرسي إذ ترتفع على الأقصى :د. أحمد جميل عزم

16.07.2013 10:23 AM
ربما تتحمل حركة "فتح" الفلسطينية مسؤولية رفع صورة الرئيس المصري محمد مرسي على المسجد الأقصى، بقدر ما تتحملها "حماس".

شعرتُ في العام الماضي بالألم وأنا أرى جدران وساحات قبة الصخرة والمسجد الأقصى تُستعمل في حملة سياسية ضد الإخوان المسلمين. كان من استغلها حزب التحرير، تحت شعار معارضة الدولة المدنية التي كان "الإخوان" يرفعون شعارها في سياق الانتخابات في مصر.

وجدت الحدث مزعجا؛ إذ كيف يتجرأون على جدران الحرم لرفع شعار سياسي خلافي، ويُقحمون المسلمين المتدينين الآتين للصلاة من غير المنحازين لأي فريق! وفي هذا العام، قام فريق مؤيد للرئيس المصري، القيادي في الإخوان المسلمين، المحتجز في مصر، محمد مرسي، برفع صوره على الأقصى. لم أعرف أنّ صور أشخاص تُرفع بهذه السهولة في المساجد! هل يمكن أن نرى صورته مرفوعة مثلا في الحرم المكي قرب الكعبة المشرفة؟!

رفع صورة مرسي على هذا النحو سلوك غريب، لسببين: الأول، ديني يتعلق بحرمة الحرم الشريف وسموه عن الخلافات. والثاني، سياسي ومصلحة فلسطينية، يتعلق بعدم التحول إلى جزء من خلاف عربي داخلي.

الموقف الرسمي لحماس هو النأي بالنفس. وقد قال يوسف رزقة، المستشار السياسي لإسماعيل هنية، رئيس وزراء الحركة في غزة: "للمرة الألف بعد المليون تنفي حركة حماس وغيرها من فصائل المقاومة في فلسطين تدخلها المباشر وغير المباشر في الساحة المصرية عامة، وفي سيناء على وجه الخصوص". وموقف قيادات "حماس" حذر. وعلى عكس حماسها عندما انتُخب مرسي، فإنّ "حماس" تحاول ألا تنجرّ لتأييده الآن بشكل سافر. ولكن بعض وسائل الإعلام القريبة من "حماس"، مثل فضائية القدس، تبدو كما لو تجنّدت لمناصرة مؤيدي مرسي بتغطية مكثفة لنشاطاتهم. إلى ذلك اختلف موقف الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة العام 1948، بقيادة رائد صلاح، ونظّمت الحركة مسيرة تحت شعار "دعما للشرعية"، وتضامنا مع الرئيس المصري المعزول، في كفر كنا، شارك فيها مئات. ومن المعروف أنّ صلاح ناشط في الأقصى، وله دور في الدفاع عنه وصيانته، ما يعزز فرضية دوره في رفع الصور. تقتضي المصلحة الفلسطينية نفي دور "حماس"، ووقف أي موقف يورط الفلسطينيين. لذا، يتوقع من "حماس"، مثلا، أن تعلن عدم مسؤوليتها عن مثل هذه الصور، وأن توقف التجنيد الإعلامي المنحاز، وأن تسعى لدى حلفائها في الحركة الإسلامية في فلسطين 1948 للقيام بالأمر نفسه. ولا يختلف المتوقع من "فتح" عن ذلك كثيراً؛ فعندما تتواتر بيانات "فتح" التي تؤيد الاتهامات لحركة "حماس" بدور في مصر، رغم أنّ أجهزة الأمن المصرية حذرة في توجيه مثل هذه الاتهامات، ونفت في حالات تقارير إعلامية في مصر عن دور "حماس"، فإنّ هذا يثير التساؤل، من زاوية أنّ تاريخ ودور "فتح" يفترض موقفاً مختلفاً.

ذهب بيان رسمي لحركة "فتح" للقول إن "الانحياز الذي عبرت عنه الحركة الإسلامية في الداخل وحركة حماس يثبت انتماءهما للإخوان المسلمين وليس لفلسطين، وإن من أولويات شعبنا تحرير الأقصى وإقامة الدولة الفلسطينية وليس فتح معارك جانبية على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته، وكان الأولى رفع صور الشهيد ياسر عرفات الذي استشهد من أجل الأقصى".
كان الأولى بـ"فتح"، من واقع زعمها قيادة المشروع الوطني الفلسطيني، الاتصال بالحركة الإسلامية في الداخل وإقناعها بالأثر السلبي لهذه الخطوات. ثم إن يافطات حزب التحرير العام الماضي في الأقصى، وصور مرسي هذا العام، دليل عجز "فتح" والدولة الفلسطينية عن أن تصوغا حضورا في الحرم الشريف كفيلا بمنع مثل هذه المظاهر، سواء على شكل لجان شعبية وتنظيمية أو شكل آخر. وكان الأولى بحركة "فتح" التواصل مع حركة "حماس".

ولو افترضنا أنّه تأكد أنّ هناك دورا، فيجدر أن تنسق كيف توقف مثل هذا الدور، وتحاول حسم هذا فلسطينيا داخليا. وإذا ما تأكدت من عدم وجود الدور، انضمت لجهود تأكيد رفض إدخال الفلسطينيين، عبر بوابة "حماس"، إلى حلبة الصراع في مصر، فتعلن أنّ خلافها مع "حماس" لا يقودها إلى تأكيد تورط طرف فلسطيني في الشأن المصري. هكذا تفعل حركة تدّعي قيادة المشروع الوطني

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير