"تَمَرُد" فلسطين ... جهاد حرب

12.07.2013 01:15 PM
وطن : أذهلت حركة "تمرد" مصر بحشدها العدد الضخم من الجماهير يوم 30 يونيو/حزيران في شوارع مصر وميادينها جميع العالم وبخاصة الشباب العربي الحائر والمتطلع الى حياة كريمة ومشاركة في الحياة السياسية من ناحية، ومن ناحية ثانية عدم قبوله بإعادة انتاج سياسات الاستبداد المتمثلة بأحد جوانبها بإقصاء المفاعيل السياسية الاخرى.

اهم العبر المستقاة من "ثورة" 30 يونيو المصرية؛ أولا: ان الشرعية الشعبية التي تعني قبول الناس بالحاكم هي الاساس في الديمقراطية لكن دون الانتقاص، طبعا، من احترام الاجراءات الدستورية لإنتاج للعملية "الديمقراطية" السياسية. وثانيا: أكدت ان صندوق الاقتراع لا يمنح صكا مطلقا للحاكم بالشرعية و/ أو خضوعه للرقابة الشعبية. وثالثا: فتحت النقاش لدور المعارضة وطريق عملها التي يمكن أن تكون من خلال استثمار دورها في البرلمان ووسائل الاعلام وصولا الى النزول الى الميادين العامة بطرق سلمية "دون عنف" لتعطيل عمل الحياة الطبيعية للبلاد باعتبارها وسيلة للضغط على الحكومة. ورابعا: أن حياد مؤسسات الدولة كالشرطة والجيش وحمايته لحركة الاحتجاج الشعبي يعزز الثقة بها ويطور مكانتها من خاضعة للنظام السياسي "الحزب الحاكم" الى حامية للدولة. وخامسا:أن أي حزب أو جماعة أو طائفة لا يمكنها القيام بأعباء الحكم في الدولة خلال المرحلة الانتقالية دون توافق وشراكة بين جميع المفاعيل السياسية ليس فقط على اقتسام مغانم الحكم بل على تبعاته واعبائه.

"النجاح"، وان كان سابق لأوانه، الذي حققته حركة تمرد المصرية ألهم العديد من الشباب في كل من تونس والمغرب وفلسطين لاستنساخ التجربة المصرية لتطوير حركة احتجاج شعبية خاصة بهم لإحداث تغيير في النظام السياسي و/ أو الواقع المعاش في بلدانهم. لكن عملية الاستنساخ سواء كانت بالاسم "تمرد" أو بطرق الاحتجاج ذاتها قد لا تحقق ما يُرْغَبُ به لانجازه دون الاخذ بالظروف الموضوعية والذاتية وردة فعل المفاعيل السياسية ومؤسسات الدولة خاصة الأمنية والتجاوب الشعبي مع حركة الاحتجاج.

حركة "تمرد فلسطين" بحاجة الى دراسة الظروف الموضوعية والذاتية للحالة الفلسطينية واستخلاص العبر من التجربة المصرية ومن التجارب التي خاضتها الحركات الشبابية في فلسطين لتحديد جوانب النقص من جهة، وتعزيز مكامن القوة التي تتمتع بها من جهة ثانية، ووضع خارطة للمستقبل واضحة لانجاز الهدف المتمثل بإنهاء الانقسام من جهة ثالثة، ومن جهة رابعة ابتداع طرق الاحتجاج المناسبة والملائمة لانجاز الهدف الخاص بحركة الاحتجاج والتكتيكات المناسبة.

إن تحديد الهدف المركزي من حركة الاحتجاج ضرورة اساسية لجمع اكبر قدر من المؤيدين لحركة الاحتجاج الشعبية، ودون وضوحه وتلبيته لطموح المواطنين يفقد الالتفاف الشعبي حوله وحول حركة الاحتجاج ذاتها. لذا ينبغي في اطار خطة المستقبل وضع هدف انهاء الانقسام باعتباره مركز الاهتمام الشعبي لإدارك جميع الفلسطينيين بأنه "الانقسام" يمثل تحديا رئيسيا في تحقيق آمال الشعب الفلسطيني ما تطلب تصعيده الى مرتبة العدو المركزي. لأن تطوير أدوات الفعل "الثوري" في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي تبقى منقوصة دون وحدة الصف الوطني في مرحلة التحرر الوطني لإنهاء الاحتلال ونيل الاستقلال.

كما يشكل التنسيق بين المجموعات الشبابية ووحدتها في الرؤى شرطا أساسيا ليس فقط لتحديد التوجهات وطرائق العمل والاتفاق على الأولويات وزيادة صلابة قوتها في مواجه التحديات الداخلية وإبداع اشكال نضالية تتوافق عليها المجموعات الشبابية بل لنجاح حركة الاحتجاج الشعبي لإنهاء الانقسام. لكن ينبغي الاخذ بعين الاعتبار أيضا ردة فعل السلطات الحاكمة ومؤسساتها خاصة الأمنية منها التي قد تساهم وتساعد "كما حدث في مصر" في انجاز هدف حركة الاحتجاج الشعبي أو تعرقل وتصعب منها، مما يؤدي الى دفع تضحيات من شهداء وجرحى واعتقالات تعسفية تزيد من آلام الشعب الفلسطيني لكنها في الوجهة الاخرى تزيد وتُصعد من مطالب حركة الاحتجاج والمحتجين.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير