حول دوامة حوادث السير المروعة في بلادنا

15.01.2022 09:51 AM


د. عقل أبو قرع


مست حادثة السير التي أودت بحياة تسعه شباب يافعين من أبناء قرية عقربا في محافظة نابلس، مشاعر واحاسيس الناس، وفي نفس الوقت شرعت الباب لأسئلة عديده، حول ما وصلت اليه الأوضاع في بلادنا بشكل عام، وبالأخص الأوضاع الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية والتربوية وامتداداتهما السياسية وما الى ذلك، والتي الت الى أن يقوم مجموعه من الفتيه الطلبة باستغلال العطلة المدرسية من أجل العمل في المستوطنات في منطقة الاغوار الفلسطينية، والتي هي في مجملها مستوطنات زراعيه، تستغل الأراضي والمياه والظروف البيئية في الاغوار من أجل زراعة منتجات زراعيه عالية الجودة وعلى مدار العام وتصديرها الى دول العالم المختلفة كمنتجات للمستوطنات.
وبعيدا عن الأسباب الاقتصاديه والاجتماعيه وغيرهما والتي تجبر الأشخاص في عمر الأطفال للعمل وبالتالي المساهمه في اعالة انفسهم وعائلاتهم، فأن تكرار حوداث السير، سواء مثل ما حدث في الاغوار أو في مناطق فلسطينية أخرى، يستدعي الانتباه الى هذه الظاهره المؤلمه المؤرقه والمكلفه على الصعيد البشري، سواء من حيث تطبيق القوانين أو سلامة وصلاحية الشوارع أو تهور السائق أو صلاحية المركبة ونحن نعرف أو نرى أن هناك الكثير من المركبات التي تسير على الشوارع، هي مركبات غير مرخصه أو غير صالحه أو مسروقه وما الى ذلك، وفي هذه الأحوال فأنه وبالإضافة الى الخطورة على السائق، فأن ذلك يعرض حياة الاخرين الأبرياء الى الخطر وربما الى الموت.   
ولهذه الأسباب، فأنه لا يكاد يمر يوم أو بضعة أيام، إلا ونسمع عن أو نشاهد صور وماسي حوادث السير المروعة والمأساوية، ورغم الالم الذي يرافق ذلك، ورغم الحزن الذي يلف افراد العائلات والناس بشكل عام، من المفترض ان يكون ذلك درسا وعبرة، من اجل اعادة دراسة قوانين السير، واجراءات كيفية الحصول على رخصة السياقة، وعملية اوكيفية ترخيص المركبات من حيث الامان والسلامة، وكذلك مراجعة شاملة، لاداء الجهات المختصة في السير والسياقة، من افراد الشرطة ومن وزارة المواصلات ومجلس المرور ومن لة علاقة بذلك   
حيث ما زلنا نشاهد وبشكل يومي كذلك، الزعرنة او الفهلوة في السياقة وبانواعها، وخاصىة السياقة او التجاوز خلال الاشارة الحمراء، وكأنها اصبحت شطارة او هواية، وحسب الاحصاءات فان عشرات المواطنين الفلسطينين يلقون حتفهم بسبب حوادث السير، هذا بالاضافة الى المئات  من الجرحى،  وبعض هؤلاء الجرحى من يبقى معاقا بقية حياتة، ومن المعروف بديهيا ان حوادث السير تحدث،  اما بسبب السائق او بسبب المركبة او بسبب الشارع او المشاة، او هذه العوامل معا او مجتمعة.
وإذا كان عدم الالتزام بقوانين أو اداب أو سلامة السير قد أصبح من المسلمات او الامور الواضحة في بلادنا، سواء من قبل اصحاب المركبات العمومية وبأنواعها اوحتى من قبل بعض المركبات الخاصة، وبالاخص في الطرقات السريعة، تلك التي تربط المدن بالمدن او القرى بالمدن، فالسؤال الذي يطرحة المواطن والذي نسمع باستمرار هو اين هي تلك الجهات التي من المفترض ان تراقب تطبيق قوانين السير، اي اين هي الشرطة، وبالاخص شرطة السير، وبالاخص في نقاط او تجمعات او مفترقات تزداد فيها احتمالات الحوادث.
واين هي الاجراءات التي يتم اتخاذها لمنع وقوع الحادث التالي، واذا كان التجاوز او السرعة الزائدة هي من الاسباب الاساسية لوقوع الحوادث في بلادنا، فهل تم اتخاذ الاجراءات التي تردع ذلك، وهل تم تسخير جزء من طاقات الشرطة لتطبيق ذلك، ولماذا لا يتم البدء باتخاذ الاجراءات او مراجعة الاوضاع،  الا حين وقوع الحادث، والسؤال الاخرهو هل القوانين الموجودة هي بالفعل رادعة، وهل هناك خشية عند المخالفين من تطبيقها عليهم، وهل المخالفات والغرامات وحتى سحب رخص السياقة اوحتى ايداع السجن يمكن تجاوزها من خلال الواسطه والمحسوبية والثقافة السائدة في هذا المجتمع
وفي ظل الحزن والغضب الذي يصاحب حوادث السير، فأنة يجب التذكر ان الامر الخطير الاخر فيما يتعلق بالسواقة او التهور او عدم المبالاة من قبل السائقين، هو حين عدم الالتزام بالاشارات الضوئية، فهذا يؤدي الى تشجيع الاخرين وتدريجيا الى عدم الالتزام بالاشارات والذي بدورة سوف يؤدي اجلا او عاجلا الى وقوع حوادث وربما كوارث
وحوادث السير، وان حدثت في مناطق اخرى في العالم، فأنها لا تمر بشكل سريع او عابر، ولكن تتشكل اللجان ويتم فحص الامر من كل الجوانب، والاهم يتم اتخاذ الاجراءات لكي لا يتكرر الحادث، او حوادث اخرى في ظروف مشابهة، وهذا يدعونا الى ان نطالب بـأن تتنبة الجهات المعنية الى القيام بالدور المطلوب لتطبيق الالتزام بالاشارات الضوئية مثلا، ومن ثم ضبط المخالفين وايقاع العقوبات، ومن ثم فحص النتائج، واليس هذا الامر بالبسيط وغير المعقد وغير المكلف، قبل ان تسشري ثقافة عدم الالتزام بالاشارات الضوئية وبالتالي تتلاشى الالوان الموجودة عليها، وحتى تتداعى ثقافة عدم الالتزام بكل قوانين السير الموجودة، وبالتالي يستمر تزايد اعداد القتلى والجرحى والمعاقين والمأسي والحزن، من حوادث السير يوما بعد يوم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير