القضية الفلسطينية هي المحور الأول في الوطن العربي

كتب محمود جودت قبها : يشكل العالم العربي البعد القومي للقضية الفلسطينية، يشكل الموقف العربي الداعم لها الرافعة الأساسية للنضال الفلسطيني من أجل تحقيق الأهداف الفلسطينية الوطنية. والمطلوب هو أن يكون هذا الفهم جزءاً دائماً من الوعي الجمعي الفلسطيني، وأن يتحول إلى مواقف يومية نابعة من الحرص على الوضع العربي، وعلى العلاقة الرسمية والشعبية.
رغم الأوضاع الجارية في بعض البلدان العربية نتيجة الانتكاسات الذي سببها بما يسمى بـ الخريف العربي تبقى القضية الأهم لشعوبنا العربية هي القضية الفلسطينية باعتبارها القضية الأم وجوهر الصراع العربي – الإسرائيلي.
ولا ننسى بأن جميع المواقف الرسمية وغير الرسمية في البلدان العربية تؤيد الحل القائم على العدالة بما يعيد للفلسطينيين حقوقهم الشرعية وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرار الجمعية العامة رقم 194 لسنة 1948.. ويتساءل البعض – لماذا الشعوب العربية في انتكاستها بما يسمى بـ الخريف العربي لم ترفع صوراً أو شعارات تخص القضية الفلسطينية؟ فالإجابة تقول بأن هذه الشعوب لها أولويات داخلية تكمن بلقمة العيش والبطالة والحقوق والحريات العامة ومسائل الديمقراطية والتعددية.
وهذا لا يعني مطلقاً بأن هذه الشعوب نسيت القضية الأم فلسطين بل على العكس القضية الفلسطينية راسخة في قلوب ووجدان كل العرب أجمعين.. حالياً هناك مشاكل داخلية بحاجة لحل ومن ثم تفضى الشعوب العربية إلى مساندة الشعب الفلسطيني في قضاياه العادلة.. لكن الملفت للنظر بأن إسرائيل تتحجج بالأوضاع داخل بعض الدول العربية لتتهرب من مستحقات العملية السلمية لتطبيق مبدأ حل الدولتين وترجع ذلك إلى عدم الاستقرار في هذه البلدان.. وهذه الحجة عارية عن الصحة تماماً بأن الذي يزيد التوتر في المنطقة العربية هو رفض إسرائيل العودة إلى المفاوضات وتحديد مرجعية عملية السلام.
ونحن كفلسطينيين نقدر للشعوب العربية حالياً ظروفها وأولوياتها للوصول إلى الاستقرار وتشكيل الحكم السديد لحل المشاكل الداخلية فيها أولاً ونعلم جيداً بأن العرب مجتمعين يؤيدون الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. كما نحن نعلم جيداً بأننا نقف على نفس المسافة من أشقائنا العرب في دعم قضاياهم الداخلية كما تقررها شعوبها ثانياً ومواقفنا الداخلية كفلسطينيين نابعة من أن قوة الموقف العربي المشترك أساس المساندة الحقيقية لنا كفلسطينيين ثالثاً ونحن مع قرارات الشعوب العربية في تحقيق مصيرها وتحديد نظام الحكم فيها على قاعدة عدم التدخل في شؤونها الداخلية رابعاً.
وعلى ضوء الأوضاع السائدة والمتغيرات في بعض البلدان العربية تبقى القضية الأم فلسطين محور وصلب تطلعات الأشقاء العرب استناداً إلى الحق الفلسطيني غير القابل للتصرف من جهة وأن القدس تبقى روح الأمة العربية بمسلميها ومسيحييها على اعتبارها مهبط الديانات السماوية الثلاث من جهة أخرى .
لذا، فإننا كفلسطينيين نتطلع إلى أمتنا العربية في الوقوف إلى جانب شعبنا في حق تقرير المصير الذي يقوم على أساس حق الشعوب المضطهدة في تقرير مصيرها، أي التحرر من الاستعمار والسيطرة وتأسيس دولة مستقلة ذات كيان سياسي مستقل بناءً على أن الشعوب متساوية في هذا الحق، فمن الطبيعي أن يكون للشعب الفلسطيني الحق في تقرير مصيره، وفي إنشاء دولته المستقلة التي عاش فيها منذ ألاف السنين، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
أن القضية الفلسطينية ظلت لعقود ممتدة الهم الذي تتوحد خلفه شعوب الأمة العربية والإسلامية والعالم الحر ومنظماته المحبة للعدل والسلام، الرافضة للظلم وانتهاك حقوق الإنسان، وتوافقت الأمم المتحدة بغالب عضويتها على قرارات تؤكد عدالة القضية، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي أخرجوا منها بالقوة وبدون أي مسوغ قانوني يتيح للاحتلال الإسرائيلي طرد سكان المدن والقرى الفلسطينية وإحلال المستوطنات غير الشرعية مكانها، لذا ظل العالم بكافة منظوماته الفاعلة داعماً للموقف الفلسطيني الرافض للاستيطان، وتوافق الجميع على حل الدولتين في إطار تحقيق هدف السلام الدائم.
تعبر الدول العربية عن موقفها الثابت وداعم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 بما في ذلك القدس الشرقية، وحقه في العودة إلى أراضيه، وقدمت دعماً كبيراً لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بعد توقف الولايات المتحدة الأمريكية عن دعمها.
لن يحل السلام في المنطقة ما لم تطبق قرارات الشرعية الدولية والبناء على أسس القانون الدولي وصون حقوق الشعب الفلسطيني، وإزالة كافة المظالم التاريخية، وضمان تطبيق واستدامة أي اتفاق سلام لابد من وقف تمدد الاحتلال للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، ليطوي العالم الصفحة الأكثر ظلماً في تاريخ الإنسانية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء