بهار الكلام

19.12.2021 09:33 PM

 

نعيش بمجتمع يعشق التهويل والقصص، بل يعتبر من أساسيات الحديث بالنسبة لهم، فلا يستطيعون العيش دون تبهير الكلام ووضع بعض التوابل الزائدة عليه حتى يكون متناقلاً بين كل شخصٍ بنكهته الخاصة.

قد أصبحت ظاهرة تبهير الكلام شائعة ليس فقط في إطارٍ معين؛ بل في المجتمع العربي أجمع، فالأمر لا يَكمنْ بتداول القصص فقط، بل بإضافة البهارات عليها حتى يمكنْ كل فردٍ من الأفراد تداولها بنكهتهِ الخاصة، كظاهرة الزواج من دون موافقة أهل الفتاة، ففي بعض الأحيان تحدث هذه القصص في مجتمعنا، فيقوم الشاب والفتاة بالهروب فراراً من البلاد خوفاً من ما قد يحدث بهم، وتبدأ تداول القصص عليهم بين افراد مجتمعهم، فبعضهم قد يقول (أغتصبها وخطفها وهرب فيها)، والأخر قد يقول (لعبت بعقل الشب وهربوا مع بعض)، فيما بعد يصبح ابائهم غير قادرين على تحمل الشائعات والقصص المتداولة الغير صحيحة الناتجة عن إضافة البهارات اثناء تداولها، ليتبرأ كلٍ من الأهل عن أبنه وابنته.

تبهير الكلام له حاجاته التي قد يلجأ اليها الشخص من أجل تحقيق مصلحةٍ ما أياً كانت الغاية او الهروب من ملاحقة، ولم يعجب بالشخص الذي يتلاعب بموازين القصص والكلام مثل الشخص الذي يلعب بالكرات ويقذفها بالهواء بكل توازن وتعود الى يده بشكلٍ احترافي، فالاحتراف هنا ينتج عن كثرة ممارسة هذه الأمور والتي قد أصبح الشخص المحترف في هذه المهنة قدوة وغيره قد أصبح عبرة لعدم فهمه بأمور تداول القصص وتبهيرها.

هنالك نوعان من تبهير الكلام منه الإيجابي والسلبي، ولكن في أغلب الأحيان تسود السلبية أكثر من الإيجابية في تبهير الكلام، وتكمن الإيجابية في تبهير الكلام عند التحدث عن شخصٍ بصفات حسنة وهي غير موجودة فيه، وأيضاً يستخدم في حل النزاعات بين الافراد للتخفيف عن الطرف المضرور أكثر.
لربما يستخدم الأشخاص هذه الطريقة من أجل أن يعجب الشخص قبالته بسرد قصته وتصبح مشوقة أكثر، وربما يستخدمها البعض من أجل أن يضرَ بشخصٍ أخر، ولكن في أغلب الأحيان تستخدم للتوضيح وشد انتباه المتلقي، فأصبحت المشكلة اليوم ليست بتداول الكلام والقصص، بل بوضع أجود أنواع البهارات عليها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير