دبابيسك يا علي يجب أن توجعنا أكثر ! - سامر عقروق

24.06.2013 11:09 AM
وطن- بقلم: سامر عبده عقروق

يقولون في المثل العربي (هذا رجل يعرف من أين تؤكل الكتف)، وهذا يعني أنه رجل قادر على الحكم على المواقف بشكل يتصف بالحكمة والرزانة، مواقف تتصف ببعد النظر والقدرة في الحكم على الأشياء، وهو يحسن الاختيار، وأهم من ذلك يحسن الانتظار على حبة التين حتى تنضج، وهو لا يأكلها وهي عجر ( غير ناضجة)، هو إذا مسك الأمور امسكها من المنتصف، ويحسن ذلك لأنه إذا امسكها من أحد الأطراف انكسرت، ولا يسمح لنفسه ولا لمن حوله من المقربين أن يقعوا بمطبات مسموعة أو مقروئه أو مكتوبة يكون تأثيرها لاحقاً بمثابة سكاكين أو خناجر تشهر لتكون واحدة من الأدوات التي يتم مهاجمته بها.

وحتى لا تحصل الصورة السابقة فهو يحسن الاختيار والميزان، والرجال يا علي توضع عادة في الميزان وتوزن مثلها مثل غيرها، جدتي كانت تقول لي في رجل يزن قشة ورجل يزن أطناناً من التراب، والمستشار يا علي يجب أن يعمل على قاعدة في المثل العربي ( لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك).

دبوس اليوم يا علي (حسن اختيار البطانة التي تحسن النصح وتقديم المشورة، ومن أهم مزايا البطانة الصالحة الابتعاد التام عن إرضائك لأن مصالحي تقتضي رضاك، البطانة الصالحة يجب أن تقول كلمة الحق في كل مقام يحتاج إلى كلمة الحق، وإلا فإن هذه البطالة ستكون حتما شريكة ومتورطة في أي معضلة سيقع بها صاحب الرأي أو القرار، ومنهم من يجلس إليك ويخرج من مجلسك يدون كل ما تقول ويرسله خلسة أو علانية إلى من يراقبك أو ينافسك أو يتربص بك).

أما لماذا دبابيسك يا علي، فنريدها أكثر عمقاً وأكثر إيلاماً، نريدها بدون مجاملات ولا تجميل للأشياء، فدبابيسك تقوم بدور المستشار، والمستشار مؤتمن، أليس كذلك، فأنت وأنا وعدد كبير منا نتحدث بكثافة ونستعير في غير موقعة، وفي كثير من الأحيان عن سلوك ومواقف من المجتمعات الأخرى وخاصة الأوروبية، وهذا الاقتباس أو التشبيه أو التمثيل يشكل في أوقات كثيرة دبوس عميق الأثر وفي مقتل، ليس بمعنى الموت، ولكن في الأخلاق والمعايير المجتمعية، وكذلك في تعاليم الدين والسلوك المجتمعي السائد، وخاصة عندما نأخذ أمثله من المجتمعات المتقدمة، سواء بالمعنى الاقتصادي أو مجال ممارسة الثقافة والحرية والديمقراطية.

والغريب أن استعارتنا لبعض السلوكيات من هذه الدول يعتبر بمثابة وسم لمجتمعنا بالتخلف الفعلي والحقيقي، فنظرية المؤامرة وعداء الآخر لأتفه الأسباب ليست سائدة في تلك المجتمعات كما هي في مجتمعنا، والذي يسود مكانها المثل العربي (لكل مقام مقال)، بمعنى أن المواقف المهنية تؤخذ وتفسر بالمعاني المهنية الخالصة، والمجاملات والنفاق الاجتماعي والأنانية وعبادة الذات عادة ما تكون مكشوفة، وترفض لأنها ليست من السلوكيات السائدة في تلك المجتمعات بعكس ما هو سائد لدينا.

والجميل في هذه المجتمعات أن لكل رجل علم يختص به ولا يتدخل بعلم غيره وذلك على قاعدة (أهل مكة ادرى بشعابها)، فمثلاً عندما تتحدث مع أساتذة جامعات ومهندسين وأطباء في أوروبا حول موقف أو قضية سياسية، سيجيبك بكل بساطة وتواضع، أنا آسف لا أعرف الكثير ولكن وزارة خارجيتنا أكيد لديها موقف مبنى على المعلومات، وهذا لا يعني أنهم لا يناقشون الموضوع المطروح، ولكنهم لا يطرحون موقفاً على اعتبار أنهم خبراء أو كوادر متقدمة أو غيرها.

دبوسك يا علي ، نحن في فلسطين كلنا أبو العريف ، وجميعنا نمارس الإفتاء بما نعلم وما لا نعلم، نقول ما لا نفهمه وما لا يفهمه الآخرون، حتى أبناء المدرسة الواحدة أو الفصيل والتنظيم الواحد يقدمون فتاوى كل على ليلاه، وهذا يخلق المزيد من الانسلاخ والتفسخ في المجتمع.

دبابيسك يا علي ، هناك مثل يقول (إذا كثر الطباخين انحرقت الطبخة) وأنا أضيف أصبحت ملولصه، ولا يمكن لجسم واحد أن يكون له 3 رؤوس و3 قبعات، فهذا مستحيل وإلا فإننا سنصبح كالقطيع بلا راعٍ، وكل يردد ما يحلو له ويعزف ما يروق لأذنيه وآذان محبيه وأتباعه، وبالتالي فإن مجمل ما ينتج يكون نشازاً كاملاً، ولا يستطيع أن يتحمله أحد، حتى الحجارة ستضج منه، والإنسان المواطن ستكون ردة فعله ( الله لا يرد حدا، أنا مالي طالما أولادي وأنا وأهلي بخير لا حدا رد)، أنا استغرب هل إيصال الإنسان، المواطن الفلسطيني هو طلب فصائلي وتنظيمي، هل هو مطلب للمانحين لينفذوه من خلال ما يزيد عن عدد من آلاف الجمعيات والمؤسسات الممولة.

حبايبي دبابيس علي، إذا وصلنا لهذه المرحلة بصورة أكبر وأعمق مما هي عليه لنقرأ على وطننا السلام في ظل عمل كثيف لعدونا على الأرض.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير