استقالة الحمد الله ... وفشل النظام السياسي - جهاد حرب
21.06.2013 10:46 AM

يقال على شاكلة المقدمات تأتي النتائج؛ فالمقدمات القوية تأتي نتائجها قوية، والحكومات السريعة تنتهي بسرعة. ويبدو أن هذا القول ينطبق تماما على "حكومة" د. رامي الحمد الله؛ حيث شَكَلَ قصر المدة الممنوحة لرئيس الحكومة د. رامي الحمد الله لتشكل حكومته، حوالي ثلاثة أيام، تحد اساسي لبناء فريق عمل "وزاري" متجانس، كما ان التدخل المباشر في تشكيل الحكومة من قبل الرئاسة بفرض نائبين لرئيس الحكومة متفرغين ادى الى تداخل في الصلاحيات، وبات تنازع الصلاحيات يدور ما بين رئيس الحكومة ونائبيه بدلا من الصراع "التقليدي" ما بين رئاسة الحكومة والرئاسة الفلسطينية.
وسواء صدقت الانباء أو لم تصدق عن سبب الخلافات ما بين رئيس الحكومة وأحد نوابه بمن يحق له التوقيع على الاتفاقية مع البنك الدولي و/ أو على مكان مكتب نائب رئيس الحكومة و/ أو على اجراءات ادارية هنا أو هناك، فإن الاستقالة السريعة لرئيس الحكومة عبرت عن مأزق النظام السياسي الفلسطيني الذي يتم تحويله، عمليا دون تعديل دستوري، من نظام نصف رئاسي نصف برلماني الى نظام رئاسوي يمنح الرئيس صلاحيات مطلقة في الحكم، ويصبح بذلك رئيس حكومة موظفا اداريا يتولى مسؤوليات يفوضها به الرئيس لتسيير جزء من الحكم والادارة. وهذا النوع من النظم السياسية تم استخدامه في دول العربية عديدة؛ في اغلبها ثارت عليه شعوبها "تونس ومصر وسورية واليمن" ولم يبقَ منها سوى الجزائر.
يقال في الردهات المغلقة؛ ان حكومة الحمد الله هي محاولة لكسر الفيتو الامريكي على تعيين رئيس حكومة من الذين تم تداول اسمائهم سابقا لتشكيل حكومة التكنوقراط المُوَحَدَة والمُوَحِدة قبل تعديلها في اتفاق الدوله الى حكومة وفاق وطني برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزراء من التكنوقراط. لكن هذا الامر جاء وبالا ليس فقط على الرئاسة الفلسطينية، وصاحب الاقتراح في هذا الامر، والإخراج السيئ لتشكيل الحكومة بل على النظام السياسي الفلسطيني بمجمله وعبرت عن تخبطه، ومثلت دليلا على فشله، ومؤشرا لانهياره، وشكلت ضربة عميقة لهذا النظام الذي يفتقد الحكمة والحصافة.
أما بالنسبة الى حكومة تسيير الاعمال فهي ليست بحاجة الى تكليف؛ فإما أن تستمر الحكومة برئاسة د. رامي الحمد الله في تسيير الاعمال أو برئاسة نائبه الأول في حال امتنع رئيس الحكومة عن القيام بمهامه. لكن هذا الامر يحتاج إلى أن يقوم رئيس السلطة الفلسطينية بتكليف شخصا لتشكيل الحكومة خلال اسبوعين من تاريخ قبول الاستقالة.
(2) النظام السياسي فاشل... والسلطة عبء
في استطلاع للرأي نشره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، نشر قبل أربعة أيام، نتائج صادمة لقيادة الشعب الفلسطيني ولأصحاب القرار وصناعه، فيما لم يلقَ اهتماما من وسائل الاعلام والسياسيين، أولى هذه النتائج تشير إلى أن المجتمع الفلسطيني منقسم حول وصف القيادات الفلسطينية منذ بداية القضية الفلسطينية؛ فنصفه (49%) يرى أنها قيادات فاشلة فيما النصف الأخر (47%) لا يرى أنها فاشلة.
والنتيجة الثانية التي خلص إليها الاستطلاع أن النسبة الكبر من الجمهور الفلسطينيي (40%) تعتقد أن السلطة الفلسطينية بشقيها في الضفة والقطاع قد أصبحت عبئاً على الشعب الفسطيني؛ حوالي ربع (26%) ممن سيصوتون لحركة فتح ، وثلث (36%) الذين سيصوتون لحركة حماس، و45% ممن لم يحددوا لمن سيصوتون في الانتخابات القادمة يروى انها عبئا. ويرى 12% أنها انجاز في الضفة الغربية وعبء في غزة، وبنفس النسبة يروى العكس، فيما يرى فقط (30%) من الجمهور انها انجاز للشعب الفلسطيني.
والنتيجة الثالثة تتعلق بآلية انهاء الانقسام؛ حيث يعتقد ثلث (34%) الجمهور الفلسطيني أن انهاء الانقسام يتطلب اسقاط النظام في كل من الضفة والقطاع، فيما يرى 13% أنه يتطلب اسقاط النظام في الضفة فقط وبنفس النسبة أيضا يتطلب اسقاط النظام في القطاع فقط. فيما (34%) يرون أن استعادة الوحدة لا تتطلب اسقاط النظام في الضفة والقطاع. أي أن ثلثي (60%) المواطنين تقريبا يرون انه بات بحاجة الى فعل قوي على غرار ثورات الربيع العربي (خاصة تونس ومصر واليمن) لاستعادة الوحدة وإنهاء الانقسام وعدم الارتكان والارتهان لجولات المصالحة واتفاقياتها وربما شخوصها. ووفقا لاستطلاع اجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مقره الدوحة، في العام 2012 فأن الذين شاركوا في المظاهرات لإسقاط النظام في مصر فقط 2% من مجمل المصريين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء