العفو الدولية: اتهام "اسرائيل" مؤسسات مجتمع مدني بالإرهاب أحد صفات الأنظمة القمعية ويشكل خطرا على كل من يدافع عن حقوق الإنسان

26.10.2021 04:53 PM

وطن: على ضوء النقاش المستمر حول إعلان غانتس عن 6 مؤسسات حقوقية فلسطينية كـ"منظمات إرهابية"، حذرت منظمة العفو الدولية من تبعات هذا القرار الخطير، خاصة أنه اتخذ دون معايير واضحة ودون خوض مسار قضائي وإداري سليم ولا يستوفي المعايير الدولية، ولم يتخذ هذه المرة، مثل كل مرة، في المحاكم الإسرائيلية، التي تعمل كختم مطاطي لماتسمى "وزارة الأمن" في كل ما يتعلق بذريعة الأمن، وتعقد الجلسات بسرية وبحضور جهة واحدة فقط بداعي "عرض معلومات سرية".

وأوضحت منظمة العفو الدولية أنه من واجب كل دولة في العالم، ومن ضمنها "إسرائيل"، حماية العمل الحقوقي وعمل مؤسسات المجتمع المدني، ومن غير المسموح لها، حتى ضمن ادعاء مكافحة الإرهاب، المس بحقوق الأفراد أو المؤسسات دون مسار قضائي ملائم وعرض أدلة قاطعة ومقنعة تثبت المخالفة ومنح المتهم حقه الأساسي في الدفاع عن نفسه ودحض مثل هذه الاتهامات. وفي حالة إعلان مايسمى "وزير الأمن" مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية الست كمنظمات إرهابية لم يحدث أي من ذلك.

وجاء الإعلان الإسرائيلي بناء على "معلومات سرية" لا يمكن الكشف عنها، وبالتالي لا يمكن انتقادها أو دحضها، وكذلك، لم يقدم أي دليل ضد أي من العاملين في هذه المؤسسات ولم يعتقل أي منهم ولم يقدم للمحاكمة، ما يزيد الشك حول صحة هذا القرار وطريقة اتخاذه.

ويشكل هذا الإعلان تصعيدًا في الحرب على المؤسسات الحقوقية ومزيدًا من التضييق على عمل مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، ومن شأنه ضرب هذا المؤسسات في مقتل ويضعها في خطر الإغلاق قريبًا، ما سيؤثر سلبًا على العمل الحقوقي في المجتمع الفلسطيني. ويعتبر اتهام مؤسسات مجتمع مدني بالإرهاب أحد صفات الأنظمة القمعية وغير الديمقراطية، وتثير الشكوك حول الاستخدام المبتذل لذريعة الأمن ومكافحة الإرهاب من أجل أهداف أخرى. والخوف الأكبر يأتي من مرور مثل هذا القرار مر الكرام، ويأتي السؤال الأهم: ما الذي يمنع إسرائيل مستقبلًا من إعلان أي مؤسسة مجتمع مدني، إسرائيلية كانت أم فلسطينية، كمؤسسة لها علاقات بالإرهاب بناء على معلومات سرية لا يمكن كشفها، وإغلاقها لاحقًا؟

بالإضافة لكل ما ذكر، هناك تأثير كبير لهذا القرار على مؤسسات المجتمع المدني، سواء الفلسطينية أو الإسرائيلية، وخاصة الفاعلة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، ومن شأنه أن يخيفها أو يفرض القيود على عملها ويشكل خطر على كل من يدافع عن حقوق الإنسان أو ينتقد السلطات والحكومات. خاصة أن المؤسسات التي تواجه خطر الإغلاق حاليًا تعتبر من أشد وأقدم المدافعين عن حقوق الإنسان الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتعمل على منع انتهاكها سواء من قبل السلطات الفلسطينية أو الإسرائيلية، وهذا العمل بات مهددًا بالتوقف بعد إعلان وزارة الأمن الإسرائيلية.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها "إسرائيل" مؤسسات أو أشخاص دون دليل أو مسار قضائي ملائم، خاصة في السنوات العشرين الأخيرة، ووزعت اتهامات مثل التحريض على الإرهاب ومساعدة منظمات إرهابية، ومنها الذراع العسكري للجبهة الشعبية، وذهبت هذه الاتهامات مع الريح وتبين أنها عارية عن الصحة. على سبيل المثال اعتقلت "إسرائيل" إداريًا المهرج ولاعب السيرك الفلسطيني، محمد أبو سخا، الذي كان ناشطًا ضد الاحتلال، لنحو سنتين، وأطلق سراحه لاحقًا بعد تبين زيف الاتهامات التي وجهت إليه، وهذا غيض من فيض. ،في قسم كبير من مثل هذه القضايا، قامت مؤسسة الضمير بتمثيل المتهمين في المحاكم، وهي إحدى المؤسسات التي أعلن عنها على أنها خارجة عن القانون، ومثل هذا الأمثلة تزيد الشكوك حول هذا القرار.

وقال مدير البرامج في منظمة العفو الدولية في البلاد، د. ياريف موهر، إن "إخراج المؤسسات الحقوقية الفلسطينية عن القانون جاء بذريعة ’الأمن’، لكنها تشكل انتهاكًا واضحًا بحقوق الإنسان، المجتمع المدني، ولا تخدم الأمن بالتأكيد. تؤكد كثير من الأبحاث في موضوع الإرهاب تؤكد أن المس بقنوات التأثير على السياسة والقرارات، ومن بينها المجتمع المدني، تشجع قيام قنوات تأثير غير شرعية، وقد تكون عنيفة وتحرض على الإرهاب. وعوضًا عن اتخاذ إجراءات ضد من ثبت عليه بالدليل القاطع وخضع لمسار قضائي صحيح أنه داعم ومحرض على الإرهاب، حظرت إسرائيل مؤسسات وقنوات فلسطينية سلمية ولها باع طويل في العمل الحقوقي والدفاع عن حقوق الإنسان، وهي قليلة في الواقع الأليم الذي يعيش فيه الفلسطينيون تحت حكم عسكري. مثل هذه الخطوات القمعية تتناقض جوهريًا مع مفهوم الأمن ومن الصعب فهم ما تحاول إسرائيل تحقيقه بمثل هذا الإعلان سوى القمع وتكميم أفواه الناقدين والمعارضين".

تصميم وتطوير