صلاح الدين موسى يكتب لوطن: متاهة لجنة الإصلاح الرئاسية وقانون الشركات المهزلة والحكومة الموعودة !!

22.10.2021 07:44 AM

ما عادت الناس تكترث بالإعلان عن تشكيل لجنة الإصلاح الرئاسية أو غيرها، بل أكثر ما اثأر اهتمامهم من هم أعضاء اللجنة ومن المستفيد من تشكيلها، بل أن العديد منهم يزعم أنها شكلت إما لأسباب تتعلق بتصفية بعض الخصوم أو تعزيزا لنفوذ عدد من الأفراد تحضيرا لمنحهم دورا في القادم من التغييرات، أو أن اللجنة شكلت بسبب ضغط دولي أو محاولة لتخفيف نتائج لا بد أنها قادمة لا محال. والبعض رجحوا أنها محاولة لإجهاض دور أية حكومة ستفرض على ما يبدو من أمريكا وعدد من الجهات العربية والدولية.

الرئيس أبو مازن يرغب بحكومة وحدة وطنية حتى يبقي للبعد السياسي وجوده، إلا أن انعدام الثقة ما بينه وبين حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، قد يحول دون تحقيق ذلك.

طلبت أمريكا ومن خلال هادي عمرو ( المندوب السامي الجديد)  إجراء تغيير عميق في طريقة عمل السلطة ومنظمة التحرير وطلبوا تشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة شخصية فلسطينية مستقلة!!!!!، الرئيس أمهل نفسه على ما يبدو لنهاية العام لإعادة تشكيل الحكومة وإجراء إصلاحات عميقة.

أمريكا ومن ورائها إسرائيل استطاعا خلال الفترة الماضية فصل الجسم الأمني عن الجسم السياسي للسلطة حيث أصبح للأجهزة الأمنية الفلسطينية نظام عمل روتيني ينفصل تماما عن الإيقاع السياسي.

أمريكا تريد أن تستكمل الفصل الأمني بفصل الجسم الاقتصادي عن الجسم السياسي  للسلطة من خلال إصدار قوانين جديدة مثل قانون الشركات وقوانين أخرى ذات أبعاد اقتصادية، لتمكين طبقة رجال أعمال ممن تم تسمينهم خلال الفترة الماضية وممن صنعوا تحت رعاية أمريكية، ويتهربون من دفع الضرائب ويقدمون أنفسهم كعنوان اقتصادي بديلا عن ما هو قائم وجزء من طبقة رجال الأعمال الجدد ،تجد مع الوقت السلطة نفسها وبقوانين تصدرها أو أصدرتها لا سلطان لها على مثل هكذا رجال أعمال!  وما يحصل مع الرئيس ابو مازن حصل مع الشهيد ابو عمار، فالمرحوم صائب عريقات في كتابه "دبلوماسية الحصار" أشار أن أمريكا طلبت من أبو عمار وفي عز الحصار إصدار قانون هيئة سوق رأس المال وعدد من قوانين أخرى.

قد يكون اجتماع الرئيس مع رجال الأعمال في الآونة الأخيرة هي بمثابة رسالة للقطاع الخاص على مرجعية د. محمد مصطفى في الحفاظ على التواصل ما بين المستوى السياسي وممثلي القطاع الخاص.

نتدارك لنقول أي لجنة إصلاح هذه، وقد يكون التعجيل في إصدار قانون الشركات وراءه احد المتنفذين ممن وعدوا من البنك الدولي أو من جهات أخرى بمنحه حق الامتياز لتطوير المنظومة التي ستنشأ عن إصدار القانون، حيث أن قانون الشركات الجديد يتطلب بنية تحتية تكنولوجية كاملة وكبيرة، قد تحتاج لمبلغ لا يقل عن 5 مليون دولار لتشغيل هذه المنظومة.

وحسنا فعل مستشار الرئيس للشؤون القانونية بأن قام ويقوم مع احد الزملاء المحامين بمراجعة قانون الشركات الذي وقع عليه الرئيس من جديد والتعديل على عدد من بنوده قبل إصداره بشكل رسمي ، مع العلم أن نقابة المحامين علقت على مشروع قانون مختلف في نسخته عن النسخة المقرة، أي أن ملاحظات نقابة المحامين غير ذي صله ولا تتصل بالنسخة النهائية التي تم العمل عليها والتوقيع عليها من قبل  الرئيس وكما أن عدد أخر من الجهات أبدت ملاحظاتها على نسخة لم تقدم بتاتا، فأي مهزلة نحن فيها وتأتون لتقولوا أن هناك أمل في الإصلاح.

المطلوب باختصار:
1- تعديل اختصاصات لجنة الإصلاح الإداري، وتحويلها إلى لجنة لتنفيذ عدد من التوصيات التي أصدرها ديوان الرقابة المالية والإدارية في رقابته على عمل المؤسسات العامة وكذلك توصيات مؤسسات المجتمع المدني في مجال الحقوق والحريات وفي القطاع الزراعي والاقتصادي وغيرها  والمباشرة في اتخاذ إجراءات لاستعادة الثقة أو جزء من الثقة المفقودة.

2-  بناء شراكة مع القطاع الخاص والانصراف الى هموم التجار والمواطنين من خلال تخفيض قيمة ارتفاع تكلفة الاستيراد بعد الكورونا وإيجاد آليات مستحدثة للتعامل مع القطاعات الاقتصادية بروح من الشراكة البرامجية الحقيقية.

3- إعادة نشر قانون الشركات بنسخته الحقيقة لإجراء نقاش عليها للتعديل عليها من الأطراف ذات العلاقة كي لا ندخل في اشتباك داخلي على قانون نحتاج لتنفيذه لسنتين من النواحي الفنية والقانونية والإدارية.

4- التخلص من أشباه الفصائل والشخصيات التي تحتكر هذه الامتيازات وإعادة الهيبة لبريق العمل الوطني الجمعي من خلال مصالحه وطنية حقيقة، او على اقل تقدير مصالحة إجرائية تعيد لكل من سلب له حق أو انتهكت حقوقه المالية لأصحابها لعل ذلك يؤسس لمرحلة من إعادة الثقة بين مكونات شعبنا.

5- تقليص البيروقراطية المقيتة في المعاملات داخل الوزارات وفي المؤسسات العامة.

6-  تغيير كافة الإدارات الوسطى في الوزارات والمؤسسات العامة حيث أنهم أقاموا دول عميقة وحان الوقت لإصدار قرارات بإلزامية المدد القانونية لانجاز المعاملات وإيجاد آلية قانونية للمحاسبة على التأخير.

7-  تدوير العاملين في الأجهزة الأمنية من القيادات الوسطى ممن يقودون العمل الميداني ويحتكون مع الناس، وضخ دماء جديدة.

8- منع التمديد لأي مسئول يبلغ الستين مهما كان ومن كان، وان تحترم المدد لمدراء الأجهزة والمؤسسات العامة دون مواربة.

9-  أن يفتح  المسئولين  أبوابهم يوما في الأسبوع كما قرر النائب العام، بحيث  يكون لهذه الخطوة أثرها لا أن تكون شكلية فقط، وان تكون هناك مساءلة لكل مسئول لا يفتح بابه للناس، وعلى النائب العام أن يعيد تعريف دور النيابة العامة كي تكون حامية للحقوق والحريات.

10-   إلغاء منصب المحافظين وتقليص عدد الأجهزة الأمنية توحيد المرجعيات الأمنية،

11- أن يتم فصل وزارة الخارجية عن عمل الصندوق القومي، وان لا يبقى التعيين في السلك الدبلوماسي حكرا لأبناء وبنات المسئولين.

لا نحتاج إلى لجان إصلاح، نحتاج لخطوات تبني الثقة من جديد، من خلال أشخاص وعناوين جديدة، قبل أن يفرض علينا كما فرضت قوانين وقرارات وشخصيات، فالإصلاح  الحقيقي ما يشاهده الناس ويؤمنوا به ممارسة وفعلا ونموذجا ممن يثقوا بهم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير