هل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان تكتيك أم مرحلة أُحادية الولايات المتحدة كقوة عظمى في العالم قد شارفت على نهايتها؟

15.10.2021 07:29 PM

كتبت تمارا حداد: بعد عدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على تغيير النظام السياسي في أفغانستان وترسيخ الاستقرار فيها ودخولها حروب دامت لسنوات عديدة دون انتصار بارز يُحقق أهدافها، أدى الأمر إلى انسحابها من المنطقة واستيلاء حركة طالبان على الحكم وانهيار القوات الأفغانية التي كانت مدعومة بشكل مطلق أمريكياً، فهل عملية الإنسحاب التي سببت حرجاً لواشنطن جاءت  تكتيكاً أم مرحلة أُحادية الولايات المتحدة كقوة عظمى في العالم قد شارفت على نهايتها؟

إن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان جاء لأسباب عديدة أبرزها:

• عدم قدرة الولايات المتحدة على تقدير الموقف بمدى قوة طالبان تنظيمياً وعقائدياً أمام ضعف القوات الأفغانية التي تم دعمها وبنائها من قبل واشنطن، الأمر الذي يؤكد أن بناء تنظيم على غير عقيدة لا ينجح.

• السبب الآخر عدم قدرة أمريكا على القضاء على القاعدة الأمر الذي يُشار إلى إعادة بناء وانتشار القاعدة في أكثر من موقع وليس فقط في افغانستان.

هذا الانسحاب سيواجه تحديات داخل إطار الولايات المتحدة وبالتحديد للرئيس الحالي بايدن الذي سيؤثر نحو انخفاض شعبيته، ليستغل هذا الأمر الجمهوريين بالتحديد أمام انتخابات التجديد النصفي القادم 2022 لمقاعد الكونجرس، وكما أن تنظيم القاعدة بعد الانسحاب الامريكي سيقوى الأمر الذي سيضر بالولايات المتحدة وأمنها القومي، إلا في حال سعي طالبان إلى تقديم نفسها للمجتمع الدولي بأنها قادرة على ضبط الأمن وقدرتها على إدارة الحكم في افغانستان والتقليل من العمليات الإرهابية حتى لا تضطر الولايات المتحدة فرض قيود اقتصادية عليها، بالذات أن حركة طالبان تسعى إلى تقوية علاقتها الاقتصادية مع الصين وروسيا.

كما أن الانسحاب سيؤثر على نفوذ الولايات المتحدة في مناطق تواجدها في أكثر من منطقة في العالم وبالتحديد أنها روجت أن تواجدها داخل افغانستان من أجل تصويب وضعها والتخفيف من الإرهاب، لكن بعد الانسحاب تم كشف أمرها أنها صديق غير وفي بوعوده، الأمر الذي سيُحدث أزمة بينها وبين حلفائها، والانسحاب يشير إلى أن مرحلة أحادية الولايات المتحدة كقوة عظمى في العالم قد شارفت على نهايتها.

والانسحاب الاميركي من أفغانستان سيُضر بأوروبا من خلال عودة قوة تنظيم القاعدة نتيجة الانسحاب الاميركي وهو سيُسبب عدم ثقة الأوروبيين في أميركا بعد الانسحاب لأن أميركا وعدتها بقلع جذور الإرهاب ولكنها طيلة وجودها في أفغانستان لم تستطع فعل ذلك، الأمر الذي سيجعل الأوروبيين بأن يفكروا بخطط استراتيجية ذات طابع مستقل يلعب دوراً بعيداً عن أنظار الجانب الامريكي.

والانسحاب سيؤدي إلى عدم قدرة اميركا وضع قواعد عسكرية وأمنية استخباراتية في مناطق أخرى لاسيما أصبح هناك اتفاق بين باكستان والصين وروسيا ولا ننسى ان باكستان حليف طالبان، الامر الذي سيضعف الوجود الأميركي امام تقوية الوجود الصيني والروسي في منطقة الشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا، بل العكس سيكون مستقبلاً لعمل مشروعات تجارية بين افغانستان وباكستان والصين وروسيا.

تداعيات الإنسحاب:
• تعزيز الوجود الروسي بدل الاميركي في المنطقة وستسعى روسيا للانفتاح على طالبان خوفاً من أي عمليات ارهابية مستقبلية، وسيكون تعاون روسي صيني وباكستان حول اوضاع افغانستان.
• تعزيز الوجود الصيني بالتحديد من الناحية الاقتصادية الأمر الذي يُرسخ وجودها كقوى تنافس اميركا وهو ما يؤسس الى مشارف نهاية أُحادية السيطرة الاميركية على العالم.
• انسحاب اميركي مستقبلي من العراق بالتحديد بعد فوز كتلة الصدر وخسارة الطوائف الأخرى في الانتخابات العراقية.
خلاصة: على ما يبدو أن المستقبل يُشير إلى أن اميركا لم تعد فاعلاً مؤثراً في تفاعلات الشرق الأوسط أو آسيا وان هناك قوى دولية وإقليمية ستعمل على ملئ فراغ انسحاب أميركا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير