الأحياء والأموات في القدس مستهدفون

11.10.2021 07:47 AM

كتب :راسم عبيدات : العدوان على المقابر الإسلامية يتواصل ويتصاعد،فغداً الإثنين تنوي جماعات صهيونية أمريكية إقامة احتفال على جزء من مقبرة مأمن الله،كبرى المقابر الإسلامية،والتي جرى مصادرة قسم منها لصالح إقامة ما يسمى بمتحف التسامح عام 2010،التابع لجمعية "سيمون ويزانتال " الصهيونية الأمريكية المتطرفة،وهذا الإحتفال سيشارك فيه السفير الأمريكي المتصهين السابق ديفيد فريدمان المقيم في مستعمرة " بيت ايل" وكذلك وزير الخارجية الأمريكي السابق المتطرف جاك بومبيو ،والذي اعتبر بأن الاستيطان في الضفة الغربية لا يتعارض مع القانون الدولي، وكذلك هي منتوجات المستوطنات.

واليوم شهدنا عدواناً سافراً على مقبرة اليوسفية، التي جرى هدم مدخلها ودرجها،ومصادرة 4 دونمات و 300م منها،بالقرب من صرح ا ل ش ه ي د لمنع المسلمين من الدفن فيها،والعمل على تحويلها الى حديقة تلمودية توراتية..حيث أقدمت جرافات الاحتلال على نبش وجرف رفاة وعظام  ا ل ش ه داء،هذا العمل الشنيع الذي أثار غضب وحنق سكان مدينة القدس، الذين توافدوا للدفاع عن حرمة قبورهم و رفاة وعظام موتاهم وش ه د ا ئ ه م، وقبل ذلك كان العدوان على مقبرة باب الرحمة، حيث جرى مصادرة جزء منها من أجل حفر قواعد اسمنتية لثلاثة عشر عاموداً بإرتفاع 26 متراً ،تشكل حوامل لسكة حديد القطار الطائر " التلفريك" الذي سينقل المصلين اليهود والزوار الى ساحة حائط البراق، بالإضافة الى الإطلالة على كل ما يدور في الأقصى.

العدوان الإسرائيلي الممنهج والمبرمج على المقدسيين ومقدساتهم ،وعلى أحيائهم وأمواتهم مستمر ومتواصل بلا توقف،وما يصدر عن محاكم احتلالية ياتي فقط من أجل ذر الرماد في العيون،ومن اجل تخفيف حدة الإحتجاجات الدولية،ومن أجل عدم إحراج دول حلف " ابراهام " التطبيعي من العربان المنهارين،وكذلك حتى لا تتصاعد الأمور مع الحكومة الأردنية، صاحبة الرعاية والوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي المقدمة منها المسجد الأقصى،وفي الوقت الذي التقي فيه الملك الأردني عبد الله الثاني مع رئيس وزراء الإحتلال الحالي من الصهيونية الدينية "بينت" ووزير خارجيته لبيد،كل على حدا بشكل سري، ووعدا بعدم المس بالوضع القانوني والتاريخي والديني للمسجد الأقصى،ولكن هذه الوعود،شبيهة بالوعود التي قطعها رئيس وزراء الاحتلال السابق نتنياهو للملك عبد الله الثاني،كما يقول المأثور الشعبي " كلام الليل مدهون بزبده"، أي سريع الذوبان،فقادة حكومة الاحتلال من بينت رئيس وزراء الإحتلال الى وزيرة داخليته شاكيد، ووزير أمنه الداخلي عومر بارليف ومفتش عام شرطته يعكوف شبتاي ..الخ، سمحوا للجماعات التلمودية والتوراتية بأداء طقوس تلمودية وتوراتية لصلوات صامتة في المسجد الأقصى،في تطور خطير نحو تثبيت وقائع جديدة تغيير من الأوضاع القانونية والتاريخية والدينية للمسجد الأقصى، في خطوات ممنهجة ومنظمة،عبرت عنها القاضية اليمنية المتطرفة بيهلا يهالم فيما يسمى بمحكمة الصلح الإسرائيلية،والتي أعطت قراراً بالسماح للحاخام اليميني المتطرف أريه ليبو  وأتباعه بأداء طقوس الصلوات الصامتة في الأقصى، وهذا الحاخام العنصري ،هو أمين سر مجلس " السنهدرين الجدد"، الذي شكله مجموعة من الحاخامين من التيار القومي- الديني لإحياء ما يسمى بالهيكل المزعوم بدل المسجد الأقصى مع كامل طقوسه التلمودية والتوراتية.

بعد موجة الغضب التي اجتاحت المجتمع المقدسي،ورفعت من حدة الغليان في المدينة،وبما ينذر بانفجار الأوضاع على نحو أوسع وأشمل،وبما يعيد الأوضاع الى ما كانت عليه في نيسان الماضي،حيث هبات القدس الثلاثة ساحة باب العامود، الأقصى والشيخ جراح،والتي جاءت كرد فعل مباشر على العدوان الإسرائيلي على شعبنا في القدس بهدف تهويد ساحة باب العامود وتغيير الأوضاع القانونية والتاريخية والدينية في الأقصى وطرد وتهجير سكان حي الشيخ جراح.

ما يسمى بالمحكمة المركزية الإسرائيلية،بعدما رأت بأن الأوضاع يمكن أن تنفجر على نطاق أوسع من مدينة القدس،أصدرت قراراً بمنع أداء الصلوات التوراتية الصامتة في الأقصى،ولكنها لم تلغ قرار محكمة الصلح الإسرائيلية،وتركت التقرير بشأن الصلوات والطقوس التلمودية والتوراتية  في الأقصى بيد قائد شرطة الإحتلال. وقد سبق قرار تلك القاضية المتطرفة جملة من الممارسات الميدانية المدعومة من قبل المستويين السياسي والأمني،مهدت لقرار تلك القاضية المتطرفة،خلال فترة الأعياد جرت محاولات لإدخال الأدوات المستخدمة في احتفالات ما يسمى بعيد العرش من سعف النخيل وأغصان الريحان والصفصاف،وكذلك رفع العلم الإسرائيلي في الأقصى،والنفخ في البوق وترداد ما يسمى بنشيد دولة الإحتلال "هتكفا" ،واحياء طقوس زواج وممارسات لا أخلاقية وفاضحة،وأداء طقوس ما يسمى بالسجود الملحمي،وتبجح زعيم "الصهيونية الدينية" المتطرف اليميني ايتمار بن غفير بأنه في المرة القادمة سيدخل علناً الى " جبل الهيكل"،أي المسجد الأقصى رافعاً علم دولة الإحتلال.

العدوان والإعتداءات على القدس بأحيائها وامواتها ومقدساتها وفي المقدمة منها الأقصى لم ولن تتوقف،في ظل حالة فلسطينية منقسمة على ذاتها ومتشظية وضعيفة، وسلطة لا ترتقي بدورها ومسؤولياتها الى حجم المخاطر المحدقة بالقدس والأقصى،وكذلك الحكومة الأردنية صاحبة الوصاية على المقدسات والأقصى،فردود الأفعال الباهتة فلسطينياً وعربياً واسلامياً،والمكتفية باللازمة المكررة والإسطوانة المشروخة والتي لم تعد مقنعة لطفل فلسطيني،من بيانات شجب واستنكار ومذكرات احتجاج وبكاء وعويل على أبواب المؤسسات الدولية،لن تلجم العدوان لا على القدس ولا على الأقصى ولا على الكنائس ولا على المقابر الإسلامية والمسيحية،ولا على الرموز والقامات الدينية والوطنية،كما حدث اليوم مع سماحة الشيخ عكرمة صبري الذي جرى صباحاً اقتحام بيته،والتحقيق معه في معتقل المسكوبية في القدس،حول الصلاة في مصلى باب الرحمة والدعوة للرباط في المسجد الأقصى،ومن ثم القرار الذي رفض التوقيع عليه بإبعاده القسري عن المسجد الأقصى لمدة أسبوع.
 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير