كيري... والمفاوضات غير المباشرة: م.موسى شوقي

13.06.2013 11:15 PM
حكومة نتينياهو ماضية في الاستيطان بلا هوادة على معظم أراضي الضفة الغربية. المدينة المقدسة، واقعا، باتت أقرب لأور شليم منها الى القدس، فالامكانيات الموظفة لتوحيد شطريها عبر الابداعات الهندسية والبنى التحتية وشبكة المواصلات هائلة وتستحق براءة اختراع في مجال الفصل العنصري ثلاثي الأبعاد. على المستوى السياسي الرسمي، المفاوضات متوقفة والتنسيق الأمني مستمر باعتباره مصلحة سلطوية أولا، والمقاومة المرغوبة أدواتها ناعمة كعروض الأزياء. أما معدلات دخل الأسرة الفلسطينية فتخطت خط الفقر هبوطا نحو خط الفقر المدقع وجيش البطالة يزداد عدد جنوده يوما بعد يوم من النخبة الشابة. المساعدات الخارجية تنضب لتعوضها الرسوم والضرائب المحلية عبر مشروع الاكتفاء الذاتي المحمول على عجلة اقتصاد لا تدور نتيجة لسيطرة الاحتلال وتحكمه بدفة قيادتها وأسباب أخرى. انقسام سياسي معادلة تفاعله الكيميائية باتجاه واحد وناتجه دولة مؤقتة هناك يتم التوافق عليها شيء فشيء وتتضح معالمها دون أي حاجة للاتفاق أو التفاوض مع أحد، فهناك من يقوم بالمهمة بالوكالة. وكما هي الدولة وعيد استقلالها، كذلك مؤسسات الحكم فيها، حبر على ورق ولا داعي لسرد الشواهد على ذلك لأن صفحات الجريدة محدودة. نماذج الشرعيات كافة تتآكل، الثقة بالمنظومة تتزعزع، والأمل لدى الناس يتبدد. نعم، نبجل الانجازات الوطنية ونصفق لكلمات المسؤولين، نناكف بعضنا بعضا، نكابر، ولكننا جميعا نعلم اليقين وندرك تماما لما نحن فيه، نشاز مكتمل. الكل الفلسطيني الحاكم من أقصى اليمين الى أقصى اليسار اتفق أن السلطة انجاز وطني بامتياز، ولكن لا علاقة وثيقة لهذا الاجماع باستمرار وجودها، أما باقي الجمهور فيراها امتياز يضخم ثروات البعض في ظل حديث لا ينتهي عن الفساد. اذا لحظة الانفجار مستوفية لكافة شروطها ومؤهلة بما يكفي، ولكن الانفجار لم يحدث. ربما خوفا من بعبع اسمه الفوضى والفلتان، أو غول اسمه نموذج غزة، أو حسابات الربح والخسارة، أو خوفا من المجهول، أو أملا بتغير الحال عبر الصدفة، وأستبعد أن يكون الاحتلال قد أدب شعبنا بعمليتي السور الواقي وعامود السحاب! بالغالب هي هواجس فردية لأن الأهداف شخصية ولم تعد مشتركة، ولكن هذه الأسباب سرعان ما تتبدد.
الاستراتيجييون ثاقبو النظر يدركون هذه الحقيقة ويعلمون مدى خطورتها، ويعتقدون أن الانفجار حاصل لا محالة، ولكن في أي اتجاه! كالعادة حللوا البيانات والمعطيات وخططوا عنا لنتدارك نحن تلك اللحظة. اذا المطلوب مزيدا من الوقت لانجاز البنية التحتية للحل من طرف واحد، فمطامع الاستعمار لا تنتهي عندما يخلط الخصم بين الغاية والوسيلة فيضع الصفر في المقام في ظل ربيع عربي تأثر جدا بالتغير المناخي الناتج عن الانحباس الفكري فاكتسى وشاح الخريف. اذا، المخرج: مفاوضات غير مباشرة، المكلف: جون كيري. الجزرة: شيك بدون رصيد بقيمة أربعة مليارات دولار، وأعتقد أننا سندفع تكلفة التسهيلات مقدما وقد يحدث أن لا نحصل عليها أبدا باستثناء رواتب الموظفين. المنهجية: المال والأعمال- بالذات مشروع السلام الاقتصادي. ولأننا براغماتيين سكر زيادة ونعتقد كثيرا بلغة المصالح وفن الممكن مبالغيين في التيه، سنوافق. لم لا وكل طرف منا يدرك أن الظروف المحيطة ليست مواتية لمصالحه، خاصة وأن الملفات الاقليمية ما زالت في طور الحسم. اذا يبقى الحال على ما هو عليه لعامين آخرين -على الأقل- حتى تنتهي مقاولات الدم والتقسيم في الاقليم العربي وينجز الاحتلال مركز تفاوضي متقدم كثيرا هذه المرة للدفع باتجاه الحل من طرف واحد. تكتيكيا، الأطراف الفلسطينية رابحة وفقا لحساباتها الضيقة وكل كسب وقتا اضافيا في السلطة المطلقة ليفعل ما يحلو له دون تقديم تنازلات لأحد. استراتيجيا، الباب مفتوح أمام خيالكم لرسم ما ستكون عليها خارطة فلسطين. لطالما اعتقدنا بامتياز عامل الزمن في صراعنا باعتباره حليفنا الاستراتيجي، ولكننا تجاهلنا نسبية أينشتاين، فالزمن نسبي لموقع مراقبة الحدث، المقصود أن الاحتلال أيضا يراقب نفس الحدث ولكن من موقعه ويعمل ليل نهار، فهمومه وجودية جماعية والهزيمة الواحدة كافية لاندثاره. اذا، من يقترب من سرعة الضوء سينتصر في معركة الزمن! ومن يخطئ في استخدام خيارات استراتيجية لتعزيز تكتيكات سياسية سيخسر المواجهة دائما.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير