هل العالم مقبل على حرب باردة ؟

22.09.2021 10:40 PM

كتب: جلال نشوان

التطورات السياسية  الخطيرة والمتسارعة لتشكيل  الحلف الجديد بين ( الولايات المتحدة الأمريكية  وبريطانيا ،واسترتليا  )، هذا الحلف الذي تم تشكيله لمجابهة الصين، فالنفوذ الصيني بات يؤرق صناع القرار في امريكا ، ولعل تصريح الرئيس بايدن بأن الولايات المتحدة الأمريكية تشعر بقلق من تنامي القوات الجوية الصينية، خير شاهد على ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وجهت طعنة في الظهر لفرنسا حليفتها الر ئيسة في حلف الناتو ، حيث ضغطت على استراليا  للعدول عن صفقة الغواصات مع فرنسا، ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت استراتيجية للدفاع عن حلفائها  ، في الحوض المائي ( استراليا ، كوريا الجنوبية وكذلك اليابان ، وذلك في إطار خطتها لمحاصرة  الصين.

القصة المهمة والتطور السياسي الخطير ليس خروج فرنسا التي اعتبرته طعنة في الظهر، بعد إبعادها من الحلف الاستراتيجي ومن الصفقة العسكرية ضد الصين. الأهم تشكيل الحلف الجديد بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا الموجه ضد الصين، سواء أكان دفاعاً عن الدول الحليفة في ذلك الحوض المائي، مثل أستراليا وكوريا الجنوبية، وكذلك اليابان، أم أنه حلف هجومي لمحاصرة الصين.

ويبدو أن  الولايات المتحدة الأمريكية وضعت نصب أعينها بأن تقوم بريطانيا بدور عسكري في هذا الشأن ، وستثبت الايام ان من اقنع بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي هي امريكا.

وليس معنى هذا أن فرنسا خارج هذا الحلف ، فهى عضو فاعل في حلف الناتو وخائف استراتيجي ، ولكن امريكا وضعت في أولوياتها تشكيل هذا الحلف لأنها في عجلة من أمرها.

الفرنسيون غاضبون، ولكن هذا الغضب لن يغير شيئاً.

غضب فرنسا وإحباطها لن تعيره مريكا  ا ي اهتمام  لأن فرنسا  ستبقى حليفاً  مركزياً  للولايات المتحدة الأمريكية وربما يأتي دورها الفاعل مستقبلا ًبايدن في جولته الخارجية الاولى ، سافر من واشنطن وفي جعبته تشكيل هذا الحلف ، لانه شعر  بخطورة النفوذ  الصيني   ، لذا أجرى مفاوضات معمقة ووضع استراتيجيات وكأنه يقرع طبول الحرب ، خاصة أن الوجود الصيني في بحر الصين افشل كل خطط امريكا ووضع في جعبته أيضاً الدور الكبير والملتقى على عاتق  لبريطانيا ، خاصة وأنها من أقوى حلفاء امريكا في حلف الناتو وعليها القيام بدور محوري هام.

في التطور الجديد، نرى أن الولايات المتحدة عادت لتأهيل بريطانيا واعتمادها دولة محورية في الصراع الدولي،وهو امتداد طبيعي لدورها في الحروب العالمية في القرون الماضية ، ويبدو أن خروجها من الاتحاد الأوروبي لكي تتحرر من قيود الاتحاد الأوروبي
الصراع الأميركي الصيني في كل يوم تزداد  وتيرته ، ولعل مقولة وزير الخارجية السابق (بومبيو ) ... اذا لم يتصد العالم للصين ، فستأكل الصين غداء العالم
صناع القرار الأمريكيين عبروا في أكثر من مناسبة عن تخوفهم وقلقهم  من توسع الصين في عدة مناطق في العالم ، خاصة  في  مناطق النفوذ الأميركية مثل باكستان، وغرب آسيا، والقرن الأفريقي. وكذلك عندما تم الكشف عن عرض صيني سري لإيران، باتفاقية تعاون لـ25 عاماً، تشمل قطاعات استراتيجية، بما فيها النفط والتصنيع العسكري.

الأمريكيون يضعون أيديهم على قلوبهم من القوة الهائلة التي تمتلكها الصين ، مما دفعهم إلى إحياء تحالفاتهم وتحصينها ، ووضع يبدو أن قادم الأيام يحمل في طياته الكثير ، فالنشاط الصيني في بحر الصين العظيم بات يشكل خطراً على حلفائهم  في الفلبين، وماليزيا.

وفي الحقيقة، اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية الصين ، بإقامة الجزر الصناعية . ، وكأنها في حالة حرب.

دواعي القلق الأميركية الحقيقية أكثر من ذلك؛ هو تعاظم قوة الصين وتمددها بشكل لا يتوقف أبداً. حتي أن المراقبين قالوا إن الصين اقتربت من التربع على عرش الاقتصاد العالمي.

هذا بالإضافة إلى  نجاح الصين الاقتصادي والصناعي والعلمي وكذلك العسكري يقلق واشنطن التي ترى أن التنين الصيني  سيصبح خطراً على مصالحها ، ولعل اتهامات الولايات المتحدة الأمريكية ، بأنها هي من صدرت الكورونا للعالم ، يدل دلالة أكيدة ، على مدى الاحتقان الرهيب فى العلاقات بين القوتين الكبيرتين.

الولايات المتحدة الأمريكية ، ستضم دولاً أخرى ، الحلف الثلاثي وستسعي إلى إقامة تفاهمات أخرى معادية الصين ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً :
هل العالم مقبل على حرب باردة ؟

أمريكا لن تسمح لأي قوة في العالم بأن تحل محلها ، وذلك لإبقاء هيمنها على العالم ، فقد أقيمت هذه الدولة على أنقاض الهنود الحمر ، ونهب خيرات الشعوب ، وقتلت ودمرت ، إلا أن هروبها من أفغانستان،  كان بهدف تطويق الصين.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير