المهرجانات العربية للاعلام بين الكولسه والمحاصصة

21.09.2021 10:58 AM

 كتب رياض سيف  : تعددت المهرجانات العربية للإعلام وأصبحت اكثر من عدد الدول العربية، فما أن يمر شهر الا وتجد أكثر من مهرجان هنا وهناك يلتقي فيها اعلامي الإذاعة والتلفزة والعاملين في مجال الدراما العربية، وتشكل لجان من عدة أقطار تُنسبهم دولهم ونقاباتهم لتحكيم ما يقدم لهم من مئات المسلسلات والسهرات والبرامج بجميع أنواعها وأشكالها . والملاحظ ان هذه المهرجانات لا تختلف عن بعضها البعض في الأسلوب والنتائج، وكأنها تتبع دستوراً لا يمكن الحياد عنه، ولذا فهي اقرب الى النزهة منها الى الفعل الفني الهم الا في العلاقات العامة التي تجري خلف الكواليس بين الأقطاب التي يمكن إنجازها بعيداً عن أجواء المهرجانات، حتى اذا ما كانت هناك فعاليات ثقافية او ندوات على الهامش لاتجد الا القليل من يهتم او يقبل عليها، على مبدأ أن ما سيقال قد قيل عشرات المرات، وأن ما سيتلى من بيانات هي هي منذ تأسس أول مهرجان إعلامي عربي .

 ولا يهم الكل سوى النتائج وإعلان الجوائز، وهنا تبدأ الكولسة في الاتصالات مع ادارة المهرجانات ولجان التحكيم من أجل حجز مقعد في جائزة ما  مهما كانت، مما يجعل الادارة مضطرة الى ارضاء الجميع، واختلاق جوائز اضافية حتى تشمل جميع المشاركين من قطاع عام وشركات خاصه، ولكل من حضر، بمعنى ( ما حدا بطلع من العرس الا راضي ) ، فشهادات التكريم والتقدير والمشاركين ومرافقيهم جاهزة للجميع، وجوائز الترضية بجميع اشكالها حاضرة، وفي النهاية جوائز لاتعد ولا تحصى بشكل شهادات او ايقونات او كؤوس لأعمال مشاركة . ويخرج الجميع فرحاً بما ناله من نصيب . فيجد المجتهد نفسه متساوياً مع غيره من الآخرين مما يقلل بالنتيجة من هيبة الجائزة ويقلل من قيمتها ويُذهب حلاوة الفوز للفئة التى قدمت ولم تنل أكثر من غيرها من تكريم .


اما عن لجان التحكيم فلا تسل، خلال ايام معدودة او مدة معينة عليها أن تقدم تقاريرها لآلاف الأعمال المقدمة من حيث النص والتمثيل والصوت والصورة والموسيقى والديكور والسينوغرافيا والتكوين والإخراج  جملة واحدة دون وجود لجان متخصصة في كل فرع من الفروع المذكورة مما يدع مجالاً أكبر للمزاج والتقدير في تحديد النتائج، وفي بعض الأحيان تتفاجأ اللجان بأن بعض قراراتها لم يؤخذ بها عند اعلان النتائج لتوجه ما تراه الإدارة او اللجنة العليا مناسباً لكسب موقف سياسي او معنوي بتغليب عمل درامي على آخر .
ومن خلال مشاهداتي الخاصة لعدد من المهرجانات، وربما صدفة لا أعرف من تذكر يوما أن هناك شخص مثلي  له علاقة بالدراما حين تم تنسيبي لأحد اللجان التحكيمية في احد المهرجانات الإعلامية ، حيث كانت تصلني الحلقات الدرامية عبر الانترنت لأبدي رأيي في ايها يستحق اولا وثانيا وثالثاً لعشرات الأعمال الدرامية العربية، مع ملاحظتى أن بعض الأعمال المهمة والتي تابعتها على الشاشة قد غُيبت .

وعملاً بالامانة كتبت تقريراً مفصلاً عن الأعمال التى رأيتها تستحق حسب الترتيب مبيناً حجتى . وما أن انهيت التقرير حتى جاءني هاتف يطلب مني أن أذكر له بالتتالي الأعمال التي ارشحها، وخلال دقيقتين انتهت المكالمه، وألقيت تقريري في سلة المهملات وأدركت أن جهودي كلها تم اختصارها بمكالمة عابرة ولا أظن أنه سيؤخذ بها بأي حال من الأحوال وهذا ما حصل فعلاً .

في مهرجان عربي آخر تم دعوتي إليه لتكريمي عن مسلسل الإجتياح مع المرحوم المبدع شوقي الماجري وآخرين من عمالقة الفن العربي. وايضاً لا أدري من زل لسانه وتذكر اسمي لينسبني لذلك الموقف وانا المتخفي خلف جدران النسيان .
في ذلك المهرجان قابلت العديد من أعضاء لجان التحكيم ممن تربطني بهم علاقات قوية . وفي جلسة مع بعض الاعضاء ذكروا لي أن هناك عملاً درامياً بشكل سهرة تلفزيونية اتفق الجميع على استبعاده كلياً لعدم صلاحيته، وحتى لاتلام اللجنة على استبعاده فقد أعطى علامة 10/100 . وتفاجأت ومعي أعضاء اللجنة أن العمل الذي رأت اللجنة استبعاده قد نال الجائزة الذهبية عن فئة السهرات او الافلام التلفزيونية، وعلمت لاحقاً أن هذا الإعلان جاء تعاطفاً مع قضية يحمل المهرجان عنوانها  . والغريب أن عدد الجوائز التي وزعت في المهرجان زادت عن مائتي جائزة وبأكثر من عدد الحضور لحفل الختام .
حدثني المرحوم البير حداد منتج منفذ مسلسل بوابة القدس الطريق الى باب الواد خلال مشاركة المسلسل في مهرجان البحرين عن الكولسة التي كانت تتم خلال المهرجان بين المنتجين ولجان التحكيم في المهرجان . وأن بعض المنتجين صرحوا له بأنهم قد ( زبطوا أوضاعهم ) ونصحه المرحوم المنتج اسماعيل كتكت وبعض المنتجين  أن يقوم من جانبه بالكولسة لعل وعسى أن لا يخرج خالي الوفاض ، ولدماثة واستحياء البير عن هذا الفعل اخبرهم انه سيقبل أي نتيجة مهما كانت ، وسيكون راضياً بما قسم له . ليتفاجأ الجميع ممن أرهقوا أنفسهم بالكولسة بفوز بوابة القدس بالجائزة الذهبية وفوزهم بجوائز الفضية والبرونزية .
هذا حال مهرجاناتنا العربية ، اما مهرجانات الغرب فتختلف كلياً عن ما يجري عند العرب . اذ لكل لجنة اختصاصها في كل تفصيل من تفصيلات العمل الدرامي، ويتم تحويل التقارير الى لجان أخرى للتدقيق بها مما يستغرق الامر اشهراً عديدة يتمخض عنها جائزة وحيدة لكل فرع من فروع العمل الدرامي، مما يجعل للجائزة قيمتها ورونقها ، ويصبح الاحتفال بالجائزة حدثاً تاريخياً ومهما يسجل في سجل الخالدين .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير