د.عقل أبو قرع يكتب لـوطن: يوم النظافة العالمي... ومكبات النفايات في بلادنا!!

17.09.2021 10:20 AM

 

يصادف الخامس عشر من أيلول من كل عام، ما بات يعرف ب " يوم النظافة العالمي"، والذي يتم الاحتفال به على مستوى العالم ومن خلال تكتل المئات من مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والمؤسسات، والهدف الاساسي هو بث الوعي والممارسة من أجل الحفاظ على البيئة ومكوناتها من النظام البيئي الحيوي، وبالأخص في هذه الايام، في ظل تراكم النفايات ومن مختلف الانواع، في الشوارع والاماكن العامة.

ومن ضمن ذلك ما نشاهده في بلادنا في بعض المناطق والاحياء، حيث ما زالت معضلة التخلص من النفايات ومنها النفايات الصلبة محل النقاش بين المختصين في هذا المجال، ومن ضمن وسائل متعددة يتم استخدامها للتخلص من النفايات الصلبة، هناك وسيلة طمر النفايات في مكبات تم انشاؤها خصيصا وتستوفي الشروط الصحية والبيئية لذلك وتراعي احوال الناس القاطنين بالقرب منها.

وفي بلادنا، فإن من ضمن المكبات التي يتم استخدامها وعلى نطاق واسع ومعروف من قبل بلديات عديدة، هو مكب " زهرة الفنجان" الذي يقع في محافظة جنين، الذي يعتبر وبشكل نسبي، من أفضل الأمثلة لتصميم مكبات للتخلص من النفايات ألصلبة، سواء من حيث الموقع، أو البناء، أو عملية الطمر والتخلص من النفايات، ويعتبر مثالا ناجحا على إمكانية القضاء على ظاهرة مكبات النفايات العشوائية، غير الصحية والمضرة بيئيا، والمنتشرة بشكل كبير في بلادنا.

ورغم أن مكب زهرة الفنجان بات يخدم مناطق أكثر وأوسع مما كان مخطط له مسبقا أو حين تم بناؤه، الا ان تداخل السياسة مع الاقتصاد مع البيئة والصحة والقرب من السكان وبالتالي انتشار الروائح الكريهة، يستدعي أخذ كل هذه الجوانب بعين الاعتبار، حين العمل من أجل تصميم أو بناء مكبات نفايات صلبة جديدة، في المحافظات الفلسطينية المختلفة، والتي نحن الأحوج اليها.

والتخلص من النفايات الصلبة وغيرها من النفايات، هي ضرورة بيئية وصحية لنا، حيث أننا الأحوج لحماية البيئة وبكافة مصادرها، مع الزخم المتصاعد للبناء وللنشاط العمراني والسكاني، والمصادر الطبيعية المحدودة، فإن الانتباه الى الجانب البيئي لكل هذه النشاطات هو امر هام، ومن ضمن الاجراءات المطلوب القيام بها في هذا الصدد، وبالإضافة الى تطبيق القوانين البيئية الملزمة هو إنشاء المكبات في ظل الشروط الصحية والبيئية، وبالتالي الانتهاء تماما من ألمكبات ألعشوائية ومن عملية حرق النفايات في الحاويات.

ومن الاشكالات التي أحاطت او تحيط باستمرار عمل مكب "زهرة الفنجان" والتي يجب أخذها بعين الاعتبار حين مناقشة عملية التخلص من النفايات الصلبة، هو الموقع، أو المكان ألذي من المفترض أن تتواجد فيه مكبات النفايات الصلبة، وبالأخص التأثير على السكان القريبين من المنطقة، وليس من الضرورة أن يكون هناك أثار صحية مباشرة، ولكن استمرار إنتشار الروائح، وبالإضافة الى الإزعاج، قد يكون لذلك أثار صحية غير مباشرة، أو بعيدة المدى على الناس في المنطقة، وبالتالي لا عجب أن تتواصل شكاوي المواطنين الذين يسكنون بالقرب من مكب "زهرة الفنجان"، من الروائح ألكريهة، وبالأخص إذا بقيت النفايات ألصلبة لفترة أطول من المفروض، قبل عملية طمرها.

ومن الامور الاخرى هو أمكانية وصول النفايات ألخطرة، من نفايات طبية وكيميائية وغيرهما الى مكبات النفايات ألعادية، مثل مكب" زهرة الفنجان"، حيث أن طريقة التخلص من النفايات الخطيرة أو التعامل معها تختلف عن التخلص من النفايات العادية، واذا وصلت هذه النفايات الخطرة الى مكبات النفايات العادية، واحتمالات تسرب العناصر الكيميائية الخطيرة الى العصارة وبالتالي الى المياه الجوفية، وهذا بدورة يتطلب إجراء الفحوصات المخبرية الروتينية للعصارة، وكذلك تدخل الجهات الرسمية، من البيئة والصحة والحكم المحلي، للتأكد من أن النفايات الخطرة يتم التخلص منها بأسلوب علمي سليم.

ومن ضمن الاشكالات التي تحيط بمكبات النفايات المحدودة القدرة، منها مكب " زهرة الفنجان" هي القدرة الاستيعابية لهذا المكب، حيث من الواضح أن هذا المكب يغطي في الوقت الحاضر مناطق اوسع بكثير مما كان مخطط له عند إقامته، حيث كان فقط مخصصا لمحافظات جنين وطوباس، أما الآن ولأسباب مختلفة، لها علاقة بالسياسة والاحتلال والاقتصاد فانة يغطي حتى محافظات رام الله والبيرة، ونابلس، وغيرهما، وهذا بدورة، سوف يعمل على تقصير عمر المكب، وعلى احداث إشكالات تتعلق بعملية الاستقبال والطمر والتعامل مع النفايات المختلفة.

وإذا كانت عملية التخلص من النفايات الصلبة من خلال مكبات بيئية صحية هي الاولوية، فإن عملية التقليل من النفايات الصلبة من الأساس هي من احد أهم المبادئ للتعامل مع مشكلة النفايات المختلفة، ومنها النفايات الصلبة، سواء من حيث التقليل من شراء المواد الاستهلاكية التي تستخدم لمرة واحدة فقط، واتباع ثقافة الفصل بين النفايات، كما هي متبعة وبسهولة وبسلاسة وحتى بعائد اقتصادي بالإضافة الى العائد البيئي، في مجتمعات عديدة في العالم، وعملية فصل النفايات سوف تسرع أو تشجع عملية أعادة التدوير وبالتالي الاستفادة من كميات كبيرة من النفايات، مثل الورق والبلاستيك والزجاج.

ورغم السلبيات والازعاج، فإن مثال مكب "زهرة الفنجان"، يعتبر مثالا بيئيا ناجحا في بلادنا، يستدعي التفكير على المدى البعيد لإبقاء هذا المكب يعمل، وبل الاستفادة منه من خلال الحصول على عائد بيئي واقتصادي، اي من خلال  العمل على انتاج الطاقة ألكهربائية من النفايات او من تحللها او نتائج عملية التحلل، وهذا ما يتم في ألكثير من البلدان في ألعالم هذه الايام.

وحتى أن هناك دول تقوم بشراء النفايات لإنتاج الكهرباء من خلال التخلص منها في مكباتها، وبالإضافة الى انتاج الكهرباء، فإن انتاج السماد العضوي وبطريقة صحيحة من المكبات يعتبر من المشاريع الناجحة، وبالاخص ان جزأ كبيرا من النفايات الصلبة في بلادنا، هي نفايات منزلية، أي تحوي كميات كبيرة من المواد العضوية والطعام، وبالتالي أمكانية استخدام السماد العضوي في المناطق الزراعية القريبة والبعيدة، مع عائد اقتصادي وبيئي وزراعي وصحي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير