ما بعد الهروب

16.09.2021 09:48 AM

وطن: بدون أدنى شك شكلت عملية الهروب من معتقل الخزنة( سجن جلبوع) ضربة قوية و تحدي جديد للمنظومة الأمنية في إسرائيل  وأصابتها في القلب و شوهت هذه المؤسسة وهشمتها في الوجه علما أن هذه  الدولة تعيش على الأمن وتعتبر الموضوع الأمني  الهواء الذي يتنفسه الإسرائيلي كما خدشت الرئة في جسد هذا الكيان وعليه فان طبيعة الحدث ولو كان معنوي حرك الشارع العربي بشكل عام والشارع الفلسطيني بشكل خاص الذي شدت أعصابه وما زال مشدود وأعادت قضية الأسرى إلى الواجهة ويكمن أهمية الحدث بالنسبة للإسرائيليين من خلال الحملة الشعواء في البحث وتجنيد كل مكونات المؤسسة الامنيه للعثور على الأسرى الفارين ويتجلى ذلك واضحا من خلال تصريحات كبار المسؤولين في الدولة العبرية ومن الاعتداء الوحشي على أسرى  لا حول لهم ولا قوة حتى إن بعضهم ادخلوا إلى المستشفيات بعد عمليه إعادة الاعتقال بساعات وهذا يدلل على طبيعة التحقيق الذي تعرض له الأسرى من اول لحظه تم إعادة اعتقالهم فيها كما أن الصور أظهرت الغل و الحقد الدفين لدى المؤسسة الأمنية برمتها على هؤلاء الذين ينشدون الحرية ويتوقون لنسيم الهواء الطلق و العيش تحت السماء مباشره بدون حاجز يمنع عنهم زرقتها وخيوط الشمس.

فيما يتعلق بالرواية الإسرائيلية فقد تم إخراجها  بشكل يفوق الممتاز وهذا شيء طبيعي في ظل غياب الرواية من أفواه الأسرى أو من الطرف الآخر فقد استطاع جهاز الأمن الإسرائيلي من دس السموم في الجسد الفلسطيني في محاولة منه لتمزيق نسيج الشعب الواحد وأنا استغرب طبيعة تبني هذه الرواية من قبل مفاصل مهمة في المجتمع  وكثرت الشتائم بحق أهلنا في الداخل المحتل وهذا لا يجوز لان شعبنا بالداخل دفعوا ثمنا باهظا ودمرت قرى ومدن وهجر أكثر من 750 إلف في العام 1948 فلا يعقل أن تتبنى رواية عدو مجرم لا يعرف للإنسانية طريق قاتل الأطفال والشيوخ ومرتكب المجازر وهو الذي  بنى  كيانه اللقيط على آهات وعذابات شعب قام بتشريده منذ أكثر من 70 عاما وما زال مستمرا في قهر هذا الشعب لا بل يتلذذ في سماع صراخ الأمهات.

لقد صور الإعلام الإسرائيلي وأنا من المتابعين له أن هؤلاء الستة هم إرهابيين، قتله ومجرمين وان احدهم قام بإطلاق النار على رأس طفله والغريب أن هناك من الإعلام العربي يتساوق مع الإعلام الإسرائيلي الأصفر ويتماشى معه والذي يصدح ليل نهار بان عملية الهروب جريمة كما أن النخب في الدولة  العبرية وعند استضافتهم على فضائيات عربية يزجون بالسلطة الوطنية الفلسطينية في الحدث و السلطة تنسق مع الأمن الإسرائيلي من الإلف إلى الياء وهذا غير صحيح خاصة أن السلطة الفلسطينية لا نفوذ لها في مناطق (ج) الواقعة في أراضي الضفة الغربية فما بالك في أراضينا المحتلة عام 1948 علما بأن الأسرى الفارين لم تطأ أقدامهم أراضي الضفة الغربية حسب قول المؤسسة الامنيه الإسرائيلية ولكن الهدف  واضح هو دك إسفين بين الشعب وقيادته السياسية.

تعامل الشارع الفلسطيني مع قضية الهروب بطريقه عفويه وعاطفته شدته نحو الموضوع بكثير من الترقب اللحظي لكل تفصيل ولكل خبر وكانت أنفاسه محبوسة تراقب حتى الهواء لعل وعسى خبرا مفرحا يقول أن الأسرى اجتازوا الحدود باتجاه لبنان أو الأردن وكان واضح على وجوه الناس تأثير أي خبر وكنت ألاحظ سهر الناس ومتابعتهم للشاشات وهذا طبيعي في ظل حالة الانكسار العربي وحالة الإحباط التي يعيشها الشارع الفلسطيني أما الشيء المهم هو دخول الفصائل في عصب الموضوع وعلى الخط وهنا يكمن القلق لدى دوائر الأمن في إسرائيل وبتقديري سيكون هناك ارتدادات على الوضع القائم في غزة وجنين تحديدا ولا استبعد تصعيدا عسكريا على قطاع غزة في الايام القادمة نظرا لربط الموضوع برمته في الكل الفلسطيني سواء بالداخل او الخارج , ندع الايام تخبرنا عما تحمله بطونها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير