سمعتهم يتهامسون

10.09.2021 04:55 PM

 كتب طارق زياد الشرطي : لن يدومَ سرٌ غير مكشوف إذا لم يتم  تداوله بين الذين يعلمونه أو القائمين عليه، ولا يرتبط إنتشاره بعدد من يعلمهُ، إنما في طبيعة أولئك الأشخاص حيث الشخصية الكتومة و الحريصة على عدم انتشاره وكشفه، فما بالك بالأمر الذي يرتبط بالرغبة في تحقيق هدف في غاية الدقة والمغامرة.

إن الحديث عن أن المعلومة إذا علمها أكثر من إثنين كُشفت ولم تعُد سراً أصبحت لاغية، فهذا أصبح غير صحيح، فما دام الإلتزام لكل نفسٍ عرفته بذاتها ومحفوظاً في دماغها، فلولا عنصر السرية فلا يتم نجاح الأمر الذي أعتبره الأول والأساس لنجاح الأحرار الستة من انتزاع حريتهم من باستيل جلبوع والذي تبعه وتفرع عنه أسرارٌ عديدة، وقبل تنفيذه كان التحدي والإصرار عند ولادة الفكرة.

في التفاصيل؛ أمورٌ شتى شملها هذا العنصر، ولم يعد مصطلحاً فردياً، ليصبح أسرارًا وليس سراً ليصبح حفظها يُشكل أهم عاملٌ للنجاح، فحتماً بدأ بفكرة أحدهم وتفرعت منه لأخر حتى وصلت للأحرار الستة، فلا أحد يعلم متى بدأت المرحلة وكيف انضم كلٌ منهم لذلك السر، -ليس هذا معرض الحديث-  فإن عملاً كهذا لم يبقى كما بدأ بسر واحد وإنما تفرع ولا زال يتفرع وسيبقى ما دام الأحرار بمأمنٍ عن المحتل وأعوانه، ولم يعد مرتبطاً فقط بآلية التنفيذ وإحضار المعلقة "الكونجو" أو الخاشوكة وكيف أُدخلت وأين أُخفيت؟ تفرع السؤال والتكهن بالأدوات ومكان إخفاء تربة النفق، ثم إذا كان لديهم هاتف نقال ؟ وهل نسقوا مع أحد في الخارج قبل خروجهم وبعده؟ أو حتى سر انضمام الأسير زكريا الزبيدي للغرفة في اللحظات الأخيرة وخروج المجاهد عباس السيد منها لغرفة أُخرى -كما ادعى الإعلام العبري - ليتفرغ المئات من الأسئلة التي ولدت من سرهُم الأول في الرغبة بالهرب ليتشكل أسراراً يسعى الكثيرين لمعرفتها، سواءً دولة الإحتلال أو الإعلاميين والمحللين أو أجهزة السلطة الفلسطينية وحتى بمستوى الأفراد، ليشكل نجاح أولئك الأبطال بمدى التزامهم بما أوصى به رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله " واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان" وغالبًا لم يتهامس به أحدهم امام غيرهم من الأسرى كون ذلك العنصر الأهم لنجاح الخطة.

اليوم لم يُعد السر مرتبطاً فقط بالأسرى الأحرار الستة إنما تفرع إلى ما بعد نيلهم الحرية، وهنا الأمر الأهم، فالأسرار التي ولدت بعد فوهة النفق تفوق أهميةً عن سر ما قبلها للحفاظ على سلامتهم، فتلك الأسرار والتي تبعت الخروج ضمت عدداً آخر اليهم وجب عليهم كتم السر وحفظة، كالذين نقلوهم وخبؤوهم واطعموهم ويعملون على حمايتهم، والأسرار  الجديدة أين ذهبوا وبمن التقوا؟ وماذا يخططون لاستكمال نجاح عملية التحرر وحماية أنفسهم؟ لذلك على كل الأحرار والمخلصين في الوطن، سواءٌ على المستوى الجماعي والفردي التحلي بروح المسؤولية الوطنية والدينية والأخلاقية وأن يعتبر نفسه جُزءاً من الذين اؤتمنوا على السر مع أولئك الأبطال وإن الذي قد يعرف جزء من تفرعاته حتى لو على سبيل الصدفة، ألا يهمس به مطلقاً حتى لأقرب المقربين، فذلك الأمر  قد يسهم في مساعدة المحتل بواسطة أعوانه -وهم كُثر - في كشفهم والوصول إليهم، فإن الإدلاء بأي معلومة وإن قد تراها بسيطة قد تُسهم في الوصول إليهم، واجعل ما عرفته فقط بينك وبين نفسك ولا تفكر به، والا ستذهب تلك المعلومة لضابط المخابرات ممن عرفها منك وإن كانت ليست بالشكل المباشر، -فهذا مصدر هام - من المعلومات للمحتل ويأتيهم على شكل (سمعتهم يتهامسون) ...الخ، فلا تكن أنت ممن ساعد المحتل وأعوانه في النجاح في الوصول إلى الأحرار  ونهاية للسر الذي لطالما حفظوه على مدار أيام و أشهر وربما يُصبح لسنوات ولا يُكشف بإذن الله . في السياق ذاته، لا بد من معرفة أن الأخبار التي يتم تداولها في الإعلام والأفراد جلُها مصدرها الموساد لغايات وأهداف مدروسة بدقة كي يتم تداولها للإسهام في الوصول إليهم بالإضافة الى أغلب التصريحات المزيفة على لسان الشخصيات القيادية والأمنية أو من التنظيمات وقادة السلطة بهدف خلق وتغذية حالة الفتنة والفرقة والإنقسام، دون إنكار وجود بعض لا يُذكر من الاصوات الناعقة بلا شك.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير