من فيلم سينمائي إلى حقيقة واقعة .. ماذا فعل أسرى فلسطين ؟؟

07.09.2021 09:30 PM

وطن: كتب عبد القادر حسونة

شهد العالم عبر التاريخ عشرات الآلاف من عمليات أو محاولات الهروب من السجون شديدة الحراسة، وقد نجح بعظها وفشل منها الكثير، وتميزت العديد من محاولات الهروب بإيجاد ثغرات أمنية وأفكار إبداعية، ولكن لم يسجل التاريخ مثل الحادثة التي وقعت في سجن جلبوع الإسرائيلي، حيث أقدم ستة فلسطينيين من المحكوميات العالية وما تسميهم إسرائيل بالأسرى الخطيرين على انتزاع حريتهم من خلال نفق حفروه على مدار أشهر طويلة أسفل أرضية السجن، لتسجل هذه الحادثة بأنها الأولى في التاريخ.

حراسة أمنية معقدة، مجسات وأجهزة تشويش وكاميرات مراقبة ودوريات تفتيش متتالية ومداهمات ليلية ونهارية مفاجئة، في سجن يعتبر الأشد حراسة من بين السجون الإسرائيلية، وقد اعتمدت إسرائيل في بنائه على خبراء إيرلنديون، ليصلوا به إلى مرحلة يستحال بها أن يفر أي أسير، ولكن كل هذه التعقيدات الأمنية والرقابة المشددة، لم تنجح في كشف ما كان يخطط له الأسرى الفلسطينيون، ليسجل التاريخ بأنه في يوم الإثنين الموافق 06/09/2021م في تمام الساعة 1.30 فجراً نجح الأسرى الفلسطينيون في اختراق أشد السجون تحصيناُ، ليصيب إسرائيل بل العالم أجمع بحالة صدمة كبيرة، ولتصبح هذه المحاولة حديث الجميع.

ولكن ما الذي يدفع الأسرى أو السجناء سواء كانوا أمنيين أو جنائيين لتعريض حياتهم وأنفسهم للخطر، وتنفيذ محاولات الهروب للخروج من السجن؟؟ والجواب بسيط وواضح وهو الحرية، فالحرية من ضرورات الكرامة الإنسانية، وهي جزءٌ أساسيٌ من الحياة السعيدة، والكاملة، ليس للإنسان فقط، بل لجميع المخلوقات، لأن الجميع يسعى للحرية، ويحارب لأجلها، ويكافح بكل ما أوتي من قوةٍ وحزمٍ للوصول لها.

" متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً "، الحرية ليست منحةً، بل هي حقٌ للجميع، تُؤخذ ولا تُطلب، ولا يمكن أبداً تقسيمها أو التنازل عنها، لأن مصادرتها تعني مصادرة الحياة، والتعدي على أكبر قيمةٍ معنويةٍ، وكم قيل فيها من قصائد وخواطر، وكم ذُكرت في الشعارات، وارتفعت في الميادين والشوارع، وكم من الأصوات التي طالبت ولا زالت تُطالب بها.

وهنالك الكثير من القوانين نصت على حفظ الحريات للأفراد وعدم التعرض لها، وهناك قوانين أيضاً نصت على تقييد حرية الأشخاص كنوع من العقاب نتيجة جرم معين، أو أسرى حروب أوغيره، ويتم تنفيذ هذا العقاب من خلال تقييد حرية الأسرى من خلال السجون، ولكن هل يعتبر هذا عادلاً ؟؟ أن نقيد حرية شخص لسنوات طويلة ونحرمه من متعة الحياة لخطأ أو جرم ارتكبه.

باعتقادي أن تقييد حرية أي شخص هي قمة الإجرام، وذلك لعدة أسباب من أهمها أن السجون لا تُصلح الإنسان بل هي معول هدم للشخص، فلا يوجد سجين ُفك قيده نتيجة صلاحه أو أن فترة مكوثه بالسجن ساعدة على علاجه، بل على العكس تماماً، فالسجن ليس الحل، هنالك بعض الدول في العالم قد توصلت لهذه القناعة التي أتحدث بها فحولت السجون إلى مراكز إصلاح وتأهيل مع توفير أساسيات الحياة الكريمة والرفاه إلى السجناء.

إذن ما هو الحل الجوهري لمرتكبي الجرائم أو غيرهم؟؟ لا يوجد شخص حول العالم يرتكب أي خطأ أو جريمة قد تأدي إلى سجنه من دافع الفطرة، بل إن ظنك العيش وصعوبتها هي من تجبر الناس على الوقوع بالأخطاء، وفي حالة الحروب فإن أخطاء السياسيين أو احتلال البلدان هو سبب رئيسي في وقوع الظلم على أسرى الدولة المحتلة، وإن الحل الجذري في هذا الموضوع هو تقويم السجناء والأسرى من خلال العلاج النفسي وتقديم الدعم والرعاية النفسية لهم لتقويم سلوكياتهم وتعزيز القيم الإيجابية لهم وتنمية الجوانب الإيجابية، ليكون هذا البديل السليم لعلاج مشكلة الأسرى بحيث يخضع السجين لفترة محددة مقيمة بمدة زمنية من أخصائيين لعلاج أي سجين.

وفي الختام أأكد على أن الحرية لأسرى فلسطين ولأي أسير بالعالم هي حق مكتسب، ولا يمكن التفريط به، لأن تقييد الحرية لأي شخص يعتبر إنهاء فعلياً لحياته، وهذا أمر غير مقبول.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير