تجاعيد السياسة الأمريكية

27.08.2021 12:44 PM


كتب الصحفي: جلال نشوان

قراءة متأنية وعميقة في المشهد الأفغاني وارتدادات الزلزال الذي ضرب الخارطة الدولية، اسئلة كثيرة، هل ما حدث، تم وفق اتفاق في الدوحة بين أمريكا وطالبان، ام ان  المشروع الأمريكي هُزم وتقهقر كما حدث  في فيتنام؟

ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت استراتيجية، تعمل على تنفيذها، وهي (تطويق الصين وروسيا والمشروع النووي الإيراني) والخطة هي إعادة رسم الخريطة العالمية وفق مصلحتها، فكما أعادت الاستقرار إلى منطقة البلقان (دولة للكروات، ودولة الصرب، ودولة للمسلمين) ويبقى السؤال: هل ستنجح في وقف العملاق الصيني؟

لنستلهم  العبر والدروس من التاريخ، أن أي احتلال مصيره إلى زوال،  فمن فيتنام إلى العراق الى أفغانستان، ارتكبت الولايات المتحدة الأمريكية جرائم  يندى لها جبين الإنسانية، هي جرائم ترقى إلى جرائم حرب، فهي الدولة التي قامت على أنقاض الهنود الحمر، حيت ابادت أكثر من خمسة ملايين من المواطنين الأصليين
انها سياسة قهر الشعوب، ونهب خيراتها، وتدمير اقتصادياتها، لن ينسى العالم، ملجأ العامرية في العراق، حيث ذابت أجساد الأطفال وانصهرت واستشهد كل من لجأ إلى الملجأ، حيث اصيب الشرف الأمريكي في مقتل، ولن ينسى العالم عندما اُحترقت أجساد الفيتناميين الأبرياء بالنبالم الحارق (المحرم دولياُ)، وهل ينسى العالم عندما ساهمت مساهمة فعالة في صياغة وعد بلفور، واقتلاع شعب فلسطين من جذوره وإحلال الغرباء الصهاينة الذين جاؤوا من وراء البحار، محله، سياسة قذرة، وبشعة،  استخدمتها في قهرها للشعوب و كل ما تملكه من قوة  جبارة.

لن ينسى العالم، الشاه محمد رضا بهلوي، شاه ايران المساند الأول للمحتل الصهيوني، ورغم ذلك استبدلته، وتخلت عنه، ولم يجد أرضاً، يوارى فيه ثراه، وتقدم الرئيس السادات رحمه الله بمبادرة إنسانية وورى الثرى، ويومها أدرك العالم كله بشاعة الكابوي الأمريكي.

ورغم حجم الجرائم والفظائع، فالعالم يصمت صمت القبور، انه عالم عجيب،  صاغته السياسة الدولية التي ساهمت  في تغولها على العالم بصفتها القوة العظمى في العالم، وعلى سبيل المثال (في الحرب العراقية الإيرانية، كانت تحرض طرفي  الأزمة على بعضهما البعض وتمدهما، بالسلاح، لانهاك الدولتين وعلى قاعدة لاغالب، ولا مغلوب).

وكلنا يعلم جيدا ما اقترفته بحق الشعب الفيتنامي، وكيف تركت من تعاون معها ليلاقي حتفه على ايدي الحكومة الوطنية في فيتنام، تماما كما تركت من تعاون معها من الافغان ليلاقي ذات المصير بعد انسحابها من هذا البلد الذي تواصل نزيف بحور الدماء فيه على مدى اكثر من عقدين منذ اجتياحها له. وحتى تهجير اهلنا الفلسطينيين من قبل عصابات بني صهيون واحتلالها لأرضنا لم يكن يحصل لولا الدعم الامريكي الدائم والقوي لها. وكلنا نعلم جيدا ان بإمكان امريكا وضع نهاية مشرفه لكل الحروب والنزاعات الدولية خلال ايام ،ان لم نقل ساعات.

ثم هل من المعقول ان الدولة العظمى التي تبسط سيطرتها على كل منافذ العالم واقتصاده وخيراته غير قادرة على انهاء طالبان واقامة حكومة افغانية قوية قادرة على فرض هيبتها وبسط الامن والسلام في افغانستان، هل تم اتفاق ما في الدوحة ؟!!!!
او صفقة بينها وبين قوات طالبان، وهل تريد تعزيز تواجد الفصائل المسلحة، وتشجيعهما لمواصلة نشاطهما وفرض وجودهما. هذا الذي سيحصل سواء قصدت ذلك ام لم تقصد.

ويبقى السؤال الملح دوماً، لماذا لم ترتكب التنظيمات المسلحة جرائم في واشنطن ونيويورك ولوس انجلوس، كتلك التي اقترفتها في معظم دول العالم ؟!!!!! واذا كانت القوة المتصدرة لقيادة العالم تفعل ذلك فهذا يفسر لنا بما لا يدع مجالاً للشك، أن كل ما يحدث في العالم اليوم، هي صنيعة الولايات المتحدة الامريكية، واليوم وبعد هُزمت مشاريعها، تهرب، بسبب الخسارة الهائلة التي مُنيت بها، ولعل مقولة الرئيس الأمريكي، أن أفغانستان هي قاهرة الامبراطوريات، خير دليل على هزيمتها وانكسارها
مازالت الولايات المتحدة الأميركية هي القوة الوحيدة في العالم، حيث أنها تمتلك مقومات أخرى، غير القوة العسكرية والصناعية، والتكنولوجية وهي، القوة الناعمة في تسويق مقوماتها الحضارية، والرقص على انغام حقوق الإنسان التي تلقي قبولاً عالميا نافذا ، وعلى ضوء ذلك تتحرك وفق سياسات ممنهجة ومدروس.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير