تشحم الكبد.. أسبابه وعلاجه

07.06.2013 08:08 AM
مخاطره تزداد مع السمنة.. وإنقاص الوزن أهم وسائل التخلص منه


كمبردج(ولاية ماساتشوستس الأميركية): «الشرق الأوسط»*
مع تزايد انتشار السمنة في الولايات المتحدة، يزداد لدى الأميركيين وزن الكبد، كما تزداد التهديدات الصحية للقلب.
ورغم انتفاء إحصاءات مضبوطة عن مرض تشحم الكبد (الكبد الدهني)، فإن التقديرات تشير إلى أن نحو 20% من البالغين الأميركيين يعانون من درجة من درجات حدة هذا المرض.
تظهر مشكلة تراكم الشحوم في الكبد عادة، وبشكل خاص تقريبا، لدى الأشخاص الذين يتناولون المشروبات الكحولية.
إلا أنه يبدو أن الانتشار الوبائي للسمنة ومرض السكري هو المسؤول عن ازدياد المشكلة.
ويؤثر تشحم الكبد على ما بين 70% و90% من الأشخاص المصابين بالسمنة أو السكري.
وهكذا فإن النتيجة هي أنه ومع انتشار السمنة والسكري فإن مرض الكبد الدهني يزداد انتشارا.
ولا ينحصر مرض الكبد الدهني في مجموعة من الناس دون أخرى، كما لا يبدو جليا لدى أحد الجنسين دون الآخر، إلا أن الدراسات تفترض أن الأشخاص المتحدرين من أصول لاتينية يعانون منه أكثر من غيرهم.
ويحدث هذا المرض في أواسط العمر، رغم أن الصغار قد يصابون به أيضا.
وهو ينتشر بسرعة الآن في القارة الآسيوية فيما تفترض بعض الأبحاث أن الرجال في الهند هم الأكثر تقبلا له.
* خلايا كبد دهنية
* تشير النظرية السائدة حاليا إلى أن هذه المشكلة الصحية تظهر نتيجة مقاومة الجسم لهرمون الإنسولين،
التي غالبا ما تنشأ كنتيجة للسمنة أو تراكم الشحوم في البطن.
وعندما يصبح الجسم مقاوما للإنسولين فإن كل العضلات، والدهون، وخلايا الكبد، لا تستجيب بشكل طبيعي للإنسولين، ولذلك فإن مستويات هذا الهرمون - وكذلك مستويات سكر الدم الذي يقوم الإنسولين بإدخاله إلى الخلايا - ترتفع في الدم. وبالنتيجة فإن خطر الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب، يزداد.
ولكن مقاومة الإنسولين هي إحدى مسائل التمثيل الغذائي (الأيض) المعقدة داخل الجسم، التي تشمل أيضا حدوث زيادة في كميات الأحماض الدهنية الحرة التي تسري في مجرى الدم.
ويظهر مرض تشحم الكبد عندما تتراكم بعض هذه المواد الدهنية داخل خلايا الكبد. وقد يؤدي وجود خلايا الكبد الدهنية هذه إلى التهابات في الكبد وإلى أضرار في الأنسجة المجاورة لها.
وحالما يقع هذا - وفي حالة عدم تناول المشروبات الكحولية - فإن الحالة تسمى التهاب الكبد الدهني غير الكحولي nonalcoholic steatohepatitis، أو باختصار.
ورغم تفاوت التقديرات فإن نسبة المصابين بمرض الكبد الدهني الذين تظهر لديهم حالة NASH تتراوح بين 5% و10%.
وغالبا ما تكون حالة التهاب الكبد الدهني غير الكحولي مستقرة، وخفيفة بحيث يتعايش معها المصابون لسنوات، ولا تظهر لها أعراض أو تكون قليلة.
إلا أنها قد تقود أيضا إلى مراكمة أضرارها على الكبد، وإلى دفع الكبد لمحاولة تجديد خلاياه ما يؤدي بدوره إلى حدوث عدد كبير من أنسجة الندوب وإلى خلل في وظيفة الكبد نفسه - وهي حالة تسمى تليف (تشمع) الكبد cirrhosis.
* تليف الكبد
* إن عملية تليف الكبد، عملية باتجاه واحد (لا رجعة فيها) بمقدورها أن تؤدي إلى حدوث عجز كلي في الكبد. كما أنها ترتبط بازدياد خطر ظهور سرطان الكبد.
وقد أظهرت بعض الدراسات أن تليف الكبد يظهر لدى 3% من المصابين بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي، إلا أن دراسات أخرى أظهرت أن هذه النسبة تصل إلى 26%. ولا يوجد اختبار لرصد عوامل الخطر التي تتنبأ بظهور تليف الكبد - أو عدم ظهوره - لدى هؤلاء المصابين، رغم أن إحدى الدراسات وجدت زيادة في خطر تليف الكبد لدى الأشخاص الأكبر سنا، أو الذين أظهرت الخزعات المستخلصة من أنسجة أكبادهم وجود التهابات فيها.
ومع هذا فإن وضع التنبؤات حول حدوث تليف الكبد نتيجة الإصابة بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي، هي أفضل بكثير من التنبؤات الخاصة بالتهاب الكبد الدهني المرتبط بتناول الكحول.
وحتى الآن، ورغم أن التصورات لا تزال في إطار النظريات، فإنه قد يتوجب على المصابين بمرض الكبد الدهني، وبالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي، التخوف من الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية لديهم، أكثر من التخوف من مشكلات الكبد الخطيرة.
وقد أشارت مقالة نشرت في مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن» في نهاية 2009 إلى أن الالتهابات والعوامل الأخرى الناجمة عن الكبد الدهني تشجع على حدوث تصلب الشرايين الذي يصيب بالضرر جدرانها، ويساهم في عملية حدوث الخثرات الدموية، وهي أمور قد تقود إلى حدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية.
وكانت الوقائع التي قدمها الباحثون مثيرة، إن لم تكن غير مباشرة. فقد أشاروا إلى دراسة أظهرت أن الأشخاص المصابين بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي يتوفون بمعدل مرتين أكثر بسبب أمراض القلب أو السكتة الدماغية مقارنة بالأشخاص السليمين.
كما أن التهاب الكبد الدهني غير الكحولي يبدو أنه يضاف إلى المخاطر الناجمة عن زيادة الوزن. فالأشخاص البدينون المصابون بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي يظهر لديهم مستوى أعلى في الدم من بروتين «سي – ريأكتيف» C - reactive protein، وهو أحد العوامل الالتهابية، مقارنة بالأشخاص البدينين من غير المصابين بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي. وفوق هذا وذاك، فإن مستويات هذه العوامل وغيرها ترتفع كلما زادت حدة التهاب الكبد الدهني غير الكحولي.
* خزعة كبدية للتشخيص
* لا تظهر الأعراض على أكثر المصابين بمرض الكبد الدهني، وينطبق هذا أيضا على المصابين بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي.
ولا يعاني المصابون من كلا المرضين، إلا أحيانا، من شعور بالتعب أو ألم في أعلى الجانب الأيمن من البطن أي في موضع الكبد.
ولذلك فغالبا ما يكتشف هذان المرضان عن طريق الصدفة، وذلك في البداية عند رصد مستويات أعلى من الطبيعية لإنزيمات الكبد لدى إجراء تحاليل دورية للدم.
ويقدم التصوير بالموجات فوق الصوتية، وهي نفس التقنية التي يتم فيها تصوير الجنين في رحم أمه، معلومات جيدة عن الكبد: فالكبد يبدو براقا لأن الدهون تظهر بيضاء في الصورة.
ومع هذا فليس بمقدور التصوير بالموجات فوق الصوتية، أو التصوير الطبقي المقطعي أو بالمرنان المغناطيسي، تقديم تشخيص موثوق بالحالة المرضية.
وإن كانت الدهون في الكبد تبدو مرئية فإنها لا تبدو كذلك عند الإصابة بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي. ولذا فقد طور بعض الباحثين معادلات توظف فيها نتائج تحليل بسيط للدم وقياسات لمختلف الهرمونات، وعوامل الالتهاب، وإنزيمات الكبد، بهدف التوصل إلى تشخيص المرض. إلا أن هذا التطوير لا يزال في بداياته.
أما حاليا، فإن الخزعة المستخلصة من الكبد تظل الوسيلة الوحيدة لوضع تشخيص قاطع للكبد الدهني أو التهاب الكبد الدهني غير الكحولي.
وتشمل عملية استخلاص الخزعة إدخال إبرة طويلة إلى الجانب الأيمن من البطن وأخذ قطعة صغيرة من نسيج في الكبد لفحصه تحت عدسة المجهر.
وهذه العملية هي عملية تدخلية، ولذا فإنها ليست خالية تماما من خطر المضاعفات، إلا أنها تحولت إلى عملية روتينية معتادة تجرى يوميا لمرضى العيادات الخارجية، ويعتمد قرار الطبيب الخاص بأخذ خزعة من الكبد لتشخيص حالته على عدد كبير من العوامل، منها السمنة والإصابة بمرض السكري، أو وجود مشكلات في الكبد.
* العلاج بإنقاص الوزن
* أجريت حتى الآن دراسات كثيرة حول استعمال أدوية علاج السكري لعلاج التهاب الكبد الدهني غير الكحولي، حتى للأشخاص غير المصابين بالسكري.
وكان العقاران المرشحان لتلك المهمة «روزيغليتازون» Rosiglitazone (الذي يباع تحت اسم «أفانديا» Avandia) و«بيوغليتازون» pioglitazone («أكتوس» Actos)، لأنهما يخفضان من مقاومة الجسم للإنسولين، وهو السبب الرئيسي للكبد الدهني.
إلا أن العقاران لا يبدوان واعدين الآن بعد أن قررت وكالة الغذاء والدواء توقيف استعمال «أفانديا» لتسببه كما يبدو في حدوث مشكلات في القلب. كما أن نتائج دراسة مهمة نشرت عام 2010 في مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن» أظهرت أن عقار «أكتوس» لم يكن أفضل من العقاقير الوهمية في تحسين حالة المصابين بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي من غير المصابين بمرض السكري.
وهناك عقار آخر لعلاج السكري وهو «ميتفورمين» metformin («غلوكوفايج» Glucophage) ربما يمكن أن يكون علاجا فعالا، إلا أنه لا توجد دلائل كافية لاستعماله.
أما فيتامين «إي» فهو إحدى الوسائل العلاجية الممكنة، فقد أظهرت نفس التجربة التي أثبتت عدم جدوى عقار «أكتوس» بعض التحسن في حياة المصابين الذين تناولوا جرعات كبيرة من هذا الفيتامين (800 وحدة دولية يوميا). إلا أن الكثير من الأطباء قلقون من الجرعات الكبيرة من فيتامين «إي» لأنها ترتبط بزيادة خطر نزف الدم.
وإضافة إلى ذلك فلم يحدث التحسن في الكبد إلا بشكل محدود.
وقد أدى هذا الوضع المحير إلى اعتماد إنقاص الوزن (باتباع نظام حمية غذائية وممارسة التمارين الرياضية) بوصفه العلاج الوحيد الذي يوصى به لأكثر حالات أمراض الكبد الدهني والتهاب الكبد الدهني غير الكحولي.
وفي أغلب الحالات يبدو أن إنقاص الوزن يقود إلى تأثير مباشر: فحالما يفقد المصابون من وزنهم تصبح أكبادهم الدهنية أقل شحما.
إلا أن الحمية الغذائية الصارمة هي فكرة سيئة لأن فقدان الوزن السريع (بنحو 4 أرطال أي كيلوغرامين تقريبا في الأسبوع) قد يزيد من التهابات الكبد.
الخلاصة إن الكثير من أجزاء الجسم تتضرر عندما يسمن الإنسان أو يصاب بالسكري.
ولذا فليس من المدهش أن يتأثر الكبد أيضا لأنه يقع في مركز عمليات التمثيل الغذائي.
وهناك بعض الدلائل على أن الكبد الدهني قد يضاف إلى المخاطر العالية الموجودة لأمراض القلب بين الأشخاص المصابين بالسمنة أو بالسكري.
كما يمكن للكبد الدهني أن يؤدي أيضا إلى تليف الكبد بعد حدوث الالتهابات فيه.
إلا أن هناك جانبين مشرقين حول الكبد الدهني.
الأول أن غالبية حالاته تظل مستقرة نسبيا بحيث لا تؤدي إلى حدوث أمراض خطيرة في الكبد.
والثاني أن علاجه ليس مكلفا من الناحية المالية، بل لا يحتاج إلا إلى إنقاص الوزن - وهو الأمر الذي يحقق الفوائد لعموم صحة الجسم.
* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».
نقاط جوهرية
* سمنة البطن ومتلازمة التمثيل الغذائي
* تتسببان في حدوث مقاومة الجسم لهرمون الإنسولين.
* تؤدي مقاومة الجسم للإنسولين إلى زيادة مستوى الأحماض الدهنية في الدم.
تراكم الدهون في خلايا الكبد
* نحو 20% من الأميركيين يعانون من الكبد الدهني.
* لا تظهر في العادة أي أعراض للكبد الدهني.
* تناول الكحول بكثرة يقود أيضا إلى الكبد الدهني.
* دهون خلايا الكبد تتسبب في حدوث التهابات وأضرار.
* فحص خزعة من نسيج الكبد هي الوسيلة الوحيدة المؤكدة لتشخيص التهاب الكبد الدهني غير الكحولي.
* إنقاص الوزن هو العلاج الرئيسي، إذ يمكنه تخفيف الكبد الدهني. وقد أظهر فيتامين «إي» E بعضا من المزايا الواعدة.
مخاطر الأضرار اللاحقة في الكبد
* تؤدي إلى تليف النسيج الكبدي fibrous وتليف الكبد. تليف النسيج الكبدي هو تراكم الأنسجة المتليفة، بينما تليف الكبد هو تراكم أنسجة الندوب.
* التهاب الكبد الدهني غير الكحولي يرتبط بازدياد مخاطر النوبة القلبية والسكتة الدماغية.
* يزيد من عملية تصلب الشرايين.
* ربما يكون ناجما عن متلازمة التمثيل الغذائي.
(*) متلازمة التمثيل الغذائي هي: السمنة إضافة إلى ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع سكر الدم، وانخفاض في الكولسترول العالي الكثافة (الحميد).
سائلا الله جل في علاه أن يتمم الشفاء لجميع مرضانا ومرضى المسلمين إنه ولي ذلك و القادر عليه
وأن ينبه أحبابنا وشبابنا من خظر السمنة وقلة الحركة
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمبن
تصميم وتطوير