هاني عرفات يكتب لوطن .. ما يجري على المسرح غير ما يجري في الكواليس

29.07.2021 11:18 PM

 ربما يكون د. سلام فياض قد قفل عائداً إلى منفاه الاختياري، بعد أن تعذر الوصول إلى إتفاق حول تشكيلة حكومة وحدة وطنية، مع الرئيس محمود عباس .

ما تسرب من معلومات يفيد بأن الرئيس عباس اشترط موافقة حماس على شروط الرباعية الدولية ، لكي يصار إلى ضمها لحكومة من هذا النوع، الأمر الذي ترفضه حماس. ويقال أن د. فياض حاول أن يثني الرئيس عن شرطه هذا، بالقول أن الادارة الاميركية الحالية ، ليس من أولوياتها دفع المفاوضات قدماً في المرحلة الحالية . وبالمناسبة د. فياض معروف بتوجهاته الليبرالية ، لكن محاولاته هذه ذهبت أدراج الرياح ، وأقفل الستار لزمن قد يطول على حكومة فلسطينية تضم أطراف الانقسام.

قبل أسابيع قليلة دعي الرئيس عباس الى لقاء مع العاهل الاردني في عمان، قبيل زيارة الملك الأردني إلى واشنطن ، ربما في محاولة لدفع الادارة الاميركية ، للقيام بتحرك ما قد يبعث الروح في عملية سلام لفظت أنفاسها منذ زمن طويل.

لا ندري على ماذا يراهن المراهنون ، لكن نستطيع القول بأن كل هذا النشاط ، لن يكون له أي مردود إيجابي على القضية الفلسطينية ، بل بالعكس سيدفع نحو مزيد من الغوص في أوحال التورط أكثر ، في الشبكة العنكبوتية لدولة الاحتلال للإستمرار أكثر فأكثر في تهويد الأرض الفلسطينية.

الاحتلال لا زال ينهب الأرض على قدم وساق ، هذا كلام نسمعه ويعاني منه الشعب الفلسطيني يومياً،لكن الأرقام مخيفة، يجري بناء مئات الوحدات الاستيطانية في كل مكان، في محافظة بيت لحم يبلغ عدد المستوطنين اليوم مائة وعشرون الفاً ، فيما يبلغ عدد سكان المحافظة مائتين وثلاثون ألفاً ، أي أن عدد المستوطنين بلغ نصف عدد سكان المحافظة، الاستيطان في بيت دجن ، بيتا، الشيخ جراح ،سلوان، جبل المكبر، بادية القدس شرقاً تجاه البحر الميت، المناطق والقرى المحيطة بسلفيت...، تغول إستيطاني لم يسبق له مثيل ، وسط صمت غربي أو إحتجاجات خجولة. إذا استمر الأمر على هذا النحو، لن يكون هناك شئ تبقى للحديث أو التفاوض حوله ليس على المدى البعيد ، بل خلال فترة هذه الحكومة لدولة الاحتلال.

في الحقيقة ، الادارة الحالية ليست معنية بأي جهد حقيقي في دفع التفاوض ، ليس أكثر من جهود لتخفيف معاناة الفلسطينيين ، يعني تخدير كامل حتى يستطيع جراح الاستيطان إقتلاع أطراف الجسد الفلسطيني، قطعة وراء قطعة، من تابع تصريحات العاهل الاردني ، لوسائل الاعلام الاميركي، بعد لقاء مسؤولين اميركيين يدرك أن هذا كان أقصى ما وعد به، بغض النظر عن مطالبه التي توجه بها إلى هناك.

هذا هو أقصى ما يمكن أن يأتي من واشنطن الآن، ربما إعادة فتح القنصلية في القدس الشرقية، ومكتب م ت ف في واشنطن ، لكن هذا هو كل الأمر. وهذا ليس فقط بسبب انشغالات الادارة بأمورها الداخلية فقط  وتعديل وضعها في أوروبا، والتحديات الصينية ..الخ ، بل بسبب العجز الفلسطيني والفشل السياسي الكامل ، بالنسبة للإدارة ، القيادة الفلسطينية ضعيفة، مفككة، تعاني من مصاعب داخلية، وظهرت في الأسابيع الاخيرة كقوة قمعية لا تحترم الخلاف السياسي، على الأقل في نظر الرأي العام الغربي، عدا عن الانقسام العضال الذي ينخر الجسد الفلسطيني. وحتى من وجهة نظر المؤمنين بالتفاوض فإنه يتطلب وجود قيادة فلسطينية قوية وموحدة ، حتى تستطيع أن تقنع الأطراف الدولية بإمكانية الدفع بهذا الاتجاه. أما بالنسبة لحكومة الاحتلال فإن لديها ألف حجة وحجة لعدم إجراء أي نوع من المفاوضات، كل ما تريد أن تقدمه، وهذا إن أرادت ، حقنة التخدير إياها ، حتى تستمر في التهام ما تبقى من فلسطين.

لا أظن أن هناك عاقل يظن أنه قادر على إختراق كل هذه الحواجز للوصول إلى فتح تفاوضي عظيم، على ما يبدو أن هناك من يريد الحفاظ على ما هو قائم كما هو فقط ، مثل الذي يغلق الأبواب والشبابيك عليه لتحصين نفسه، فيما المعاول تنهال من كل حدب وصوب لهدم البيت على من فيه.

الوصفة للخروج من هذا المأزق موجودة وفي متناول اليد لمن أراد، تبدأ من توحيد الجهد الفلسطيني، والإصلاح السياسي الشامل، بدأ من إصلاح م ت ف ومؤسساتها ، وإعادة القرار إليها، وتحويل السلطة إلى ذراع إداري وخدماتي ، مهمته تدعيم صمود المواطنين فقط لا غير ، وتوسيع وتنويع التحالفات، والتخلي عن النزعة الفردية في القيادة، والتخفيف من حدة الهيمنة الفصائلية وفسح المجال أمام الطاقات الكامنة للشباب الفلسطيني ، لقد فعلوها من قبل ، وهزوا أركان دولة الاحتلال وهم قادرون على أن يفعلوها مرة أخرى إن لم تعقهم القيادات

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير