هل يحقق التمويل الدولي للتنمية في بلادنا الاهداف؟ : الدكتور عقل أبو قرع

02.06.2013 09:19 AM
توجد اكثرمن عشرين منظمة دولية تعمل في فلسطين، اي منظمات تنضوي تحت مظلة الامم المتحدة، وفي مجالات متعددة، وبميزانيات تقدر بمئات الملايين من الدولارات، وبالاضافة الى المنظمات الدولية، هناك منظمات او هيئات تتبع تجمعات، كالاتحاد الاوروبي مثلا، واخرى تتبع دول من امريكا واوروبا، واسيا، وما الى ذلك وتنفق كل هذه الهيئات مئات الملايين في سبيل التنمية او من اجل بناء البلد او خدمة ومساعدة الانسان والشعب الفلسطيني، والهدف المعلن هو مساعدة السلطة الفلسطينية والناس بالتقدم نحو الديمقراطية، والشفاقية، والنزاهة، والتطور البشري والحضري، وتنمية المجتمع الفلسطيني من رجال ونساء واطفال، وفي نهاية السنة، او الدورة المالية، يتم اجراء التقييم، وكتابة التقارير، وتعداد الانجازات، ومن ثم التحضير الى السنة القادمة من خلال طلب الميزانيات والتي في العادة تكون اكبر، ومن ثم الكوادر والخبراء، وتحديد مجالات التدخل، وتوزيع الاهداف، وكل ذلك لتنمية او لمساعدة المواطن الفلسطيني.
ودعنا نفترض ان ميزانية منظمة او عدة منظمات هي مائة مليون دولار في السنة، ولكي نكون اكثر دقة وشفافية، دعنا نفترض ان ميزانية احد المشاريع ، الذي من المفترض ان يتم تنفيذة خلال 3 سنوات هي خمسة ملايين دولار، والذي ينظر بشكل سريع او سطحي لهذا المبلغ يعتقد ان هذا المبلغ سيكون تحول الى انجازات على الارض بعد 3 سنوات، ولكن يبدو ان الواقع ليس هذا، فتقريبا نصف هذا المبلغ سوف يضيع على شكل رواتب ومكافأت ادارية وتقنية وامنية، ونسبة من هذا المبلغ سوف تضيع لمستشارين وخبراء سواء للمراجعة اوللتقييم وبالتالي كتابة التقارير، ونسبة اخرى سوف تضيع على شكل ورشات عمل ومؤتمرات وندوات وسفريات الى الخارج، ونسبة اخرى سوف تضيع من خلال المواصلات والقرطاسية والمطبوعات وما الى ذلك.

ودعنا نفترض انة تبقى 20% من ميزانية المشروع ، اي حوالي مليون دولار من الخمسة ملايين دولار، وتم صرفها سواء للتنمية البشرية على شكل تدريب او تعليم او بناء قدرات، اوللتنمية الحضرية، اي بناء مكب نفايات مثلا، فهناك سؤالان في هذا الصدد، هل كان الهدف من هذا الصرف هو الانسان او المواطن الفلسطيني الذي يستحق ذلك، اي المواطن الذي من المفترض الاستثمار فية، والسؤال الثاني، ما مدى استدامة هذا الاستثمار، اي هل يبقى بعد انتهاء المشروع، ويعتمد على نفسة للاستمرارية، او يتلاشى بعد فترة، ويصبح وكأنة لم يكن؟ وبغض النظر عن الاجابة، فأنة وبعد انتهاء المشروع، يكون قد تم الابلاغ ان خمسة ملايين قد تم التبرع بها من اجل تنمية المجتمع الفلسطيني، ويتم تسجيل ذلك في تقارير المنظمات المنفذة وفي تقارير الدول المانحة، والادهى في تقارير الجهات الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية الشريكة في تنفيذ المشروع، ويبقى المواطن الفلسطيني الذي يستحق الصرف، والقرية او المنطقة الفلسطينية البعيدة والمهمشة والتي تستحق المشروع في واد اخر، وتنتظر الدعم والتنمية؟
والذي يثقل كاهل هذا الدعم هو المستشارين او الخبراء او الموظفين الدوليين، اي من الخارج، وليس من الخطأ احضار هؤلاء الخبراء حين يكون هناك حاجة، وللاستفادة من خبراتهم، ولتدريب او لبناء القدرات المحلية، ولكن احضارهم فقط لانهم من الخارج، او لان مدير او مسؤول هذه المنظمة او تلك من الخارج لهو اضاعة للاموال وللوقت، والاهم التعارض مع الاهداف المعلنة من بناء وتشجيع واستخدام القدرات الوطنية، اي الفلسطينية المحلية، ومعروف ان الشعب الفلسطيني يملك قدرات وخبراء عملوا في دول عديدة وفي مختلف المجالات، ومعروف اننا شعب متعلم ويحمل ليس فقط الشهادة الاولى، ولكن اصبح حاملي الشهادات العليا في بلادنا يفوق حاملي الشهادات الاولى في دول اخرى، وبالتالي ان الانطباع عند المنظمات الدولية بأننا مثل مجتمعات الدول النامية او دول العالم الثالث الاخرى، وبالتالي ان هناك حاجة لخبراء دوليين لتنفيذ المشروع لهو انطباع خاطيء، ومعروف ان الموظف الدولي في المشروع يحصل على راتب او مكافأء تزيد بحوالي اربع اضعاف ما يحصل علية الفلسطيني المحلي، الذي يعمل ويقوم بنفس العمل في المنظمة الدولية، اي اذا كان معدل الراتب الشهري للدولي 12 الف دولار، فما يحصل علية الفلسطيني المحلي الذي قد يحمل شهادة اعلى، ويقوم بنفس العمل وربما بمهنية اعلى لمعرفتة بالواقع، هو 3 الاف دولار فقط.

وفي ظل هكذا واقع، فأنة المطلوب من السلطة والحكومة تشكيل لجنة عليا، تضم كافة الوزارات الشريكة بتنفيذ مشاريع تنموية دولية، وحتى المنظمات الفلسطينية الاهلية الاخرى، وبأن تتبع هذه اللجنة رئيس مجلس الوزراء مباشرة، وبأن تقوم بمراجعة وبالتفصيل اي مشروع، من حيث توزيع الميزانية، والهدف من المشروع، وموقعة وطريقة تنفيذة، ومن سيقوم يتنفيذة، والاهم مدى الاستدامة، وبأن تكون هذه اللجنة هي المدخل لاعداد او لتنفيذ اي مشروع بالشراكة مع المنظمات الدولية والاجنبية، والتالي تعطي الضؤ الاخضر للتنفيذ، وفي العادة يتم التنفيذ بالشراكة مع الجهات الفلسطينية، لانة بدون الشراكة مع الجهات الفلسطينية سواء اكانت رسمية او غير رسمية، لن تستطيع الجهات المانحة او المنفذة تنفيذ اي مشروع في بلادنا، ودعنا نأمل ان هذه اللجنة تستطيع ايصال وفي احسن الاحوال 50% او اكثر من ميزانية المشروع الى الهدف الحقيقي للدعم والتنمية وبشكل مستدام.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير