"نفتالي بينت" يسعي لتغيير المعادلة مع غزة..

16.06.2021 02:16 PM

 

كتب: د. هاني العقاد

بعد مرور اكثر من شهر علي اتفاق وقف اطلاق النار المبدئي  بين المقاومة في غزة و"إسرائيل" والذي جاء بوساطة مصرية ودعم امريكي اوروبي لم يحدث اي تقدم في تحويل هذا التفاهم لاتفاق ثابت وطويل الامد يعيد الهدوء للجميع ويمكن من اعادة اعمار غزة مع ان "إسرائيل" هي التي كانت تسعي لمثل هذا الاتفاق، لكن يبدو ان هناك عوائق امام التوصل الي تثبيت وقف اطلاق النار الهش والذي بات وكأنه لم يكن بعد اطلاق حكومة "نفتالي بينت" مسيرة الاعلام التي احتشدت في باب العامود في تحدي خطير وممنهج للمشاعر الفلسطينية لان  هذه الساحة هي اقرب مكان محيط بالمسجد الأقصي . ليس عائقا تغير الحكومة في "إسرائيل" امام استمرار المفاوضات باتجاه تثبيت اطلاق النار في غزة وليس عائقا ان يتوصل الطرفان الى اتفاق بضمانات دولية بعدم اعتداء "إسرائيل" علي الفلسطينيين في غزة والقدس، لكن يبدو ان نتنياهو لم يرغب في التوصل لمثل هذا الاتفاق واهداءه لرئيس حكومة "إسرائيل" الجديد، خصمه "نفتالي بينت" ليحصل علي اتفاق لهدوء طويل الامد يقدم له على طبق من فضة ودون اي جهد تفاوضي، ان ملف التوصل الى تهدئة طويل الامد في غزة يعتبر احد الالغام التي يعتقد نتنياهو ان حكومة "نفتالي بينت "لن تتوصل اليه بسبب حداثة عهدها بهذا الجانب ونقص خبرتهم في التفاوض علي ملفت كبيرة .

انتهي وقف اطلاق النار ولم يعد منه سوى اسمه، لن يحترمه احد طالما "إسرائيل" لم تحترمه واعادت غربانها السوداء لتحوم فوق غزة تقصف بالليل والنهار وتروع الامنين المدنيين وتعيد الخوف والرعب للشوارع التي ما انتهت من نفض غبار الحرب من جنباتها، وما انهى الفلسطينيون ازالة ركام بيوتهم المدمرة . لم تنتهك "إسرائيل" وقف اطلاق النار بعد قصف الطائرات الحربية صباح "مسيرة الاعلام" الإسرائيلية، "مسيرة الكراهية "، مسيرة التحريض علي حرق بيوت العرب وقتلهم وتدمير المسجد الأقصي واقامة ما يسمى جبل الهيكل مكانه، وانما  برأي كان هذا انتهاكا صارخا لوقف اطلاق النار الذي تم في غزة بعد معركة استمرت لاحدي عشر يوما نشبت علي اثر اقتحامات المسجد الاقصى والاعتداء علي المصلين في باحاته وعلي مداخله وبواباته واهمها بوابة باب العامود التي استطاع المستوطنون المتطرفون بحماية الالاف من افراد شرطة الاحتلال الوصول اليها واداء رقصات استفزازية تحريضية مع دعوات عنصرية لهدم المسجد الاقصى وقتل العرب. لعل ما حدث يفتح الباب اليوم امام مزيد من المسيرات التحريضية ومزيد من الاقتحامات الصهيونية للمسجد الاقصى وباحاته ومزيد من التدنيس للمقدسات الاسلامية والمسيحية باعتبار هذا حق خالص للمستوطنين الذين لم يردعهم رادع حتى بالرغم من خشيتهم من ان تعيد المقاومة قصف القدس وتتطاير الصواريخ فوق رؤوسهم من جديد اثناء المسيرة وهذا ما يفسر قلة عدد المشاركين المستوطنين في مسيرة الاعلام.

ما بات واضحا من اصرار "نفتالي بينت" رئيس حكومة "إسرائيل" الجديدة السماح بمسيرة الاعلام وعدم التوصل الي اي اتفاق لتثبيت التهدئة وفتح المعابر وتوسيع مساحة الصيد في بحر غزة والسماح بإعادة اعمار قطاع غزة هو ان "نفتالي بينت"  لم يعجبه تضرر معادلة الردع الاسرائيلية في عهد نتنياهو ويحاول اليوم اصلاحها وتجديديها لصالح "إسرائيل"، ولم يستعيد جثث جنوده من غزة والتي قال عنها في خطاب التنصيب انها "قضية مقدسة " ولعلنا نفهم من قصف "إسرائيل" مواقع للمقاومة في غزة بعد انطلاق البالونات الحارقة على مستوطنات الجنوب احتجاجا علي تسيير مسيرة الاعلام في القدس هو ان " بيني غانتس"  وزير الجيش يريد ان يثبت معادلة جديدة كان قد صرح بها بعد انتهاء الحرب مباشرة وهي "ان البالون بصاروخ والصاروخ بقصف وهدم برج او مبني في غزة " هذه المعادلة تعتبر من اخطر ما تخطط له حكومة هذا الرجل الميني المتطرف لانها ستفتح الباب علي مصرعيه لجولات جديدة و واسعة ودامية من المواجهة مع الفلسطينيين دون اي احترام لوقف اطلاق نار او تفاهمات جرت من قبل الوسطاء.

ولعل اصرار هذه الحكومة علي اعادة صياغة معادلة الردع مع غزة لإعادة الهيبة لجيشه ومؤسساته الامنية التي اهينت ووضعت كرامتهم في الوحل خلال الحرب الاخيرة وتحقيق المقاومة ردع تفوقت فيها علي اكبر واقوي جيش بالمنطقة تتباهي "إسرائيل" بطول ازرعته التي باتت تطال كثير من البلدان العربية في لبنان وسوريا والعراق والسودان دون رادع .  

لعل عدم سعي الوسطاء للبدء بحوارات ومفاوضات لتثبيت وقف اطلاق النار حتى الان وازالة كافة العوائق امام زلك وفتح المعابر والزام "إسرائيل" باحترام كافة التعهدات والتفاهمات يعني ان المشهد قد يتدهور في اي لحظة لمواجهة جديدة والتي كادت ان تحصل بعد مسيرة الاعلام والقصف الاسرائيلي علي غزة لو ردت المقاومة علي القصف بالقصف. ليس كل مرة يمكن ان تستجيب المقاومة للضغط المصري، لان الموضوع يصبح موضوع معادلات لو حققتها "إسرائيل" لم يعد للمقاومة وهيبتها اي معنى في غزة بل ويتم وضع خطوط متعرجة تحت امتناع المقاومة من الرد علي الارهاب الاسرائيلي في غزة والقدس الى حين يتمكن الوسطاء مع التواصل مع حكومة "نفتالي بينت" ومعرفة رؤيتهم نحو موضوع تثبيت التهدئة واعمار غزة وصفقة التبادل فان على المقاومة ان تفعل كل ما في جهدها وتستخدم كل ما تمتلك من قدرات  للمقاومة لمنع "نفتالي بينت"  من تغيير معادلة الردع  في غزة لصالح حكومته وعدم السماح بتكرار اي اعتداء علي غزة والقدس دون ان تدفع هذه الحكومة ثمن لعربدتها وعدائها وعنصريتها وتطرفها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير