بـ "الأرقام" خسائر مرعبة جرّاء العدوان أراد بها نسف مقومات الحياة

08.06.2021 11:42 PM

وطن- معتز الشوا

استهدف العدوان على غزة كافة مناحي الحياة، دون أن يرحم فيها البشر والشجر والحجر، ولاقت البنية التحتية والمزارع الحيوانية والأراضي الزراعية نصيبًا وافرًا من هذا العدوان، فقد أتت الغارات الجوية وضربات المدافع الإسرائيلية على الأخضر واليابس فيها، ناهيك عن أنواع جديدة من القذائف المحرمة دولياً استخدمها جيش الاحتلال.

وقال سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن الخسائر المادية لجميع القطاعات بفعل الاستهداف المستمر حتى اليوم الثامن للعدوان، قد بلغت 210 مليون دولار، في حين أن خسائر القطاع الإسكاني بلغت 48 مليون دولار، إذ دُمر 1000 وحدة بشكل كامل فيما تضررت 6000 وحدة بشكل جزئي منها مدارس ومنشآت حكومية وصحية، ضارباً بعرض الحائط المواثيق والقوانين الدولية، في ظل غياب وصمت مؤسسات المجتمع الدولي.

أضرار تفوق التوقعات

من جانبه، قال المهندس حسام أبو سعدة، مدير مديرية الزراعة في غزة: "تعمد الاحتلال استهداف الأراضي والمنشآت الزراعية، وبلغت القيمة النهائية للأضرار والخسائر في القطاع الزراعي والحيواني في غزة 32 مليون دولار".
كما أكَّد أبو سعدة أن قوات الاحتلال تستهدف المزارعين الغزيين أثناء توجههم إلى أراضيهم مما جعل من مهمة الري والحصاد "مهمة انتحارية" وفق تعبيره.

وبحسب قوله، أن أضرارًا جسيمة لحقت بقطاع الانتاج الحيواني، فقد أتلف مُربو الأبقار أكثر من 30 ألف لتر من الحليب، بسبب عدم القدرة على تسويق هذه الكميات أو استخدامها بمعاملات التصنيع.
كذلك استهدف الاحتلال بالقصف المباشر والمتعمد أحد مصانع الأعلاف المحلية ومخزن للأعلاف، مما أدي إلى تدمير المصنع والمخزن بشكل كلي.

كما دمر الاحتلال البنية التحتية الزراعية، وتشمل خطوط ناقلة وشبكات ري بالإضافة للآبار الزراعية وخزانات المياه والمشاتل، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بحقول القمح ومزارع تربية الدواجن ومزارع الأبقار، وعدم تمكن المزارعين من الوصول لممارسة عملهم وتسويق منتجاتهم، علماً أن كثير من المزارعين الذين اضطروا للوصول إلى أراضيهم اُستهدفوا داخلها.
كما أحدث القصف الإسرائيلي لمخازن شركة "خضير للأدوية والأدوات الزراعية" بمنطقة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، خسائر تُقدر بالملايين، بعد أن دمر مقر الشركة ومستودعات الأدوية والمستلزمات الزراعية كافة.

إعمار البنية التحتية قد يطول
في سياق منفصل أكد رئيس بلدية غزة د. يحيى السراج في حديث مع مراسل "آفاق البيئة والتنمية" أن الاحتلال الإسرائيلي تعمد استهداف الطرق وتدمير البنية التحتية والخدمات المدنية بهدف معاقبة السكان، لافتًا إلى أن الغارات الإسرائيلية تسببت بخسائر فادحة، تُقدّر حسب إحصائية أولية بنحو 21 مليون دولار، وهو رقمٌ قابل للزيادة، إذ تواصل البلدية حصر الأضرار في هذه الآونة.
وتشمل الأضرار التي حصدتها بلدية غزة حتى نهاية العدوان تضرر نحو 130 ألف متر مربع من الطرق والأرصفة سعيًا من الاحتلال إلى التأثير سلباً على عملية تقديم الخدمات للمواطنين في مدينة غزة، كذلك تضررّ 1405 من خطوط تصريف مياه الأمطار، وتضرر14490 متر طولي من خطوط الصرف الصحي، كذلك تضرر 18 مضخة صرف صحي بين تدمير كلي وجزئي.
كما أدى الاستهداف المباشر والمتكرر لمكب النفايات الرئيسي شرق المدينة لاشتعال النيران فيه وتحييده بشكل كامل عن الخدمة.
وأضاف د. السراج: "إعادة إعمار ما دمره الاحتلال من البنية التحتية تحتاج وقتا ربما يطول، إلا أن البلدية بدأت فوراً في وضع خطط عاجلة لإعادة الإعمار، والتي تتوقف سرعة إنجازها على مدى استعداد الجهات المانحة والصديقة لتوفير الأموال اللازمة وإمكانية فتح المعابر دون قيود أو شروط".

وفي سؤاله عن ركائز خطة البلدية، قال أنها تتلخص في أربعة نقاط:
أولاُ: خطوط المياه وتوصيلها إلى المنازل والمؤسسات.
ثانيًا: إصلاح خطوط الصرف الصحي.
ثالثًا: تمهيد وإصلاح الطرق لتسهيل حركة المركبات.
رابعًا: إصلاح المنشآت والمباني والمضخات التي دمرها العدوان، والعمل على تشغيل محطة تحلية المياه عاجلاً.
مشاكل المياه الناجمة عن التصعيد
قبل العدوان كانت البلدية تعمل وفق خطط لا مركزية لإمدادات المياه، وفق ما أدلى به لنا، م. أحمد أبو عبدو منسق الإدارة العامة للصحة والبيئة في البلدية، مضيفاً: "بناءً على تلك الخطط كان الوضع يسير بشكل جيد ومقبول، ولم نواجه صعوبات في عزل المناطق المستهدفة من خلال المحابس الفرعية في المنطقة، وبالتالي عند حدوث أي استهداف تُعزل المنطقة ونباشر في تحرير صيانة عاجلة خلال ٢٤ ساعة فقط".

إلا أن المعضلة الأساسية تتعلق بالاستهداف المباشر للخطوط الرئيسية الناقلة في مدينه غزة، والكلام لأبو عبدو، مثل خط الصفطاوي الذي يغذي 30% من إجمالي المياه المزودة لسكان المدينة، و"خط زِمّو"، وخط "شارع 8 "، بالإضافة إلى خط بالقرب من أبراج السعادة.

ويضيف بشأن هذه المشكلة: "لا شك أن تلك الخطوط تحتاج إلى جهدٍ ووقت لمعالجتها، بسبب صعوبة الوصول إلى المكان واستهدافها بشراسة بأكثر من صاروخ".
كما نتج عن العدوان مشكلة أخرى، تمثلت في عدم وصول المياه للسكان بسبب النقص الحاد في التيار الكهربائي الذي انعكس سلباً على توافق جدول الكهرباء مع ساعات ضخ المياه مما جعل العديد من المناطق تعاني من شح المياه، فيما معظم البيوت بحاجة للمضخات لرفعها.

"أيضًا إبّان التصعيد العسكري طفت على السطح مشكلة الصرف الصحي وواجهنا صعوبة بالغة في معالجتها" يقول منسق الإدارة العامة للصحة والبيئة.
موضحًا أن كل منطقه موصولة بمضخات مركزية، إذ يصعب فصل المناطق المستهدفة بسبب اعتماد الشبكات على الانسيابية للوصول إلى هذه المضخات، ما اضطر إلى اللجوء لحلول مؤقتة مثل شَبك التصريف الصحي على شبكات مياه الأمطار.
وتجدر الإشارة أنه تم استهداف كل الخطوط الناقلة للمياه في مدينه غزة وشبكات صرف صحي ومحطة ضخ المياه العادمة رقم 2، ومحطة ضخ المياه العادمة رقم 11، مما أدي إلى تصريف المياه العادمة للبحر.

ومن جهة أخرى، تتجدد المعاناة من مشكلة الكهرباء التي تصل بمعدل لا يتجاوز 4 ساعات فقط، فالمضخات بحاجه للكهرباء على مدار الساعة وتشغيلها بكميات سولار أكبر من طاقة البلدية، تبعاً لقوله.
ويختم م. أحمد أبو عبدو حديثه: "البلدية بحاجة لــ 300 ألف لتر من السولار شهريًا، فالكهرباء لدينا لم تعد كافية لتشغيل آبار المياه ومحطات الضخ والآليات العاملة في إيصال الخدمات الأساسية".

مخاطر محدقة
بدورها حمّلت سلطة المياه، حكومة الاحتلال ما سيترتب على استهداف البنية التحتية في غزة من كوارث بيئية وصحية. فقد تضرر 9745 متر طولي من خطوط المياه، وتوقف العمل في محطة تحلية مياه البحر شمال المدينة، إضافة إلى تضرر بئرين بشكل جزئي.
سلطة المياه التي تعاني في الأساس من نقص حاد في المستلزمات، عدّت "استهداف البنية التحتية في قطاع غزة يرمي إلى تدمير كل مقومات الحياة، لتسجل "إسرائيل" بذلك جريمة حرب جديدة تُضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال بحق البيئة والإنسانية.

وأعربت سلطة المياه عن قلقها البالغ إزاء عدم قدرتها على تزويد السكان بالمياه في هذه الفترة الصعبة، إذ بلغت نسبة العجز50% بسبب الاستهداف المستمر لخطوط المياه وآبار المياه ومحطات التحلية، محذرة من تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع، لا سيما ما يتصل بالقدرة على توفير المياه للمواطنين، وتصريف مياه الصرف الصحي، "وسيكون لهذه الأزمة انعكاسات طويلة المدى على جميع مناحي الحياة الصحية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية".
وطالبت سلطة المياه المجتمع الدولي بضرورة اتخاذ مواقف حاسمة، للضغط على "إسرائيل" لوقف استهداف وتدمير المرافق الحيوية.

صواريخ محرمة دولياً
من جهة أخرى، ومن خلال تحقيق أجرته قناة الجزيرة، تبين أن قوات الاحتلال قصفت البنية التحتية ومنازل المواطنين بنوعين من القنابل المجنحة، وهما قنابل محرمٌ دولياً استخدامها في المناطق السكنية من طراز GBU-31   وGBU-39 وكلاهما شديدتا الانفجار والتدمير.

وصُنعت تلك القنابل بأيادٍ أميركية خِصيصاً لضرب الأماكن شديدة التحصين، إلا أن الاحتلال استخدمها لاستهداف منازل المواطنين والأبراج المدنية، إضافة إلى قصف البنية التحتية بنفس نوع هذه الصواريخ.
وتبيّن أيضاً، أن هذه القنابل محشوة من الداخل بنسبة مئة بالمئة بمواد شديدة التفجير من وزن القنبلة الأساسي الذي يصل إلى 110 كيلو جرام، وتنفجر هذه القنابل عن طريق الأكسدة مع الأكسجين من الجو. وبعد الانفجار تتحول إلى رذاذ حارق يعمل على حرق الأكسجين من الجو المحيط، ما يؤدي إلى اختناق المواطنين المتواجدين ضمن دائرة الانفجار، ما يؤكد معلومة وصول عدد من الشهداء من محيط وداخل المباني المستهدفة ممن قُتلوا جرَّاء الاختناق، دون أي جروح أو إصابات داخلية في الجسد، كما الشهداء الستة في بداية العدوان، بحسب وزارة الصحة.

استهدف عدوان مايو/ أيار كافة مناحي الحياة، فقد أتت الغارات الجوية وضربات المدافع الإسرائيلية التي وصفت بأنها "الأعنف" مقارنة بالحروب السابقة، على الأخضر واليابس فيها، ناهيك عن أنواع جديدة من القذائف المحرمة دولياً استخدمها جيش الاحتلال.
ويأتي استهداف البنية التحتية في قطاع غزة، والتي هي أصلًا متهالكة وشبه مدمرة وتعاني نقصًا خطيرًا في المستلزمات بسبب الحروب الإسرائيلية السابقة، بغية تدمير كل مقومات الحياة في غزة، وهي جريمة حرب جديدة تُضاف لسلسلة جرائم الاحتلال بحق البيئة والإنسانية.

وتبين أن قوات الاحتلال قصفت البنية التحتية ومنازل المواطنين بنوعين من القنابل المجنحة، وهما قنابل محرمٌ دولياً استخدامها في المناطق السكنية من طراز GBU-31   وGBU-39 وكلاهما شديدتا الانفجار والتدمير.
وصُنعت تلك القنابل بأيادٍ أميركية خِصيصاً لضرب الأماكن شديدة التحصين، إلا أن الاحتلال استخدمها لاستهداف منازل المواطنين والأبراج المدنية.

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تصميم وتطوير