الدورة الزراعية: ممارسة بيئية لوقاية المزروعات من الآفات

05.05.2021 09:46 PM

وطن- جورج كرزم

تتسبب إعادة زراعة محصول معين في نفس الموقع، في زيادة الآفات بذلك الموقع، وخاصة آفات التربة أو الآفات التي تصيب أصنافا وأنواعا محددة من الخضروات.
وبإمكاننا التغلب على العديد من الآفات بسهولة إذا ما تجنبنا زراعة الحديقة أو الحقل بنفس المحصول أو المحاصيل التي تصاب بنفس الآفة لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات، إذ تكفي تلك المدة للقضاء على معظم مسببات الأمراض، نظرا لغياب عائلها. 
إن غياب عائل العديد من الحشرات يتسبب في القضاء عليها، وبخاصة تلك التي تنتقل ببطء من حقل لآخر، بحثا عن عوائلها، علما أن معظم الحشرات لا تستطيع العيش فترة طويلة في غياب عوائلها.
وعلاوة عن ذلك، تقلل الدورة الزراعية الإصابة بالأمراض الفيروسية التي تسببها الفيروسات المتواجدة في التربة، علما بأن هذه الأمراض قد تنتقل ميكانيكيا للنبات.

وبشكل عام، تساهم الدورة الزراعية في معالجة التربة والسيطرة على الآفات والأمراض النباتية، وهي تعني تعاقب المحاصيل الزراعية المبني على أساس علمي، وذلك بتغيير نوع المحصول المزروع في قطعة أرض معينة من موسم لآخر، بهدف التقليل من انتشار الآفات، حيث تعمل الدورة على قطع دورة حياة الحشرة قبل اكتمالها وبالتالي القضاء على مسببات المرض.
وتساهم الدورة الزراعية في الحفاظ على توازن المغذيات والسماد في التربة، علما بأن بعض الخضروات تفضل نسبة أعلى من النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم، لذلك تحتاج هذه الخضار إلى سماد حيواني.  بينما لا تنمو المحاصيل الجذرية جيدا في السماد الحيواني، وتبقى بالتالي قزمة ومشوهة.  لذا، يفضل عدم زراعة المحاصيل الجذرية مباشرة بعد زراعة المحاصيل التي تحتاج إلى سماد حيواني، أو بإمكاننا "ترييح" الأرض، أي عدم زراعتها لموسم أو موسمين مثلا، بعد تعاقب مجموعة من المحاصيل التي تنمو جيدا مع السماد الحيواني في نفس قطعة الأرض.

ولدى ممارستنا للدورة الزراعية لا بد من التنبه إلى الأمور التالية:
أولا:  -  يفضل عدم إعادة استعمال موقع معين لزراعة نفس نوع النباتات التي زرعت فيه في الموسم السابق، أو في المواسم القريبة السابقة، وبخاصة لدى زراعتنا النباتات الموسمية، كالخضروات والأعشاب الطبية والأزهار، أو لدى إعادة زراعة الأشجار المعمرة، كأشجار الفاكهة والشجيرات.

-   وتتمثل الممارسة المثالية في زراعة أنواع وأصناف المحاصيل الموسمية المختلفة في مواقع وأحواض مختلفة، وعدم إعادة زراعة نفس المحصول في نفس الموقع أو الحوض إلا بعد مرور بضع سنوات، حيث تساعد هذه الممارسة في السيطرة على الحشرات الضارة وعلى آفات التربة، كما أنها تقضي على الأعشاب الضارة، فضلا عن المحافظة على خصوبة التربة وعلى مستويات جيدة للمواد العضوية فيها.

ثانيا:  المحاصيل التي تتشابه في مدى استعدادها للإصابة بأمراض النبات، وفي مدى تعرضها للحشرات الضارة، يجب أن تزرع في فترات زمنية متباعدة.

ثالثا:  يفضل دائما التعاقب الذي يقلل إلى الحد الأدنى من الفترة الزمنية التي تبقى فيها التربة دون غطاء نباتي.

رابعا:  الامتناع عن زراعة النباتات المعمرة، وبخاصة الفاكهة والأزهار، بجوار أنواع مشابهة من النباتات التي زرعت حديثا.

خامسا:  تطبيق دورة زراعية قصيرة إذا كانت المساحة الزراعية محدودة، لكن من الضروري الحفاظ على بنية صحية للتربة.

سادسا:  إذا ما تعذرت ممارسة الدورة الزراعية، لأسباب عملية، بإمكاننا التعويض عنها جزئيا، من خلال الزراعة المتداخلة والمترافقة، شرط الحفاظ على تربة صحية.

سابعا:  في إطار نظام تعاقب المحاصيل، وقبل إعادة زراعة نباتات ذات الفصيلة، في ذات الموقع، يجب التأكد من خلو التربة من الجراثيم والنباتات الطفيلية المصاحبة لها.  ويعتبر النمط الزراعي المتبع في منطقة أريحا والأغوار، والذي تتم فيه زراعة نفس العائلة من الخضار سنويا في نفس قطعة الأرض، لتلبية متطلبات السوق، مثالا جيدا على التعاقب السيء للمحاصيل، أو حتى غياب هذا التعاقب، وبالتالي إرهاق الأرض وإنهاكها بشكل مكثف، وتفاقم آفات التربة.

لقد أثبتت التجربة أنه بالإمكان مكافحة العديد من الفطريات والأمراض البكتيرية والحشرية والنباتات الطفيلية، بواسطة التعاقب الصحيح، من جهة، والزراعة المختلطة والمتداخلة، من جهة أخرى.

ويفضل بشكل عام، اتباع الدورة الثلاثية، أي بين ثلاثة أنواع من المحاصيل، في قطعة الأرض الواحدة.  مثلا، ُتبادل المحاصيل الزيتية في دورة مدتها ثلاث سنوات، وتشتمل على نوعين من الحبوب مثل القمح والذرة، مع مراعاة عدم زراعة عباد الشمس في الأرض التي أصيبت بالعفن الأبيض، لمدة لا تقل عن سبع سنوات.

ويمكننا أيضا، إتباع دورة رباعية، أي بين أربعة أنواع من المحاصيل، في قطعة الأرض الواحدة.  مثلا زراعة الحمص والبازيلاء في السنة الأولى.  ومن ثم في السنوات الثلاث اللاحقة زراعة خضروات ورقية وزهرية مثل القرنبيط والملفوف والشمندر،  في السنة الثانية.  أما في السنة الثالثة فيتم زراعة محاصيل ثمرية كالبندورة والفلفل، وأخيرا، في السنة الرابعة، نزرع المحاصيل الجذرية كالجزر والشمندر والبصل، علما أن بعض المزارعين يترك قطعة الأرض هذه لمدة سنة كاملة دون زراعة بهدف "ترييحها".

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تصميم وتطوير