القوى العاملة في ظل الجائحة

01.05.2021 03:28 PM

كتبت: ميساء جيوسي

يحتفل العالم اليوم بمناسبة عيد العمال، هذا الاحتفال الرمزي الذي تعود جذوره للقرن التاسع عشر في حركة عمالية امتدت بين استراليا وأمريكا وكندا طالب بها العمال حينذاك بتخفيض ساعات العمل لثمان ساعات.

اليوم تقف القوى العاملة على النقيض تماما مما أنشئت له تلك المناسبة الاحتفالية، فاليوم وبعد مرور عامين على تفشي جائحة كورونا أصيب قطاع العمل في العالم بشكل عام بشلل كبير تفاوت حسب تضرر القطاعات المختلفة من هذه الجائحة.

ولعل المرء لا يبالغ أن وصل لاستنتاج أن ليس هناك أي من قطاعات العمل حول العالم أيا كانت طبيعتها إلا وأصيب بضرر من جراء تفشي فيروس كوفيد 19.

فعلى سبيل المثال يعاني العاملين في قطاعات النقل الجوي والسياحة من شلل شبه كامل اتصل بشكل مباشر بتحديد حركة الطيران وإغلاق المرافق السياحية والترفيهية في دول عديدة إلى يومنا هذا وليس من الواضح أن كانت هذه القطاعات ستشهد انفراجة قريبة أم لا في ظل حدوث موجات متكررة من الفيروس في دول عديدة تتربع الهند على قائمتها بأكبر عدد من الإصابات والخسائر بالأرواح حيث أشارت الإحصائيات الرسمية للحكومة الهندية بإصابة ما يزيد عن ثلاثة ملايين ونصف المليون إصابة بالفيروس من مطلع نيسان ابريل.

وهنا تقف ثاني اكبر الدول كثافة سكانية بمواجهة موجه من الفيروس ستضطرها لاتخاذ إجراءات وقائية سيكون الإغلاق احد أهمها. وللمرء إن يتخيل ما يمكن أن يترتب عليه إيقاف عجلة العمل في سوق ضخم كالهند وما من شأنه أن يترتب على هذا من تبعات في سوق العمل من ارتفاع لنسب البطالة التي ستفرض الكثير  من التحديات على عاتق الحكومة الهندية.

والهند هنا مثال واضح صعب الملامح لكنه ليس الوحيد فجميع الدول بلا استثناء لا زالت تعاني من وطأة الفيروس وما ترتب وسيترتب عليه في ما يتعلق بسوق العمل والبطالة وإنقاذ ما أمكن إنقاذه منها.

وفي سياق متصل، قدمت الجائحة للعالم بشكل أوسع فكرة العمل عن بعد من خلال استخدام التكنولوجيا ولعل تطبيق زوم كان ولا زال من أنجع الوسائل التي تبناها أرباب العمل في حقول عدة للتمكن من تسيير أعمالهم والحفاظ على موظفيهم في بدء تفشي الجائحة وفرض اجرائات الحظر الوقائية. لكن مع استمرار الجائحة فقد الكثير من العاملين فرصهم في الاستمرار في وظائفهم التي تقلدوها قبل ظهور فيروس كوفيد 19.

ومن الممكن القول بأن تفشي الوباء قد احدث ضربة قاسمة لكثير من المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والتي هي محرك هام جدا في اقتصادات الدول لا سيما في النامية منها. ولعل فقدان الوظائف المؤقت المرتبط بتفشي الوباء ليس المهدد الأول لقطاع القوى البشرية وإنما حلول الآلة مكان البشر في كثير من مجالات الحياة التي سارع الوباء من فرضها وتقبلها من البشر بفعل الحاجة لاستخدامها في ظل الوباء.

فعلى سبيل المثال استخدمت الصين في بدايات الجائحة إنسان إلى قام بتوزيع الطعام وغيرها من المتطلبات على غرف الحجر الصحي في المستشفيات وأماكن الحجر مما لاقى ترحيبا لدى الناس حينها.

لكن لم يطرح أحدا تساؤلا إن كانت هذه الآلات ستلتهم حصصا اكبر من القوى العاملة فيما بعد الجائحة. وقد يلحظ الناظر لمشهد العمل منذ سنوات قليلة اختفاء وظائف كثيرة وانقراضها بفعل الأتمتة، وقد يكون هذا سلاح ذو حدين للبشرية، فمن الممكن أن تكون هذه الميكنة للمهام البشرية بها نجاع للعمل لكنها قد تنشئ بطالة في وقت يحتاج به ملايين العمال حول العالم لمصادر دخل التهمتها الآلة وقلصت من فرصها.

بغض النظر عن ما ترتب على انتشار الوباء من تأثير سلبي كبير على القوى العاملة حول العالم، لكن هذا لا يمنع من أن نلقي عليهم تحية تقدير لما قدموه ويقدموه لرفعة البشرية، آملين أن يحمل الغد لعمال العالم أملا بانتهاء هذا الظرف الاستثنائي ومزاولة أعمالهم.  كل عام وعمال العالم بخير.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير