لا تحرقوا السفن

11.04.2021 11:57 AM

 

كتب: وليد خالد
 
بعد سنوات من جراح الانقسام المرة، قطع قادة الفصيلين الكبيرين شوطا كبيرا يحمد لهما ويسجل في مجد صفحاتهما نحو إعادة اللحمة وإنهاء الانقسام، رغم كل عوامل التشكيك والإحباط حتى أوصلونا إلى هذه اللحظة المباركة. ولأن الشعوب المتحضرة والحرة ونحن منها تتعلم من تجاربها، فأحب أن أسدي النصيحة لنفسي وللكتاب والنخب والساسة والمفكرين تعلما من تجربتنا نحن وجراحنا نحن.
 
لا تحرقوا السفن بينكم
 
حافظوا على اللغة الدافئة في إدارة الاختلافات. حيث يعلمنا التاريخ، وتعلمنا التجارب (بما فيها تجربتنا) أن الفرقاء والمختلفين- مهما ظُن أنهم لن يلتقوا- ستقودهم الظروف والمصالح المشتركة للتعاون والتحالف ( مصر، تركيا مثلا... وعشرات الأمثلة في الماضي والحاضر).
 
قال لي صديق عندما بدأت قيادة أحد الفريقين تصدر تعميماتها الداخلية باتجاه الشراكة والمصالحة وأن الآخر شريك وصديق.. قال لها أبناؤها ( منذ 15 عاما وأنتم تعبئوننا ضدهم: تكفيريون، شيعة، دمويون، قتلة...الخ) فاعتقلنا وعذبنا وخطفنا..الخ. آلآن صاروا شركاء وإخوة؟!
 
ولا يخلو طرف من أطراف الانقسام أو خارجه من هذا الشحن المغلوط الذي يحرق السفن مع الآخر للأسف. نحن شعب تحت الاحتلال، وطبيعي أن نختلف، وهذا لا بأس فيه. وليست الشراكة ذوبانا في برامج الآخر، إنما هي البحث عن المشترك للعمل على ساحته. لكن الاختلاف محله العقل، لا القلب، وعنوانه ( خطأ وصواب، لا انقلابي دموي، أو خائن كافر). هذه اللغة التي تحرق السفن أدعو نفسي وكل إخواني وكل الكوادر والنشطاء لتجنبها. قد نتصايح، لا بأس. قد يقول أحدنا للآخر إن مشروعك السياسي خطيئة ويقودنا للهاوية.. أيضا لا بأس، فكل ذلك تحت عنوان: الصواب والخطأ، وهذا لا يحرق السفن. فلا تحرقوا السفن. وأنا أعلم تماما أن أحد الفريقين- على الأقل- اتخذ القرار بألا يسمح لحمّى الدعاية الانتخابية أن تخرجه عن حدود اللغة الدافئة ألتي أثمرتها كل شهور التقارب الماضي. وأتمنى أن يكون هذا نهج الجميع.
 
 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير