أَشرقت شمس الإرشاد في مدارسنا رغم التحديات

13.03.2021 11:42 PM

كتبت: رؤى أبو محسن

يختار الفرد تخصصه ومهنته حسب دوافعه وقدراته ومهاراته، والفرص لتأدية الخدمة التي يشعر أنه يستطيع من خلالها ردّ بعض جميل المجتمع على نجاحه، وتعتقد الكاتبة بأنّ أرقى المهن وأشرفها مهنة مساعدة الآخرين، لمساعدتهم في تحقيق ذواتهم وبلوغ اهدافهم، واستمرار نجاحاتهم التي تُعتبَر استكمالاً لنجاح الفرد نفسه.

فالمهن التربوية التي تشمل التعليم والإشراف والإرشاد والتوجيه، هي مهن خدماتية تستوجب التقدير، حيث إنّها مُستمدّة من الرغبة في العطاء، ورؤية الآخرين ينجحون ويتقدمون ويُحقّقون ذواتهم.

وستقوم كاتبة هذه المقالة بالتركيز على مهنة المرشد التربوي في المدارس الحكومية في فلسطين، وتبين عبر المقابلات التي تم اجرائها قلت تقدير بعض التربويين لمكانة وأهمية الارشاد التربوي، ودورة في تحقيق اهداف العملية التربوية.

ويستند الارشاد التربوي الى مجموعة مبادئ هي: المساواة، والعدالة، وتحقيق الذات، والتفوق الأكاديمي، والتوافق النفسي بوجه عام،  ويجب أنْ يشترك أطراف العملية التربوية لتحقيق هذه الأهداف.

ويظهر لنا أنّ هناك فهماً خاطئاً لدور الإرشاد التربوي من قبل أغلبية أطراف العملية التربوية، ويتمثل هذا الفهم الخاطئ في الاعتقاد بأنّ الإرشاد التربوي بمثابة عصا سحرية، ستقوم بتحقيق أهداف الإرشاد التربوي المذكورة أعلاه، وهذا الفهم الخاطئ يُقلّل من فاعلية أيّ برنامج للإرشاد المدرسي، ويجعله قاصراً عن تحقيق أهدافه، ويرفع من سقف التوقعات المُلقاة على عاتق المرشد التربوي.

وأكدت الاطراف التربوية التي قامت كاتبة المقال بأجراء المقابلات معها على كون المرشدة حلقة وصل بين أطراف العملية التربوية، لتسهيل وتنسيق المهام فيما بينهم، كما اشارت الاطراف التربوية الى ضرورة التركيز على الحاجة الى المشاركة الجماعية المتمثلة بالتشبيك بين مختلف اطراف العملية التربوية ومؤسسات المجتمع المحلي وفقاً لأسس مهنية واضحة تسعى لمساعدة الطلبة على تحقيق ذواتهم.

والنقطة الثانية التي اتفقت عليها المشاركات، والتي تُركّز على الحاجة للمشاركة الجماعية، هي الحاجة للتشبيك مع أطراف العملية التربوية كافة، وفق أسس مهنية واضحة، لمساعدة الطلبة على تحقيق ذواتهم، إلّا أنّ ذلك لم يؤثر على مستوى الخدمات التي قُدّمَت للطلبة، لمساعدتهم على التكيّف الاجتماعي في البيئة المدرسية، وفي المحصلة تحقيق الهدف الأم للإرشاد، ألا وهو الصحة النفسية الاجتماعية لدى الطلبة.

وعند الحديث عن أهم المعيقات في تحقيق أهداف الإرشاد في المدارس الفلسطينية، توصلنا الى الإجماع على المعيقات الآتية:

أولاً: عدم تقبّل بعض أطراف العملية التربوية لدور المرشد التربوي.

ثانياً: عدم تعاون بعض أولياء الأمور مع المرشد التربوي.

ثالثاً: ظهر مؤخراً أزمة جائحة كورونا التي قلّلت من  التواصل الوجاهي بين المرشد/ة وأطراف العملية التربوية، وبالأخصّ الطالب المستفيد الأول من العملية التربوية.

رابعاً: ظهر من خلال المقابلات أنّ أهم المعيقات النظرة العامة للمرشد حيث يتم حصر دوره في التعامل مع الحالات التي تتطّلب العلاج النفسي، ويجب علينا كمرشدين تصحيح هذه الفكرة الخاطئة عن دور الإرشاد التربوي.

وفيما يتعلق بأكثر المشكلات السلوكية والتربوية انتشاراً أشارت الاطراف التربوية الى الاتي:

أولاً: ظهرت بوضوح مشاكل الابتزاز الالكتروني، ومشاكل التواصل الاجتماعي، وهذا يؤكد على ضرورة تعزيز المنهج الارشادي الوقائي الذي يساعد الطلبة على الا يكونوا ضحايا هذا الابتزاز وهذه المشكلات، كما تتضمن هذه المسألة الحاجة الدورية لوجود برامج  توعوية موجهه للأهالي والطلبة للحد من المشكلات الناتجة عن الابتزاز الالكتروني. وبالنسبة لكاتبة المقال يُعزّز هذا فكرة الدور الوقائي المهم للمرشد/ة التربوي/ة، والحاجة إلى بناء برامج توعوية وقائية مُوجَّهه للأهل والطلاب.

ثانياً: ظهرت مشكلة العنف بأنواعه المختلفة، وهذا أيضاً يتطلب تدخُّل من المرشد/ة، وبناء برامج مجتمعية بمساعدة ذوي العلاقة، والتشبيك مع مؤسسات المجتمع المحلي كون؛ العنف المجتمعي أصبح ظاهرة منشره للأسف في بلادنا، ويقع على عاتق المرشد توعية الاهالي والطلبة بالآثار السلبية التي يخلفها العنف على عدة أصعدة أهمها لتوعية الأهل بأضرار العنف وتأثيراته على عدة أصعدة أهمها: التحصيل الأكاديمي، والتسرُّب المدرسي، والزواج المبكر، التوافق النفسي والصحة النفسية.

ثالثاً: مع أن مشاكل العنف والتنمر تظهر بمثابة مشاكل ثانوية إّلا أنّنا إذا قمنا بإضافة مشاكل التفكّك الأسري لها، وآثارها السلبية على الصحة النفسية والاجتماعية لدى الطلبة، وتأثيرها على التحصيل الاكاديمي، والغياب المتكرر، وتظهر هنا الحاجة الملحة للتشبيك بين أطراف العملية التربوية، وهنا يتمّ عملياً ترجمة المثل الفلسطيني القائل "ايد لحالها ما بتصفق".

وعند الحديث عن كيفية تقييم المرشدين التربويين في فلسطين، ومدى امتلاكهم للقدرات والكفايات اللازمة للقيام بأدوارهم المسندة اليهم كان هناك اجماعا بأن المرشدين التربويين في المدارس الفلسطينية مؤهلين للقيام بواجباتهم ولديهم رغبة حقيقية لخدمة الطلبة ومجتمعهم المحلي، فكثير منهم يستخدم طرق واساليب التوجيه والارشاد الجمعي والفردي وهم حريصون على فحص احتياجات الطلبة للقيام بإشباعها، وفي ضوء ذلك يصممون خططهم الهادفه.

كما اتسم المرشد التربوي بحسب الاطراف التربوية المذكورة اعلاه  بامتلاكه قدرات الاتصال الفعال  وتكوين علاقات بناءه مع الطلبة ومع زملاءه وتمتعه بقدر كبير من الذكاء الاجتماعي.

وكذلك أجمعت المشاركات أيضاً على توفر قدرات الاتصال الفعّال، والقدرة على تكوين علاقات إرشادية مهنية، علاوة على تمتعهم بقدر كبير من الذكاء الاجتماعي على حدّ قولهن.

وأكد اطراف العملية التربوية أن المرشد التربوي علية الالتزام بمبدأ السرية في عمله الارشادي والقدرة على التدخل المهني الموضوعي بين الطلبة والمدرسين والأهل، وذلك لتحقيق الأهداف بعيدة المدى للإرشاد التربوي المذكورة أعلاه.

وكي تكتمل مهمة أطراف العملية التربوية، لإنجاح عملية الإرشاد، وزيادة فعّاليته، فلا بدّ من دعم ومؤازرة المرشد التربوي في عمله، والتعاون معه لتحقيق أهداف العملية الارشادية.

وكون المرشدون التربويون هم حلقة الوصل بين باقي أطراف العملية التربوية فإنهم  يتعاملون مع العديد من الموضوعات اهمها:

أولاً: فحص احتياجات الطلبة النفسية والأكاديمية، والمجتمع المحلي، والتواصل مع أطراف العملية التربوية، بهدف تحقيق الأهداف الوقائية، الانمائية، والعلاجية للطلبة، بالتالي تلبية احتياجاتهم عبر البرامج الارشادية المخطط لها.

وبعد أن قامت كاتبة المقال بتسليط الضوء على أهم التحديات، والموضوعات، والمشكلات السلوكية والانفعالية التي تواجه لمرشد التربوي في المدارس الفلسطينية، يبقى هنا مجموعة من الأسئلة التي تحتاج أنْ يجيب عنها المختصون العاملون في المجال، وأهمها: هل سيستطيع القائمون على الإرشاد التربوي العمل على تغيير الصورة النمطية السائدة التي تضع الإرشاد في قالب من المحدودية؟ وهل سيستطيع الإرشاد تحقيق هدفه الأسمى بتوفير خدمات من أجل طالب يكون متمتعاً بالصحة النفسية والاجتماعية، ومتوافقاً مع ذاته، ومتمتعاً بشخصية متكاملة؟

وأخيراً هل سيصبح الإرشاد من الادوات المهمة التي  ستعمل على رفع مستوى العملية التعليمية وتحسين نوعيتها؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير