المجد للعقلاء

04.03.2021 01:04 PM

كتب  محمد أحمد سالم : "كيف يفرض انسان سلطته على إنسان آخر يا ونستون؟ فكر ونستون ثم قال : بأن يجعله يعاني" . جورج أورويل 1984.

لا أريد أن أزيد عن هذا.. جرحه الغائر الذي لا يندمل ابدا، قالها بسخرية مغموسة  بالحزن: (الصهيوني ابن الكلب سرق ارض جدي وأخذ مال ابويا ، وعمل دولة بنت سفاح) ويمكن أن تدع القوس مفتوحـًا لمزيد من الجرائم على هذه الشاكلة. ثم أضاف ..اذا اردت ان تضيع شعبا .. وقضية ، اشغله بغياب الكهرباء والغاز و المعبر والضرائب وغياب العدالة، وقسم وحدته ، ثم غيب عقله و اخلط السياسة بالاقتصاد  بالرياضة.

في اي بلد الحاكم يسعى لنصرة وانصاف الشعب الذي يمثله الا في بلدنا – مع شبه حكومتان  كل منهم  يسعى جاهدا لفرض القوانين الجائرة والجبايات المتعاقبة على الناس وكأنه ينتقم منهم لتيقنهم من عدم جدوى هؤلاء.  حقا .. لم أر في حياتي أو من خلال مشاهدتي ومتابعتي لعشرات الأنظمة السياسية في مختلف دول العالم نظاما يصر بدأب وانتظام وبنسق تصاعدي على حرق كل سفنه وإهدار اي منطق يحكم قراراته وفض اي تعاطف وتأييد له مثل  - أشباه نظامنا الحالي- حكومتان ، لم يترك هؤلاء  فئة أو شريحة مجتمعية دون ان ينقضوا عليها وينكل بها؛ صراحة " اللي يتكسف من بنت عمه .. مايجبش منها عيال"  كان زمن  وما قبلة عصرا ذهبيا للناس و الغلابة  بالمقارنة بما  نحن فيه الآن . كانوا  يسرقون ويسمسرون ، و يصدرون قوانين مشبوهة، ولكن بخجل ، بعكس ما يحدث اليوم .. نهب و تجريف جيب المواطن عيني عينك  بوجه مكشوف  و اللي مش عاجبه يشرب من البحر .

الاستثناءات تكاد تقتصر على شرائح لا يزيد تعدادها عن2٪ من تعداد السكان ، فالظلم يطبق علي الغلابة  و يعفي منه أصحاب السطوة ، و اشباه المسؤولين ؛ مش عارف يجيبوا الأشرار الذين يخترعوا أساليب الجباية و التجريف لجيب المواطن منين؟! دول أكثر قسوة من المماليك و جباة الانكشارية العثمانية، وفوق ذلك وتحت هؤلاء ، بولينا دائما بأشباه  مسئولين لا يصلحون لإدارة سوبر ماركت؛ ونموذجا لا يخجل عندما يكتشف المتعاملون معه مدى تسطحه و جهله و لا يعبأ إلا بما سيدخل خزينته الخاصة من أموال و مزايا .. ولا يمكنهم بسهولة أن يعترفوا بأنهم غير مؤهلين ؛ فهل هذا ما يقصده السادة ويرجوه ويستندوا عليه ؟!واذا كان لي ان أتوجه بنداء عاجل لإنقاذ القضية من دمار كبير، بعد ان تردت أوضاعها وانهارت وسدت كل منافذ الحل في وجهها وأصبحت كالسفينة الغارقة التي ليس لها ربان يقودها الى بر الامان ،  فلمن أتوجه بهذا النداء :  للداخل ام للخارج ؟ بعد ان تاهت الحقائق بين الداخل والخارج واختلطت الأوراق ببعضها ونفض الجميع ايديهم منها وتركوها تضيع دون ان يتحرك احد لإنقاذها من محنتنا ؟ ما  نراه يحدث الآن مخيف وينذر بما هو أسوأ بكثير مما نراه.. وليس كما يجري تصوير الوضع المتأزم بغير لغة الكلام والمزايدة على بعضهم بالتصريحات، بقدر ما هي في الواقع قضية وطن بأكمله يحترق ويختنق من الاحتلال  والانقسام , والحصار و الجوع والقهر والفقر واليأس, مقابل البساطة والسطحية التى يقابل بها هؤلاء  بعض المسائل شديدة التعقيد والخطورة فنجدهم يتسلّقون المراكز والمناصب بسرعة عالية، يقرّرون في السياسات العامّة وهم لا يملكون الحدّ الأدنى من مقوّمات تحمّل المسؤولية، ولا تتمّ محاسبتهم لأنّهم بكل بساطة غير منتخبين.

كل ذلك جعلني أتساءل: كيف ابتُلينا نحن بحكام – اشباه – حكام عجزة يتسمون بقصر النظر وضحالة الفكر؟ والإجابة على التساؤل عندي هي أنهم ـ بالمصري ـ أكلوها والعة، كما يقال عن الشيء "الجاهز" الذي يفوز ويحظى به المرء عن غير جدارة، حين تُغيب الرقابة والمساءلة والمحاسبة، وتعطل مكافحة الفساد المحصن والمحمي بشبكات المصالح العامة والخاصة. فكل شخصية عامة شاركت في صنع مشهد سياسي ما، يجب أن تتحمل مسؤوليتها عنه ، لأن الجرائم التي تهدم حياة الشعوب لا ينبغي التسامح مع مرتكبيها.

وبالنسبة لهؤلاء، ما أحلى الانفراد بالمشهد والاستئثار بالسلطة – شبه سلطة ؛ ومواصلة الاحتكار السياسي والاقتصادي والثقافي والرياضي؛ لأن ذلك يضمن بلغة المصالح بقاء الحال على ما هو عليه، ويحقق الغرض من مناقشة القضايا والموضوعات واتخاذ القرارات في حضرة الأحبة والخلان و الأتباع والموالين. والقيام باستخدام أساليب شبيهة بما تفعله الشخصيات السمجة الكريهة الفاسدة القائمة على تلك الآلة، الباحثة إما عن الهيمنة الأحادية أو المتصارعة حول المصالح دون اعتبار للقضية والشعب او للقيم الديمقراطية ولسيادة القانون،  وانشغالهم في خضم الجري واللهاث وراء الأحداث بمعاركهم الجانبية المعتادة. واستخدامهم عجزهم التاريخي المزمن عن الحلول  لينتشر السؤال على ألسنتهم جميعا ( طيب ، عندك بديل؟)  ولسان حالهم يقول : أيها المواطن طالما عجزنا فيجب أن تصمت وتقبل!

هل قصدت الجميع؟ بالطبع لا! منهم من أقف أمامه بأجلال  لتاريخه ومثابرته وكم التضحيات التي دفعها من حياته ووقته وماله، منهم من أختلف معه خلافا عميقا ولكني لا أملك له إلا الاحترام والتقدير لما قدمه وما قاساه. منهم الصديق والرفيق بعد كل هذا العمر. ولكنه الحب والألم لما يحدث لنا ولشبابنا ..من أجل الاستقلال والتحرر وهو الأمل أن نجد طريقا مشتركا يجمعنا نكون فيه فاعلين من أجل ما عشنا نحلم به ؛المجد للعقلاء.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير