الانتخابات بين النظرية والتطبيق...

28.02.2021 12:23 PM

كتب: رامي مهداوي

بما أننا في موسم "الإنتخابات" قررت العودة الى مكتبتي وبالأخص الى الرفوف المتخصصة بكتب دراستي الماجستير تخصص ديمقراطية وحقوق إنسان من جامعة بيرزيت، وكتب دراستي في جامعة "بيرمينغهام" في بريطانيا للحصول على شهادة الدبلوم بعنوان "ماذا تعني الديمقراطية؟".

لا أخفيكم بأني نفضت الغبار عن تلك الكتب التي أصبحت جزء الماضي الذي أعتز به، وأيضاً استجمعت ذكريات الدراسة والنقاشات التي كانت تتفجر بشكل متككر في العديد من المحاضرات وكذلك المؤتمرات واللقاءات.

فكُنا نقع بفخ يتمثل بأن ما يستشهد به أحد المنظرين أو القادة السياسيين أو الأمة على أنه ديمقراطية، قد يصفه الآخرون بأنه شيء مختلف تمامًا، جزء من هذا يتعلق بالطبيعة السياسية للديمقراطية كممارسة ومفهوم ما يؤدي دائمًا الى الصراعات والنزاعات.
وبين رفوف الكتب وجدت صور "فوتوغرافية" لرحلات الدراسة لعدد من الدول التي استنهضت ذاتها بعد صراعات دامية لأسباب مختلفة، لكن جميعها يربطها عنصر مشترك وهو قبل التحول الديمقراطي كان هناك مصالحة وتفاهمات وخاطة طريق خطوة بخطوة وبمراقبة دولية من أجل الحفاظ على مقومات الإتفاق.

في مقالاتي السابقة كنت أحاول أن أدق الخزان من منطلق ما تعلمته على الصعيد النظري والتطبيق على واقع قضيتنا الفلسطينية، لكن لا أحد يستمع لقلقي وتخوفاتي بأننا نذهب للتهلكة وإنهاء قضيتنا بأيدينا تحت مسميات بعيدة عن النظرية والتطبيق.
للأسف في حالتنا الفلسطينية التي لا تشبه أي تجربة دولية في الصراعات والنزاعات والتحرر من الإستعمار الكولونيالي، تجربتنا بعيدة كل البعد عن نظريات التحول الديمقراطي وما يجب أن نقوم به من خطوات لمأسسة آليات جديدة تساعدنا لأجل الخروج من عنق الزجاجة التي وضعنا أنفسنا بها وأخذنا نتفرج على ذاتنا من خلال إنعكاسات المصالح الخاصة الضيقة فقط لا غير لمجموعات من الأفراد هنا وهناك.

سواء كان هناك إنتخابات تشريعية في شهر آيار القادم أو لم يكن فنحن في فخ صعب الخروج منه ما لم يتم إعادة بناء أدوات التحول الديمقراطي كباقي الدول التي خاضت هذه التجربة، والأهم أيضاً صياغة مفهوم الخلاص والتحرر من الإحتلال الذي ينصب لنا مصيدة  بإسم الإنتخابات الفلسطينية لتمزيق ما تبقى من الكينونة الفلسطينية سواء على صعيد المؤسسة أو/و المواطن وأيضاً تقوية وتعزيز الإنفصال الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس من جهة وتقسيم ما هو مقسم ضمن هياكل جديدة إدارية ومالية تتلاءم مع مصالح الإحتلال الإسرائيلي.

بين النظرية والتطبيق نحن في موقف لا نحسد عليه، ودلالات ما حدث الإسبوع الماضي من تصريحات قادها عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" موسى أبو مرزوق حول حقل الغاز قبالة شاطئ قطاع غزة، وإخفاء "حماس" العدد الفعلي للسجناء من أبناء حركة "فتح" يُبرهن بأن ما هو قادم حتى لو تمت الإنتخابات لن يقود الى إنهاء الإنقسام بقدر ما سيكون خلق تجربة حزب الله في لبنان لتكون "حماس" في غزة وغرس مخالبها في الضفة.

أنهيت تنظيف وترتيب جزء من رفوف المكتبة المُكدس عليها الغبار لأنها تحتوي على كتب ونظريات بعيدة عن الإستعمال في حالتنا الفلسطينية، مع فقداني الأمل بأننا يوماً ما سنُمارس التطبيق الفعلي الذي سيقودنا طرق جديدة تأخذنا الى التحرر والديمقراطية وبناء وطن يحترم به عقل المواطن الفلسطيني. ويبقى السؤال الذي تجدر مناقشته أيهما أفضل، تطبيق نظرية خاطئة بطريقة صحيحة، أم تطبيق نظرية صحيحة بطريقة خاطئة؟ هذا ما سأحاول الإجابة عليه بعد الإنتخابات إن تمت!! في نهاية الأمر، سنجلس لمحاسبة النظرية في ضوء التطبيق.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير