على فكرة نحن معتقلون

17.02.2021 02:43 PM

كتب: محمد أحمد سالم

لقد كان فينا الظلم فوضى فهذبت حواشيه حتّى باتَ ظُلماً مُنظّما ! "حافظ إبراهيم".

إنما الناس بحار، فلا تحكم على أعماقهم، وأنت لا ترى إلا شواطئهم". كان الحوار.. مع صديقي صاحب العقل الراجح  .. شخصية طيبة  يعبر عن فهمه الشخصي لتطور الأمور ، ولاءه غير مملى عليه ، وحبه عفوي للقضية.. للأرض .. للشعب..قليل التواصل في المرح و الهزار بعيد تماما عن طيش الشباب.. يزن كلماته بحساب و يقول ما يعرف و يعرف ما يقول ؛ كان العقل الحكيم الذي نلجأ له وقت الازمات . يتمتع بحب و احترام الجميع.. لم اراه منفعلا ابدا. لم اسمعه ابدا يذكر انسان بسوء او يذم في احد.. اكتسب ثقه الجميع لأنه صادق صريح و كان ايضا حلال المشاكل. مما .. جعل  هذا الحوار مهمّاً.

عن المشاكل التي تشغل بال شعبنا،  كلام وأسئلة عن الخطأ والاستمرار فيه على عادتنا التاريخية المتواترة، وتظل الأوضاع على ما هي عليه. فالحوار  والإيجاز هنا ؛ الاتفاق على رؤية شاملة واستراتيجية جديدة وشراكة حقيقية، تحت مظلة منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في والوطن والشتات. وعن حصار غزة، والأسرى المضربون عن الطعام، والبيوت التي تهدم، وسرقة الأراضي، واعتداء المستوطنين، وسلسلة لا حصر لها من القضايا المعلقة.

وقد بدأت حملة التطبيع تظهر للعلن، سواء استسلمت بعض الأنظمة سراً وبعضها جهراً، بادرت إلى الاصطفاف، نظاماً وراء نظام، كل منها ينتظر حلول دوره، فالترتيبات على قدم وساق، في الظهور تحت الأضواء وأمام الكاميرات،

إنها لحظات تاريخية، كل حكومة تريد تسجيل لحظتها التاريخية الخاصة؛ هناك مكافآت أميركية، ووعود إسرائيلية. سبق التطبيع الأخير على مدى سنوات اتصالات وتفاهمات وتوافقات، كانت بمثابة التطبيع الفعلي، ريثما أعلن الرسمي. بالنسبة للشعوب، استعيدت الأسئلة نفسها، ماذا عن حقوق الفلسطينيين؟ ماذا عن الأراضي المحتلة؟ ماذا عن الشهداء؟ ما زال المشهد نفسه على الرغم من تدهوره. ببساطة، كل شيء على حاله، ويزداد سوءا، الحقوق مسلوبة، والأراضي سليبة، والشهداء شهداء ؛ لكن الشعوب الحرة ما زالت تعتبر "إسرائيل" العدو التاريخي لها. أما الأنظمة فواقعية.. تريد البقاء إلى الأبد.

- فكر. في كلمات الدكتور جمال حمدان  استاذ اساتذة الجغرافيا وفلسفة الحضارة. حين قال : "إسرائيل" لن تُهزم أبدا بالنقاط كما يقولون في الرياضة وانما تُهزم بالضربة القاضية او بلمس اكتاف.. فكل انحراف إلى زوال، وإن لم يفعلها شعب مغلوب على أمره؛ فعلها التاريخ.

قلت : " اماطة الأذى عن الطريق صدقة" صدق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. السؤال : اذا كان للطريق حق ، ورفع الأذى عنها صدقة وفضيلة يعلمها الاسلام ، فكيف يؤذ هؤلاء شعب وقضية وامة بكاملها ؟!

قال : كل عاقل يتجنب المنكر ويبتعد عنه، ولكن بعضنا يتجاهل الكثير من المنكرات ويقبل عليها ويتعامل معها بوصفها ماءه وخبزه اليومي : الذل منكر. إذلال الحاكم لرعيته منكر, احتلال الأرض منكر. الخضوع لمشيئة المحتل بحجة أنه أقوى منكر. سلب الناس حرياتهم منكر. عدم اعتراض الناس على ضياع حرياتهم منكر. بقاء الحاكم رغماً عن إرادة الناس منكر. سكوت الناس على حاكم لا يريدونه ولا يمثلهم منكر.

النفاق منكر. الإعجاب بالنفاق ومكافأة المنافقين منكر. الخضوع للظالم منكر. السكوت على الظلم منكر. بيع الوطن سراً أو علانية منكر. تجاهل الوطن لما يحل به منكر. ولاء المثقف لغير شعبه منكر. ولاء أولي الأمر لكراسيهم فقط منكر. تشييد السجون للمطالبين بحقوقهم منكر. قتل المطالبين بالحرية منكر. استيلاء الحاكم على خيرات بلده منكر. تكديس الأموال المنهوبة في المصارف الأجنبية منكر. تضليل الناس والكذب عليهم منكر. إطاعة المستبد منكر.
قراءة الجرائد المختصة بالتلفيق والتضليل منكر. مشاهدة البرامج التلفزيونية الهادفة إلى تعميم الجهل والغباوة منكر. صنع الأفلام التافهة منكر. طبع الكتب الضالة المضللة منكر. ركوع العالم لنفع شخصي منكر. تحويل الكلمة من محاربةٍ للطغاة إلى جارية في قصور الطغاة منكر. ومن رأى منكم منكراً فليغيره بيده المسلحة.

- نحن كما نحن على قواعدنا ثابتون دون تغيير، وأننا لن نناقش ولن نحاول حتى مجرد إعادة النظر في قضايا مهمة ومحسومة لدينا لأننا الحق التام وغيرنا الباطل التام؟!. إن الوضع الفلسطيني لا يُحتَمل، وإن أمريكا ، ومعها العرب  تدير ظهرها للفلسطينيين، أمريكا ستتعامل مع أوضاعنا كما هي، أو إن تغيرت للأسوأ ؛ وهو ما يعني أيضًا أننا سنستغيث بلا مغيث، في ظرف حرج ومنعطف تاريخي سنخرج معه خارج دائرة الاهتمام العربي والدولي كله، بمعني  الإفلاس الكامل من أي حلول يملكها أصحاب الانقسام، وشعور الناس بعدم القدرة على التغيير، أوصلوا الشعب إلى القناعة بأن هؤلاء اعداء القضية والشعب و لا يقدر عليهم إلا لله تعالي.

- عن الوحدة الحقيقية  والاستراتيجية والانتخابات وغيرها.. كلام غير قابل للمناقشة وخلطه بغيره يصيب العقل بالاضطراب، ويصيب الواقع بالكوارث، ويصيب قضيتنا بما لا نحب ولا نشتهى. و فرضية كاذبة من العيار الثقيل ؛ كيف يتابعون قولًا له بعدها أم حوار؟ وكما لو كانت تعيش ابهي عصور الوحدة و الاستقلال، فى ديار الأمان والرفاه والرخاء  والسعادة والهنا والسرور، وكلها ألفاظ نسمعها ولا نعرف لها معنًى في واقع حياتنا.
. فلا  اتفاق ولا استقلال ولا ربع مصالحة  ولا شبه استقلال ,ولا أمان ولا رفاه ، ومنه يعيشه السادة  حياة الرفاه والسعادة ولا يعلمون عن المواطن المطحون شيئًا، نحن لا نعرف لا الرخاء ولا الوحدة والاستقلال , حتى الحوار الصادق الذي يطرق القلب ويصلح الضمير، بقدر ما هو حوار سطحي ظاهري يهتم بالشكل دون المضمون، أما المصالحة / الوحدة الحقيقية  عندنا فهي ما نسمع عنه مثلما نسمع عن بيضة الديك ولبن العصفور وحلاب جديه.

- أسمع كلامك أصدقك.. أشوف الانتخابات  أستعجب!

- ربنا يستر فعلا ، القضية  وقعت في مصيبة ؛ وربنا العالم نطلع منها ازي ؟ ربنا يسترها معانا فعلا.. أسوأ ما في الأمر وأقساه على قلبي وما يجعلني أحس بتفاهة أيامي، أننا نصرف وقتاً كبيراً من أعمارنا نفكر في كيفية استعادة قضيتنا، العالقة بين أنياب هؤلاء ؛ ولكي يحققوا الهيمنة والسلطة السياسية؛ جعلوا بدورهم مصالحهم الخاصة كأنها مصلحة العامة.  أخطأوا  ومتى اعترفوا وقاموا بالمراجعة؟ لو كانوا أهم قليلاً، او أكثر ملاءة قليلاً لكان الألم أقل، لو أننا كنا مع زعماء من طينة عبدالناصر، أو تيتو، أو  بومدين، إلا إننا نواجه منتفعين  متعلقين، هؤلاء الأقزام ، في الفكر والانجاز واللغة والمنطق، والطرح السياسي والموقع من العالم. فمن أسباب عدم تقديري للنشاط السياسي او المحلى أننا نخلق لأنفسنا أشخاص.. قدرتهم أقل بكثير مما ينبغي أن تكون لنا. هذا في رأى ليس هما حزبي، بقدر ما هو همنا جميعا .. لا تتركوا الجهلة و الانتهازيين والبلطجية و الارزقية يدمرون مجتمعنا.

- مع أننا وصلنا إلى درجة أن حديثنا عن حقوق الناس فى اختيار من يمثلهم ، لم يعد ينصرف إلى تلك الحقوق العادية التي يتمتع بها العالم الحر ، كالديمقراطية وحرية التعبير ، والحق في العمل السياسي دون قيود . والانتخابات الحرة،  بل صار أقصى ما نحلم هو "الحق في الحياة" ،  وايضا امام المزاجية السادية للاحتلال الصهيوني ومجازره المشهودة، أي ألا تقتلني لأنني قلت رأيا مخالفا  فهل هذا كثير ؟! أليس هذا تلبيسًا وخداعًا ونفاقًا يثير السخرية أكثر مما يدفع لاحترام.

فالمظلوم حينما يحبس نفسه في مظلمته، ولا يرى العالم الا من خلال ألمه، هو يساعد الظالم دون ان يدري او يدري. الظلم في مجتمع مثل مجتمعنا هو نتيجة ظلم عام، ذروته ومجسده الاعلى هو الاستبداد، تلك هي الحقيقة التي يجب ان يقف امامها الجميع. وهنا لم تولد المواطنة؛ ولا الاستقلال والحرية ،الا بالنضال الجماعي,  بهذا الوقت مع بناء وحده حقيقية. هو طريق متعب وطويل لكنه الوحيد الأكثر سلامة وكرامة ولأضمن ،وصولا للاستقلال والحرية. وهذا حديث اخر .

-عندك حق .. ليس كل ما يعرف يقال ، وليس كل ما يقال حضر أهله ، وليس كل ما حضر أهله حان وقته، وليس كل ما حان وقته صح قوله. على فكرة نحن معتقلون .. رُفِعَتِ الجَلْسَة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير