معارضة ترشح الأسرى حرفاً للأنظار وتغطية على العجز

11.02.2021 02:49 PM

 

كتب: الأسير خليل أبو عرام

يحاول البعض من المسؤولين أو حتى المتنافسين في العملية الانتخابية إثارة بعض التساؤلات ورميها طعماً في سناراتهم لحرف أنظار الجماهير الناخبة من جهة، وجعلها مبرراً وعائقاً وسبيلاً لدفع الأسير مروان البرغوثي أو غيره من الأسرى الراغبين في الترشح لمنصب الرئاسة أو حتى لعضوية المجلس التشريعي التنحي وعدم دخول هذه المنافسة أو غيرها من المنافسات، سواءً في المؤسسات الوطنية أو التنظيمية، وذلك من خلال جملة من العبارات والتساؤلات الاستنكارية، وأحياناً التهكمية، ثم يتلوها الرفض المبطن أو الصريح والمباشر، فيقول قائل: كيف ومن أين سيقود الشعب، وكيف سيخدم جماهيرهم، ومن أين وكيف سيقوم بالتواصل مع العالم وإدارة شؤون الدولة  والشعب؟!
لذلك سأحاول طرح الموضوع بنوع من التجرد والصراحةِ معاً، محاولاً انعاش ذاكرة البعض وتفكير آخرين ممن يحاولون التباكي أو التناسي لغاياتٍ آنية تمرُ وتنتهي بمجرد انتخابهم، ولفت انتباه الجماهير الذين نحترم عقولهم وطول ذاكرتهم وحسن فطنتهم لكي لا يستخف أحداً بهم، وما سأقوم به هو نبش سهل ولا يحتاج عناء لتاريخ ثورتنا وقيادتنا الفلسطينية من الرعيل الأول ولمن لا زالوا على رأس الهرم بعيداً عن ذكر مانديلا أفريقيا والمقارنةِ به، إنما المقارنة يجب أن تكون من ذاتِ البيت الفلسطيني كي نغلق هذه الدباجة وعدم استخدامها لتبرير عجزنا الذي لا نريد نكل جراحه، أو تقييم نتائجهِ على مدار قرابة عقد ونصف من الزمن وما عاناهُ، ولا يزال شعبنا جراء ذلك نضالياً واجتماعياً وحتى نظامنا السياسي ومنجزاتهِ سواءً في الضفة أو القطاع، وعلى صعيد كافة التنظيمات دون استثناء، وكل ذلك لغاية لفت أنظار الناس عن شريحة تدفع فاتورة نضالها ضد الاحتلال، وعندما تحاول البحث عن مكانتها بين شعبها والمطالبة بالمساواة معهم في بعض الحقوق يحاول البعض ممن لا يجرؤ على المساس بهذه الحالة المقدسة ويسعى لتفكيكها واضعافها فيلجأ إلى تلك المحاولات اليائسة.

من خلال قراءة دقيقة للتاريخ أذكرهم وأذكر نفسي عندما كنت لا أزال فتياً في الحالة النضالية وذلكَ كي لا يعودوا ويقولوا أن الأسرى لهم خلف القضبان عشرات الأعوام وباتوا لا يدرون ما يحدث في الخارج وبحاجةٍ إلى كفيل، وإن كان ذلك لا يضيرنا لكن أقول أن تكون خلف القضبان ولا تدري ما يدور أفضل ألف مرة ما تكون في معمعان الواقع وتدري ما يدور ولا تغير الحال، لأن الضرير غيرَ مطالب بالتغيير بينما المطالب هو صحيح الحواس، كما أن تهالك المعرفة بسبب الانقطاع عنها يمكن تصحيحه لكن تهالكها بسبب التقادم ومرور الدهر فهو ما لا يمكن بالعطار إصلاحهُ، فالنتائج باتت تحتاج للتغيير ولا يمكن أن تتغير حالتنا الفتحاوية دون تغيير الأدوات، ولا أريد الولوج بهذا العنوان في هذه المقالة كي لا أخرج عن سياق الموضوع.

ولربط الأحداث ببعضها وعودةً على ذي بدء، استعرض تاريخ قيادتنا الفلسطينية مقارناً بين مراحلها المختلفة لعل ذلك يوضح الصورة بجلاء للمواطن البسيط قبل المسؤول والمثقف؛ كي لا تعود وتنطلي المبررات على أحد من ناحية، ولأخذ العبر والدروس من حالة غياب الاستجابة لنداء القيادات في هذه الأيام مقارنةً بحجم الهالة والقدسية التي كان شعبنا ينظر بها ونحن نستمع خطابات القيادة قديماً سواءً في الأسر أو في الوطن.

سأقول لكم بأنها تعود للتربية الوطنية الثورية والصادقة التي كانت توحد الجميع سائلاً ومسؤولاً قائداً ومواطناً نحو المحتل، فالكل كان يعمل لذات الهدف وليس غير ذلك. لكن اليوم الأهداف عديدة والمصالح متنوعة وبات المواطن يقلد المسؤول فيرى أنه يتحدث بشيء ويبحث عن شيء ويعمل شيء آخر، ويطلب من الآخرين العمل فيما عليه قطف النتائج والثمن.

نعم أيها الثوار الأمجاد جميعاً، كانت الثورة وكان الشهيد أبا عمار، وأبو جهاد، وأبو إياد وكل الشهداء من قيادة منظمة التحرير لدى كل الفصائل، يقودون الشعب والثورة من خارج الوطن لكن كانت الاستجابة لهم وتنفيذ قراراتهم رغم بعد المسافات فيما بينهم وعدم وجود وسائل التواصل والاتصال، إلا أن قرارهم كان نافذاً ويحترمهُ الصغير والكبير، العامي والمسؤول، ثم كانت القيادة الموحدة بعد ذلك وخلال انتفاضة الحجارة تقود الشعب من خلف القضبان وتلقى الاحترام والتقدير وتعاون الشعب معها بانضباطية عالية، واستجابة لكل ما يصدر عنها ومنها من قرارات وكانت الحالة الوطنية بأبهى صورها، ثم نريد أن نعلمكم عن حالنا نحن الأسرى الذين ننتقد حالتهم المترهلة هذه الأيام ونشتكي منها، وهذا حق؛ ولكن نشتكيها لأننا لا نريد لها أن تكون هكذا بل نريدها كما الماضي، فقد كانت قيادتها للواقع عندما كانت قيادتها تنتخب سراً وتطارد بالعزل أفضل من هذه الأيام التي باتت تنتخب فيها علناً ولا تعزل.

لذلك فحالة القيادة ليس بالحضورِ أو الغياب، أو بالقيادة سراً أو جهزاً، إنما هي لمدى احترامها بين جماهيرها ومصداقيتها وعطائها الممكن وفق الظروف المتاحة. وهنا أبدأ بطرح تساؤلاتي لإنعاش الذاكرة من خلال صراحةٍ أكثر:

ألم يعتقل العشرات من أعضاء المجلس التشريعي خلال انتفاضة الأقصى، هل أثر ذلك على دورهم أم أن انقسامكم السياسي هو ما أثر على الحالة الوطنية، ألم يعتقل الأمين العام للجبهة الشعبية المناضل سعدات، هل أثر ذلك على مكانتهِ في قيادة الجبهة، ألم يعتقل مروان البرغوثي وهو عضو برلمان ومركزية، والآن معه الأخ كريم يونس في الأسر، هل أنتم محصنون من الاعتقال ما دام الاحتلال قائم وبحاجة للنضال والمقاومة، والأهم هل فكرتم بالإفراج عن الأسرى؟! أقول: نعم، لكن هل عملتم بالشكل الكافي لذلك؟ أقول: قطعاً لا. ولذلك يكفي القول بأن تبريركم ما هو إلا تعبيراً عن عجزكم وتغطية على فشلكم أمام هذه الثلة الصادرة من المناضلين، ومحاولة لحرف أنظار الناس عنهم، فماذا لو أراد الله لهم وتحرر هؤلاء الأسرى قريباً!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير