الضرب في سورية و الهدف ايران و حزب الله - د. سفيان ابو زايدة

07.05.2013 10:39 PM
بعكس المرات السابقة التي هاجمت فيها اسرائيل اهداف عسكرية داخل الاراضي السورية و التي في الغالب لم يتم الاعلان عنها في حينه الا بعد ان يتم تسريب الخبر للاعلام من قبل اسرائيل، احيانا بعد مرور اسبوع او اكثر كما حدث عندما قصفت اسرائيل المجمع النووي في دير الزور عام 2008 و الذي لم يعلن عنه الا بعد نشر اسرائيل الخبر بشكل غير مباشر دون ان تعترف باي مسؤولية، و احيانا بعد ثمانية و اربعين ساعة كما حدث في قصف ما عرف بقافلة الاسلحة التي كانت في طريقها الى حزب الله او قصف المجمع العلمي في الجمرايا.
هذه المرة لم يكن بالامكان التستر على الخبر لان قوة الانفجارات الناتجة عن القصف الصاروخي الاسرائيلي هزت اركان العاصمة السورية و ضواحيها سيما ان القصف لا يبعد عن القصر الرئاسي و مطار دمشق الدولي سوى اثنان و نصف كم فقط. قوة الانفجارات لم تترك الكثير من المساحة للقيادة السورية سوى توجيه اصبع الاتهام مباشرة الى اسرائيل، و ما تبعه من عقد جلسه طارئه لمجلس الوزراء السوري و من ثم المؤتمر الصحفي لوزير الاعلام حيث تلى فيه بيان الحكومة الذي ترك كل الخيارات مفتوحه.
بعض الملاحظات التي يمكن تسجيلها على ما حدث من تطورات في الساعات الاخيرة و التي قد تساعد في فهم ما قد يحدث في المستقبل.
اولا: لاول مرة تستخدم اسرائيل في هجومها على اهداف داخل الاراضي السورية صواريخ جو- ارض بعيدة المدى دون الحاجة الى استخدام الطيران الحربي مباشرة، ووفقا لما نشرته صحيفة هآرتس الاسرائيلية ان هذه الصواريخ هي من تطوير الصناعات الحربية الاسرائيلية و تصل مداها الى مئة كم تطلق من الطائرات الحربية و يتم توجيهها من خلال مجسات بعد ان يتم التشويش على اجهزة رادار العدو و لها قوة تدميرية هائلة قادرة على اختراق الحصون.

ثانيا: وفقا لما تنشره و تأكيده بشكل رسمي من قبل جهات اسرائيلية ان القصف استهدف شحنة صواريخ من نوع فاتح 110 اس وصلت من ايران قبل اسبوع. هذه الصواريخ يصل مداها الى ثلاث مئة كم و تحمل رأس متفجر بوزن نصف طون قادرة على ضرب تل ابيب او اي مدينه في اسرائيل بدقة متناهية، و ان هذه الصواريخ كانت تحت المسؤولية الكاملة لقوات حزب الله.

ثالثا: التقديرات الاسرائيلية، و على الرغم من اجواء التوتر في الشمال و الاحراج الشديد الذي تعاني منه القيادة السورية ، الا ان احتمالية ان يكون هناك رد على هذا الهجوم هي احتمالية ضعيفه جدا، سواء كان من قبل القوات السورية مباشرة او من قوات حزب الله الذي استهدفه القصف. التقدير الاسرائيلي نابع من الاعتقاد ان الاولوية بالنسبة للنظام السوري هي الانتصار في معركة صراع البقاء، كذلك حزب الله و ايران الذين يعتبرون ان الاولولية هي لمساعدة الاسد في معركته و عدم الانجرار قدر الامكان لمواجهة مع اسرائيل قد تكون نتائجها مدمرة، على الاقل في هذه المرحلة. هذا ما يفسر قرار الكابينت الامني الاسرائيلي بالسماح لنتنياهو عدم الغاء او تأجيل زيارته للصين حيث غادر بعد الاجتماع مباشرة.

رابعا: ما حدث بالامس قد يتكرر في كل مرة تقرر فيها اسرائيل ان هناك ضرورة لذلك، و بوتيرة اسرع مما كان في السابق. الهدف الاول الذي تم قصفة في الاراضي السورية و الذي له علاقة بأسلحة كانت في طريقها الى حزب الله كان في شهر يناير الماضي و الهدف الثاني كان يوم الخميس الماضي اما الهدف الثالث و الاخير حتى الان كان صباح يوم امس. الاستراتيجية الاسرائيلية التي اعلنت عنها في السابق و اكدت عليها امس و تم دعمها بشكل علني من قبل الولايات المتحدة هي عدم السماح لحزب الله ادخال اسلحة جديدة الى لبنان، في المقابل حزب الله يؤكد على حقه و يتوعد بعدم التوقف عن تكرار محاولاته في المستقبل . هذا يعني ان الهجوم الاسرائيلي القادم هو قضية وقت فقط سواء كان هناك رد من سورية او حزب الله او لم يكن رد.

خامسا: المنطق يقول ليس هناك مصلحة اسرائيلية في اسقاط بشار الاسد، و بالتأكيد ليس هناك مصلحة في مساعدته. ليس هناك مصلحة اسرائيلية حتى الان الدخول في حرب مع سورية. المصلحة الاسرائيلية هي استمرار الصراع على مستقبل سورية الى اطول فترة ممكنه. الجيش السوري يستنزف و يتآكل كلما طال الوقت، و حزب الله يلقي بكل ثقله، الان بشكل صريح وواضح، في معركة الدفاع عن الاسد ، و يتعامل مع هذه المعركة على انها معركة وجود او لا وجود بالنسبة له. كذلك الحال بالنسبة لايران. لذلك لا تشعر اسرائيل ان هناك حاجة للتدخل لتغيير الوضع الحالي هناك. مصلحتها ان يستمر اطول فترة ممكنه.

سادسا: على الرغم من التقدير الاسرائيلي بعدم الرد من قبل الاسد او حزب الله الا انه من الواضح انها اصبحت تقترب من ساعة الحسم مع حزب الله، ليس فقط لا تخشى التصعيد او تحاول تجنبه. اسرائيل تحاول استفزاز حزب الله بكل الطرق، حيث هناك تقدير ان اي عملية عسكرية ضد ايران يجب ان تكون بعد حسم الامر مع حزب الله. المواجهه مع حزب الله هي مسألة وقت وفقط، ان لم يكن بعد هذه الغارة قد يكون في وقت لاحق. هناك من لا يستبعد ايضا و نتيجه لحشر حزب الله في الزاوية ان يفاجئ هو بهجوم مباغت ضد اسرائيل .

سابعا و اخيرا: هناك تفسير لدى بعض الاسرائيليين ان احد الرسائل التي يحملها هذا الهجوم و ما يرافقة من اجواء حرب هو ايضا رسالة الى وزير المالية يئير لبيد ليس فقط لتذكيره بعدم المساس في موازنة الجيش و الاجهزة الامنية الاخرى بل يجب عليه العمل على زيادتها، سواء كان هناك علاقة مباشرة ام لا، الجيش الاسرائيلي سيستفيد من هذا التصعيد في الصراع الدائر على الموازنة في اسرائيل.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير