هاني عرفات يكتب لـوطن: هكذا سوف تحسم نتائج الانتخابات الأميركية

31.10.2020 07:03 PM

شئنا أم أبينا فإن نتائج الانتخابات الرئاسية  الأميركية ستلقي بظلالها ليس فقط على المواطن الاميركي  بل على العالم أجمع وفيما يتسابق المحللون السياسيون لمعرفة  إلى ما ستؤول إليه هذه الانتخابات فإن هناك سباق آخر يترافق معها و لا يقل أهمية عنها  وهو إنتخاب ٣٥ عضواً لمجلس الشيوخ الأميركي.

قد لا يختلف إثنان على أن السياسة الخارجية الاميركية ستبقى دوماً وبغض النظر عن الرئيس المنتخب همها الاساس الحفاظ على تفوق أميركا العسكري والاقتصادي والسياسي ولكن لكلا الحزبين رؤيتان مختلفتان في كيفية تحقيق ذلك ويظهر ذلك جلياً في رد كلا المرشحين على نفس السؤال لبرنامج ستون دقيقة حيث اعتبر طرامب الصين العدو الاساسي لأميركا بينما اعتبر بايدن  روسيا العدو الاساسي واتهم خصمه بالتواطؤ مع الرئيس الروسي فلاديمير  بوتين على حساب مصالح بلاده . وبخلاف الانتخابات الرئاسية السابقة لا يحتل موضوع الصراع في الشرق الأوسط أهمية في هذه المعركة الرئاسية ، وهي المرة الوحيدة التي تجري فيها مناظرة بين المرشحين ولا يتم التعرض لموضوع إسرائيل و المبارزة المعتادة بين المرشحين حول من سيقدم أكثر لها وهذا لا يمكن وضعه تحت إطار تراجع الدعم لإسرائيل إطلاقاً ، بل بانشغال الناخب الاميركي بجائحة كورونا وما نجم عنها من متاعب إقتصادية و قضايا التأمين الصحي التي أصبحت أكثر إلحاحاً  ، بالإضافة إلى معضلة التمييز العنصري في البلاد . أما موضوع الهجرة غير الشرعية فقد تراجع بشكل ملحوظ عما كان الحال عليه في إنتخابات ٢٠١٦.

لكن يبقى الجواب على السؤال من سيكون الرئيس القادم لأميركا هو ما يشغل بال الكثيرين و سنحاول في هذه العجالة تسليط الضوء على بعض الحقائق التي ستفيد في الاجابة على هذا السؤال.

حتى اللحظة بلغ عدد المقترعين في التصويت المبكر ٨٥ مليون ناخب وهو الرقم الاعلى تاريخياً ، فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن مجموع من صوت في إنتخابات ٢٠١٢ بين الرئيس السابق باراك أوباما و السيناتور الراحل جون مكين بلغ ١٣١ مليوناً فإن هذا الرقم يعد الأكبر بكافة المقاييس ، ولكن ما هي الدلالات الحقيقية لهذا الرقم ؟ إن دل ذلك على شئ فإنه يدل على إحتدام الصراع بين المعسكرين و أن القضايا المختلف عليها هي أكثر وضوحاً من أي وقت مضى للناخب الأميركي الذي حسم أمره بأي إتجاه يصوت قبل يوم الانتخابات بفترة طويلة نسبياً . وإذا ما عرفنا أن الناخب الجمهوري عادة هو الأكثر حرصاً على الادلاء بصوته مقارنة بالطرف الآخر ، فإن زيادة أعداد المصوتين تعني أصوات إضافية لمعسكر بايدن ، و تدلل على ذلك نتائج استطلاعات للرأي التي  تشير إلى أن من أدلوا بأصواتهم حتى هذه اللحظة ٤٧٪ هم من مؤيدي بايدن فيما بلغت نسبة مؤيدي طرامب حتى الآن ٣٠٪ ولكن من المبكر الجزم في هذا الموضوع لأسباب كثيرة منها أن العدد الاكبر  من ناخبي الحزب الجمهوري يصوتون عادة في يوم الانتخابات.

لكن هذا ليس كل شئ ، فإذا ما نظرنا إلى نتائج استطلاعات الرأي مثل Real clear politics و موقع 538 نجد مجموعة من النتائج لا يمكن تجاهلها فمثلاً أظهرت نتائج هذه الاستطلاعات أن احتمالية فوز بايدن بالاصوات العامة تبلغ ٩٧٪ بينما لا تتجاوز النسبة المخصصة لطرامب ٣٪ ورغم أن الأصوات العامة ليست عاملاً مقررات لنتيجة الانتخابات حسب القانون الانتخابي الأميركي إلا أن هذا الرقم يعد مؤشراً واضحاً للاتجاه العام للناخبين خصوصاً لناحية الفرق  الهائل في النسب . الامر يبدو أكثر وضوحاً إذا ما نظرنا إلى الوضع في الولايات الحاسمة ، فكما هو معروف فإن إنتخاب الرئيس الأميركي يتوقف على تصويت مندوبين الولايات وليس على الأصوات المباشرة، ويسمى هؤلاء بالمجمع الانتخابي  ويبلغ مجموعهم ٥٣٨ ناخباً يصوتون غالباً لصالح المرشح الفائز في هذه الولاية أو تلك ، و تتوزع هذه الولايات إلى قسمين إما جمهورية وديمقراطية بمعنى أنها تاريخياً تصوت لأحد الحزبين بغض النظر عن المرشح وبرامجه مثل نيويورك و كاليفورنيا اللتان تصوتان دائماً لصالح الديمقراطيين ( خالفت هذه القاعدة في التصويت لرونالد ريغان قبل أربعين عاماً) أو المسيسيبي و تينيسي مثلاً اللتان تصوتان لصالح الحزب الجمهوري . أما القسم الاخر من الولايات فهو القسم المتأرجح و بعض هذه الولايات متأرجح يميل بإتجاه الجمهوريين و البعض الاخر متأرجح يميل باتجاه الديمقراطيين . طرامب وفي إنتخابات ٢٠١٦ استطاع أن ينتزع الفوز على غريمته كلينتون بالفوز في ولايات شمالية كانت متأرجحة بإتجاه الديمقراطيين إلا أنه إستطاع قلبها لصالحة مثل بنسلفانيا ويسكونسن و ميتشيغان . خلاصة القول أن نتائج هذه الانتخابات سيتم حسمها من خلال معرفة نتائج ٦ ولايات ثلاثة شمالية تميل يساراً وثلاثة جنوبية تميل يميناً ، وإذا ما عدنا مرة أخرى إلى نتائج الاستطلاعات نجد أن حظوظ طرامب بالفوز في ولاية لم يفز بها في ٢٠١٦ تبلغ ٢٢٪ بينما حظوظ منافسه للفوز بولاية خسرتها كلينتون في نفس الانتخابات تبلغ ٩٧٪ ، وإذا ما دققنا في نتائج الاستطلاعات لبعض الولايات الحاسمة نجد أن بايدن يتفوق على طرامب بما نسبته ما بين ٥٪-٨٪ في كل من آيوا بنسلفانيا و أوهايو وهي ولايات صوتت لصالح طرامب سابقاً ، ليس ذلك فحسب بل تشير هذه الاستطلاعات إلى تقارب النسب  بحيث تقع ضمن نطاق هامش الخطأ مما يعني أنه من المحتمل أن تذهب في كلا الاتجاهين في ولايات جنوبية عادة ما تصوت لصالح الجمهوريين مثلا تكساس جورجيا نيفادا وفلوريدا.

لكن كيف تبدو عليه الأمور فيما يتعلق بانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ ، فرغم أن النظام الأميركي نظام رئاسي لكن مجلسي الشيوخ و النواب يمكنهما تسهيل مهمة الرئيس أو إعاقتها ، و تتزامن الانتخابات الرئاسية هذه المرة مع إنتخاب ٣٥ عضواً لمجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه حالياً الجمهوريون بأغلبية ٥٣ مقابل ٤٧ للديمقراطيين حيث تمثل كل ولاية بعضوين بغض النظر عن التعداد السكاني لها . ومن أصل ٣٥ مقعداً يجري التنافس عليهم في هذه الانتخابات يسيطر الجمهوريون على ٢٣ مقابل ١٢ للديمقراطيين ، الاستطلاعات تشير إلى خسارة شبه مؤكدة لأربع أعضاء جمهوريين يقابلها خسارة مقعدين للديمقراطيين ، بينما تتقارب النتائج في ولايتين يسيطر عليهما الجمهوريون  حالياً مما يعني إذا فاز الديمقراطيون بإحدى هاتين الولايتين على الاقل أو بكسب معركة الرئاسة (لأن نائب الرئيس يضاف إلى مجلس الشيوخ ) يعني أن الديمقراطيون سيحصلون على الاغلبية.

من الواضح أن الحظوظ تبدو الان لصالح معسكر الديمقراطيين ولكن قد يقول قائل أن نتائج الاستطلاعات ثبت فشلها في إنتخابات ٢٠١٦ ، نظراً للطبيعة الخجولة لمصوتي طرامب تحديداً ، هذا صحيح ولكن إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الفارق في الولايات الشمالية وهي في حال فوز بايدن بها سيحسم الانتخابات لصالحه تفوقاً ضعف ما كانت تشير إليه استطلاعات ٢٠١٦ .حسب رأيي فإن طرامب يحتاج إلى معجزة للفوز ، يبقى السؤال هل سيتخلى طرامب عن كرسي الرئاسة إذا ما هزم وقد هدد سابقاً بأن خسارته الانتخابات لن تحصل إلا إذا قام الديمقراطيون بتزويرها ؟ وهل ستصمد المؤسسة الاميركية أمام تحد كهذا ؟ على أي حال فإن غداً لناظره قريب ، وهذا ما سيظهر لنا في قادم الايام .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير