بين ميدان تل ابيب ومنارة رام الله...بقلم: عكيفا الدار/ هارتس

05.09.2011 05:15 PM

(المضمون: اسرائيل التي تهدد بقطع اموال الضرائب الفلسطينية عن السلطة الفلسطينية لا تملك حلا لمشكلة حل السلطة الفلسطينية ودفع الرواتب للموظفين الفلسطينيين).

ما الصلة بين الجماهير التي طالبت يوم السبت بالعدالة الاجتماعية، واساءة العلاقات بتركيا واعتراف الامم المتحدة المتوقع بدولة فلسطينية؟ وما الصلة بين ميدان الدولة في تل أبيب، وميدان المراسم في اسطنبول وميدان المنارة في رام الله؟ وما الصلة بين الجدل بين مؤيدي خرق اطار الميزانية ومعارضيه، والعجز في الميزانية الفلسطينية او خفض مستوى العلاقات بأنقرة؟ ان اعادة السفير ونوابه ستوفر على ميزانية الدولة اجرتين كبيرتين، وتخصص شيئا من المال للتربية المجانية بالصغار.

مع كل الاحترام لتركيا (ولا يوجد احترام، وانظروا الى قضية الكرسي المنخفض)، سيوجد شعب اسرائيل ايضا من غير سفير ونائب سفير في أنقرة. ولن تحدث أي كارثة اذا رمت الامم المتحدة الجوفاء للفلسطينيين عظما وسار عدد من الشباب في مسيرة نحو المستوطنات. فجنودنا المدربون سيهجمون، وتنقض كلاب المستوطنين ويأتي الخلاص صهيون.

أصحيح هذا؟ غير صحيح. فالازمة في العلاقات بتركيا هي انذار باللون الاحمر ينذر بالهجوم السياسي والامني والاقتصادي المتوقع لنا. وستؤثر في حياة الاربعمائة وخمسين الالف من المتظاهرين والمواطنين الكثيرين الذين طالبوا بالعدالة الاجتماعية من مقاعد التلفاز.

جرى متحدثو الحكومة نهاية الاسبوع في الاستوديوهات ليبينوا أن الازمة بين أنقرة والقدس لا تتعلق البتة بقضية الاعتذار بل بصورة النظام التركي. وهذا ممكن. لكن لو أن حكومة نتنياهو ذوبت التفاوض في انهاء الاحتلال ومنعت الازمة التي قادت الفلسطينيين الى الامم المتحدة فلربما لم يجعل الاتراك حادثة القافلة البحرية امرا مهما.

بينت تركيا لسفيري مصر والاردن الطريق الى البيت وهذه هي البداية فقط. ولن يستطيع الفلسطينيون بعد أن تستجيب الامم المتحدة لطلبهم الاعتراف بدولة فلسطينية، لن يستطيعوا ان يعترفوا هم أنفسهم بالكيان المؤقت المسمى "سلطة فلسطينية". وكيف سيرد الفلسطينيون على رفض اسرائيل السماح للرئيس محمود عباس، ان يعود من زيارة رسمية لباريس مع جواز سفر لفلسطين المستقلة؟

أصبح عباس في السادسة والسبعين. ومقربوه على اقتناع بانه اذا لم تبين الامم المتحدة لاسرائيل الطريق الى خارج المناطق، فسيجد عباس طريقه الى خارج المقاطعة. قال نشيط فتح القديم جبريل الرجوب منذ وقت قصير لمجموعة من الاسرائيليين زارت مكتب عباس، انه يجلس أمامهم آخر شريك في حل الدولتين. ويصعب في الحقيقة أن نجد زعيما فلسطينيا مستعدا ليقول علنا ان وجوده في رام الله تعبير عن تحقيق حق العودة (هوجم عباس بسبب ذلك بشدة في مواقع حماس على الانترنت).

يحسن ان يحافظ الشباب من جادة روتشيلد على الخيام. فيحتاجون اليها قريبا حينما سيرسلون بحماية اخوتهم المستوطنين. ومن لا يريد ان يعالج الاحتلال اليوم فسيعالجه الاحتلال غدا. واذا لم يكن نشطاء الاحتجاج فارغين ليشغلوا انفسهم بقضايا هامشية من العدالة العامة، فيحسن بهم أن يسألوا خبراء الاقتصاد لديهم كم ستكلفنا الازمة الدولية القريبة.

ان تهديد تركيا بالقطيعة مع سلع اسرائيلية هو طلقة البداية التي تنذر بالطوفان. في الربع الاول من العام استوردت تركيا من اسرائيل بضائع تقدر بنصف مليار دولار تقريبا – وثمّ دولتان فقط تستوردان اكثر منها.

ان وزير المالية يوفال شتاينتس الذي ربما يتذكر المقولة المعادية للسامية للجنرال ايفلن باركر، الذي كان قائد القوات البريطانية في أرض اسرائيل، انه يجب ضرب اليهود في جيوبهم، يهدد بتجميد أموال اضرائب للسلطة الفلسطينية عقابا على الاجراء في الامم المتحدة. وفي الاسبوع الماضي طرحهم عن الدرج كلها، وبعدهم السفير الامريكي مع طلب تعجيل تحويل اموال ضرائبهم – أجل هي لهم – كي يستطيعوا التبكير بدفع الرواتب قبيل العيد. هكذا يفعل بالمولدين السيئين. حتى الدكتور في الفلسفة ليس عنده جواب على سؤال من سيدفع رواتب المعلمين ورجال الشرطة والاطباء الفلسطينيين، بعد أن تعلن السلطة حلها وتسد الدول المانحة الصنبور (1.5 مليار دولار كل سنة). فهل سيرسل شتاينتس موظفي الضريبة لجباية ضرائب من تجار الخليل، لتغطية العجز في ميزانية السلطة (نصف مليار دولار)؟ ومن أي مادة ميزانية سيقترح نشطاء الاحتجاج الاجتماعي تمويل اضرار التسونامي السياسي والامني؟

تصميم وتطوير