العناية بالتربة

30.09.2020 09:59 PM

وطن- جورج كرزم: تعتبر التربة ذات الجودة السيئة والمتدنية وسطا مناسبا ومثاليا لانتشار آفات النباتات؛ ذلك أن التربة الفقيرة بالمغذيات والكائنات الحية المتنوعة الضرورية لحياة النبات، تؤدي لإصابة النبات بالأمراض.  تماما كما أن الإنسان الذي يعاني من نظام صحي سيئ، يكون أكثر عرضة للأمراض.  لهذا، فإن المحافظة على تربة صحية وخصبة وذات بنية جيدة للنباتات تعتبر خط الدفاع الأول ضد آفات وأمراض التربة، الأمر الذي يضمن إنتاج نباتي قوي وسليم.  وهنا لا بد أن نغير من توجهنا الشائع، بحيث تصبح نظرتنا مرتكزة على أساس تغذية التربة، أي التعامل مع التربة كوسط حي، وليس على أساس تغذية النبات. 

البداية الصحيحة

البداية الصحيحة والناجحة للعناية بالتربة وإدارتها، تتمثل في تحضيرها جيدا للزراعة؛ حيث إن التحضير الجيد للتربة الزراعية يساعد في القضاء على الأعشاب الضارة التي تنافس المزروعات على الغذاء والرطوبة وأشعة الشمس، فضلا عن تخفيض احتمالات الإصابة بالآفات، علما بأن توفير العناصر الغذائية للنبات، وتسهيل عملية امتصاصها من خلال نشر السماد الطبيعي والدُبال، بشكل صحيح ومتوازن، يشكلان مكونا أساسيا هاما من مكونات الإعداد السليم والبيئي للتربة، و يقللان، بالتالي، من الآفات.
وإجمالا، تبدأ عملية تحضير التربة مع بداية فصل الخريف وتتضمن العديد من العمليات أهمها:

• جمع بقايا المحصول السابق، فضلا عن جمع البلاستيك والورق والحجارة الكبيرة والزجاج والقطع المعدنية وما إلى ذلك.
• إضافة الكُمْبوست أو السماد الطبيعي.
• تكسير الكتل الترابية وتسوية الأرض، بالإضافة إلى عمل الأتلام والمساطب والأحواض، وتصميم الحديقة أو الحقل، وتقسيمها حسب المحاصيل المراد زراعتها.
• إعادة استعمال، وعدم حرق، بقايا المحاصيل والأعشاب الجافة التي تم جمعها، عبر إضافتها لكومة السماد العضوي، أو استخدامها في عملية تخمير الزبل البلدي، وبخاصة الأعشاب الجافة، فضلا عن استعمالها كغطاء حيوي، أو ما يعرف بالمَلْش، حول المزروعات.

والمسألة الأساسية هنا، أن النباتات تستهلك أثناء نموها كميات كبيرة من المغذيات من التربة؛ وبالتالي لا بد من تعويض تلك العناصر الغذائية، لضمان بقاء خصوبة التربة.  وتتمثل أفضل طرق التعويض من خلال إضافة الأسمدة الطبيعية أو الزبل البلدي، علما أن نقص العناصر الغذائية يؤدي إلى تناقص الإنتاجية؛ وبالتالي تدني المحصول، بمعنى أن التسميد السليم والمتوازن يلعب دورا هاما في حماية المحصول وزيادته.    

ويعمل السماد الطبيعي على إغناء التربة بالعناصر الغذائية الضرورية لنمو النباتات، وتحسين قوام وخواص التربة وبنيتها وتركيبها، فضلا عن تحسين النظام الهوائي والمائي بداخلها.

كما أن الدورة الزراعية تساهم في معالجة التربة والسيطرة على الآفات والأمراض النباتية، وهي تعني تعاقب المحاصيل الزراعية المبني على أساس علمي، وذلك بتغيير نوع المحصول المزروع في قطعة أرض معينة من موسم لآخر، بهدف التقليل من انتشار الآفات، حيث تعمل الدورة على قطع دورة حياة الحشرة قبل اكتمالها؛ وبالتالي القضاء على مسببات المرض.

أما الغطاء الحيوي أو العضوي فيعد من المكونات الهامة للتعامل البيئي مع التربة؛ ذلك أن الغطاء العضوي للتربة، وبخاصة حول المزروعات والأشجار، يهدف إلى الحد من نمو الحشائش والأعشاب الضارة، والمحافظة على رطوبة التربة وتجانس درجة حرارتها خلال اليوم؛ وبالتالي التقليل من آفات التربة، فضلا عن تخفيف انجراف التربة السطحية بفعل الرياح والماء، وفي المحصلة زيادة الإنتاج.

والتغطية الحيوية للتربة عبارة عن طبقة واقية من "المِهاد" المكونة من النباتات أو الأسمدة الخضراء أو الروث أو أوراق الشجر أو القش أو التبن أو غيرها، والتي تعمل على حماية الكائنات العضوية الحية على سطح التربة، فضلا عن حماية البنية الأساسية للتربة من الأضرار الناتجة عن تعرضها لظروف جوية جافة أو للمطر الشديد أو للرياح الحادة؛ وبالتالي التقليل من انجراف مغذيات النباتات والحد من انتشار آفات التربة.  ولدى تحلل الغطاء الحيوي يتحول إلى سماد للأرض؛ وبالتالي يعمل على تخصيب التربة. 

وفيما يتعلق بالحراثة ودورها في الحفاظ على التربة، نستطيع القول إنه، وانسجاما مع ظروف مناخنا الجاف وشبه الجاف، بإمكاننا القيام بالحراثة مرتين في السنة، الأولى حراثة عميقة في الخريف، بهدف تحضير التربة لاستيعاب أكبر كمية ممكنة من مياه الأمطار.  والثانية حراثة سطحية في الربيع، بهدف القضاء على الأعشاب والاحتفاظ برطوبة التربة.

ويساعد نظام الحراثة الجيد في احتفاظ التربة بالرطوبة، فضلا عن سحق بعض الحشرات الضارة ميكانيكيا وتعريض بعضها الآخر للأعداء الطبيعيين، ودفن بعض الحشرات أيضا في أعماق كبيرة حيث لا تستطيع الخروج مرة أخرى.

المسألة الأهم:  استخدام البذور البلدية 

النباتات النامية من البذور المهجنة تسبب تآكلا متواصلا في خصوبة التربة، بينما تنمو البذور البلدية جيدا مع السماد البلدي أو الكُمْبوست؛ وبالتالي تحافظ على بنية التربة الخصبة والغنية بالمغذيات، علاوة على أن الشبكة الجذرية للأشتال المهجنة لا تخترق التربة بعمق، كما في حالة الأشتال البلدية التي تتمدد جذورها بعمق وبقوة أكبر، لتفتش عن الرطوبة في باطن الأرض، حتى وإن لم نروها.

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تصميم وتطوير