لا تشاهدوا قناة فلسطين التعليمية: فلا فلسطين فيها ولا تعليم

30.09.2020 07:01 PM

 كتب د. أسامة الميمي : مع بداية العام الدراسي، أطل علينا وزير التربية والتعليم عبر وسائل الإعلام المختلفة معلنا عن إنجاز كبير لوزارته هو إطلاق قناة فلسطين التعليمية. وكالعادة لم يخالف هذا "الإنجاز" توقعاتي؛ فقد كان إنجازا وهميا كما توقعت، لا شيء في هذا الإنجاز سوى المزيد من التسطح والفراغ، تسطيح للمعرفة وتكرار للفراغ، فلا محتوى ولا تعليم تفاعلي، انه السطح الذي يحدق في فراغه ولا يراه!

لا تشاهدوا هذه القناة، فكان من المفروض أن تكون هذه القناة مكافأة للشعب الفلسطيني، تقدم له إبداعات المعلمين والطلبة، لا أن تقدم دروس مجتزأة ومنزوعة من سياقها ومتصفة بمحتوى وطريقة مرتبكتين. المعلم "المغلوب على أمره" يقدم الدرس عبر قناة فلسطين التعليمية ويحاول أن يكون متفاعلا؛ يشرح مفهوما معينا منزوعا من سياقه، بطريقة تقليدية وبعدها يسأل سؤالا ثم يصمت لبرهة ثم يقول للمشاهدين وللمشاهدات: "صحيح، أحسنتم" أو "أشكركم"، ظنا منه أن استخدام مثل هذه العبارات تجعل من الدرس درسا تفاعليا!! التفاعلية تُبنى في سياق القنوات التعليمية من خلال تفاعل وربط المحتوى التعلمي مع الحياة ومن خلال غيرها من مبادئ تربوية متخصصة لا مجال لذكرها في هذا المقال. 

لا تشاهدوا هذه القناة، فكان من المفروض أن تكون صوت فلسطين، صوت المعلمين والطلبة اللذين يشكلون ضمير الفلسطينيين وضمير قضيتهم ووقودها. كان من المفروض أن تبث قصص ومبادرات ونماذج تعلمية مبدعة. نراها قناة مسطحة وباهتة ومرتبكة لا تقدم ولا تشي بشيء مختلف عما هو موجود في المناهج الفلسطينية أو عما يبث الان على هذه القناة. كان من الممكن أن تقوم الوزارة باشراك بعض من الكوادر المبدعة فيها القادرين على تقديم الأفضل والعميق والمختلف، ولكن كالعادة، تقوم الوزارة بإبعادهم واقصائهم. وكان من الممكن أن تقوم الوزارة بنسج شراكات حقيقية مع مؤسسات المجتمع المدني التي لها تجارب سابقة وعميقة ومغايرة في هذا المجال؛ ولكن للأسف، يبدوا أن بعض المسؤولين في وزارة التربية والتعليم مصرون على قيادة قطار الخراب والتسطح والفراغ وإعلان إنجازات وهمية متبعين سياسة تكميم أفواه كل من يعترض طريق قطارهم!

لا تشاهدوا هذه القناة، فكان الأفضل ألا تكون. فوجود هذه المؤسسة الكبيرة مع هذا التسطح يشكل حسرة. فهي تبث دروسا بطرق في غاية التقليدية لا نريد من بقية المعلمين او المعلمات مشاهدتها وتقليدها على أنها دروس جيدة وبذلك تنتقل العدوى في الوقت الذي تعمل فيه الكثير من المؤسسات التربوية في العالم والمنطقة وفلسطين على بناء برامج تدريبية تستهدف المعلمين والمعلمات تهدف بشكل رئيسي الى عدم اتباع هذه الاساليب في العملية التعليمية التعلمية!

لا تشاهدوا هذه القناة، اخاف منها على المستقبل. فاذا كانت المناهج وكتبها قد وأَدت الماضي وأجهضت ممكناته، فإن ما يُبث على هذه القناة لا يرتبط بالواقع ولا يحفر فيه؛ فهو لا يحفر الا مدافن لمستقبل الطلبة المعرفي والثقافي.
و" الحق يقال": أن بث هذا المستوى من الدروس على الملأ وعلى العالم بكل فئاته فيه جرأة كبيرة من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية فلا مانع لديها ابدا من بث الممارسات التربوية الخاطئة ونشرها وتعميمها بأكثر الطرق نجاعة. فلا تشاهدوا هذه القناة!

لا تشاهدوا هذه القناة؛ هذه قناة لا تُعلم لانها إنجاز وزير ووزارة لا تُعلم ولا تتعلم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير