المراهنة على بايدن مثل المراهنة على ترامب

29.09.2020 11:09 AM


كتب: فادي البرغوثي

التفاؤل  الفلسطيني للانتخابات الامريكية لنجاح مرشح الحزب الديمقراطي بايدن سيكون تفاؤلا في غير مكانه وخاصة  ان الحزب الديمقراطي لا يختلف من حيث الجوهر  عن الحزب الجمهوري فيما يخص القضية الفلسطينية حتى لو اظهر حديثا متناقضا فيه بعض الشيء مع الحزب الجمهوري   ...والزمن خير برهان على ذلك .

فنحن الان امام ٢٧ عاما على توقيع اتفاقية اوسلو جرى فيها تقلبات كبيرة داخل البيت الابيض لم تسفر عن حل القضية الفلسطينية بالرغم انه من تلك اللحظة اي من عام ١٩٩٣ وهي  لحظة اتفاقية اوسلو حكم الديمقراطيون اكثر ما حكم الجمهورون في اربع سنوات تقريبا على اعتبار ان بيل كلنتون تولى رئاسة البيت الابيض ٨ سنوات ( ديمقراطي ) ثم جورج بوش  الابن ٨ سنوات ( جمهوري ) ثم جاء باراك اوباما ٨ سنوات ( ديمقراطي ) يليه ترامب ( ٤ سنوات ).

باستعراض سريع نلاحظ  ان الديمقراطيين اعطوا الفرصة الكاملة ليعملوا شييا وللاسف لم يعملوا واستمروا  بعلاقة قوية مع  الكيان الصهيوني مثلهم كمثل  الجمهورين تماما بل انهم كانوا شركاء مع الكيان الصهيوني بما حدث من جرائم بحق الشعب الفلسطيني وهناك من الامثلة ما يدلل على ذلك.

فعلى سبيل المثال لا الحصر حينما فشلت مفاوضات الوضع النهائي بين ياسر عرفات ويهود باراك رئيس الوزراء الصهيوني انذاك وقف كلينتون بشكل علني مع الكيان الصهيوني وكان في اثناء المفاوضات يضغط على جهة واحدة فقط هم الفلسطينيين دون ان يمارس اي ضغط على الكيان الصهيوني علما ان قيادة الشعب الفلسطيني قدمت حوالي ٧٨ % من ارض فلسطين التاريخية للاسف للكيان الصهيوني وهي تنازلات مؤلمة، لم يكترث اليها  الرئيس كلينتون في حينه وعلى العكس بلغت فيه الوقاحة بتهديد ابو عمار بالقتل حينما رفض الانصياع وراء الحل الصهيوني الذي لا يختلف عن جوهر صفقة القرن ، فالقدس كانت تحت السيادة الصهيونية بالكامل والتخلي عن قضية اللاجئين التي هي اساس ومحور القضية الفلسطينية وهنا يجب التنويه ان اعتراف كلينتون بالمنظمة لم يكن الا بعد الاعتراف الصهيوني وليس قبله وكان اعترافا منقوصا كما كان اعتراف الكيان الصهيوني بالضبط، حيث لم يكن الاعتراف يتضمن الحقوق بل اعترف بالمنظمة كحزب سياسي لا اكثر ولا اقل وهو ما يمكن قوله انه كان متناغما مع الموقف الصهيوني تماما.

اما باراك اوباما حتى وان اظهر انه يؤيد حل القضية الفلسطينية لم يضغط على الكيان الصهيوني وهو من عطل قرار صادر عن مجلس الامن بخصوص اعلان دولة عضو في الامم المتحدة وحاول ان يعطل دولة غبر عضو لكن كان تصويت  الدولة غير العضو خاضع لجميع الدول المنضوية تحت الجمعية العامة التي حصلت على اصوات كبيرة مما اهلها لتكون دولة غير عضوا وظلت ادارته ترفض ادانه دولة الكيان الصهيوني بممارسة العديد من الفيتو في مجلس الامن لاي قرار يدين الكيان الصهيوني.

وفي الحروب على غزة لم يتوانى باراك اوباما عن الدعم بتطوير القبة الحديدة المضادة للصواريخ وكما حمل قطاع غزة مسؤولية الحروب بشكل كامل ورفض ادانة الكيان الصهيوني في مجلس الامن  علما انها ارتكبت مجازر كبيرة بحق المدنيين، مخالفة بشكل واضح لمباديء حقوق الانسان المستندة الى ميثاق الامم المتحدة نفسها.

اما الموقف الوحيد الذي يتم الحديث عنه جاء في الفترة الانتقالية لتسليم السلطة الى ترامب  بتبني مجلس الامن قرارا ضد الاستيطان علما ان واشنطن لم تؤيد القرار  لكنها اكتفت بعدم التصويت مما ساعد على ادانة الكيان ( قرار رقم ٢٣٣٤ )، كما ان ادارته دعمت اسرائيل ماديا بشكل غير مسبوق وبلغت قيمة الدعم حوالي ٣٨ مليار دولار وهو مبلغ كبير لم بقدم من تاريخ العلاقات الامريكية الاسرائيلية.

اقول ذلك لكي اوضح ان القيادة الفلسطينية تخطئ اذا راهنت على  مرشح دون الاخر حيث ان الملاحظ ان الولايات المتحدة الامريكية تتصف سياستها بالثبات حينما يتعلق الامر في الكيان الصهيوني ليس انها خاضعة لها كما يظن البعض انما تنظر اليها كذراع من اذرعها  وشرطي للحفاظ على  مصالحها الحيوية والمهمة في المنطقة وكما قلت سابقا فإن الحزب الديمقراطي اخذ العديد من الفرص لكي يعمل شيئا، وإن حال الحظ بايدن في النجاح لن يكون افضل من الذين سبقوه من حزبه وتربعوا على عرش الحكم داخل الولايات المتحدة الامريكية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير