ماذا يعني أن تكوني معلمة وأم في زمن كورونا؟

26.09.2020 07:32 PM

وطن: أن تكوني معلمة وأُمّ ربما أمر عادي في الظروف العادية، لكن في ظل جائحة كورونا ودخول قطاع غزة حالة الطوارئ وتشديد الإجراءات الوقائية منذ أواخر أغسطس الماضي، وتعطيل المدارس، فالمهمة أصبحت صعبة بالنسبة للمعلمات اللواتي لم يترددن في البدء بعمل شيء يمكنه إنقاذ طلابهن وطالباتهن من التأخر عن الدراسة في ظل صعوبة التكهن بإمكانية العودة للدراسة من جديد.

باجتهاد شخصي بدأت المعلمة راوية حماد بالتواصل مع طالباتها في الصف الخامس من خلال الصفوف الافتراضية، عبر الجيميل، في حين أنشأت مجموعة عبر تطبيق واتساب لأمهات طالباتها في الصف الثالث.

حماد التي تعمل في مدرسة حكومية شرق خانيونس، وبعد أيام من تنفيذ الدروس عبر الفضاء الأزرق، تبنت مديرية شرق خانيونس الأمر كتجربة لقياس مدى إمكانية تطبيق الأمر، بالرغم من عدم وجود قرار رسمي بالبدء بالتعليم الالكتروني خاصة للصفوف من أول لرابع.

تقول حماد عبر الهاتف:" في بداية الأمر كان الأمر شديد الصعوبة، لحداثة التجربة من ناحية، وعدم معرفتها بكل الإمكانيات والطرق الممكنة لمتابعة التعليم عن بعد".

مع مرور الوقت أصبحت المعلمة حمّاد أكثر قدرة على تنظيم وقت ثابت لنشر الدروس للطلبة عبر مجموعة الواتساب، وفي المساء تبدأ باستقبال الواجبات من الطلاب والإجابة على التساؤلات التي تطرحها الأمهات.

تستخدم حماد برنامج المسنجر لعقد لقاءات فيديو مع الطلاب لتشجيعهم على الدراسة، ناهيك عن إرسال الدروس وشرحها مسجلة صوتياً، تصحبها توجيهات للأمهات حول المطلوب من واجبات.

انضمت حماد كما كل العاملين والعاملات في الهيئة التدريسية لدورة تدريبية حول كيفية التعامل في حال اجتاحت كورونا القطاع وتم إقرار التعليم عن بُعد، وهو ما تعتبره النواة التي بنت عليها كل ما تلاه من استخدام لكافة الوسائل لإيصال المعلومة.

من مميزات التعليم عن بعد، وفقاً للمدرسة حمّاد أنه أعطى المدرّس المجال للإبداع دون أي قيود أو تعقيدات إدارية، الأمر الذي جعلها تبتكر ألعاباً تفاعلية تساعد الطالبات والطلاب على التعلّم.

لكن حماد التي تفخر بأن صفحة أنشأتها على موقع فيسبوك ينضم إليها طالبات وأمهات ليسوا من مدرستها؛ تعتقد أن من أكثر المعيقات أمام التعليم الالكتروني في قطاع غزة، عدم توفر الانترنت في كل البيوت، واضطرار الكثير من الأمهات للاعتماد على الحزمة اليومية لمتابعة دروس أبنائهن.

وترى حماد أن عدم توفر الكتب شكل عبئ مزدوج على المعلمة من ناحية وعلى الطالب وذويه من ناحية أخرى لاضطرارهم تحميل الكتب على الهاتف النقال، الذي ربما لن يحتمل هاتف الأم تحميل كافة الكتب والمعاناة مضاعفة في حال وجود أكثر من طفل

عن المشاكل الصحية المرافقة حدث ولا حرج تضحك حماد:" أعاني منذ أيام من ألم في العيون، واليدين بسبب كثرة التركيز في الكمبيوتر أو الجوال خلال المتابعة وتحضير الدروس.

إشكالية أخرى تعاني منها حمّاد أن ساعات العمل من المنزل تزيد ولا تنقص وهو ما يعني جهد مضاعف، يُضاف إليه التزامات المنزل ومتابعة الدروس مع أطفالها الأربعة.

تجربة مشابهة لمعلمة الصف الأول هناء عصفور التي بدأت منذ ما يقارب ثلاث أسابيع العمل مع طالباتها في محاولة لاستثمار الوقت الحالي، كيف لا وهي صاحبة مبادرة من فكرة نصنع ثورة.

تقول عصفور:" منذ بداية العام وأنا أشعر بأننا سوف نضطر يوماً للتعطل عن الدراسة وهو ما كان يشكل هاجساً لا يتوقف، خاصة أن طالبات الصف الأول حُرمن من استكمال التمهيدي في العام السابق لنفس السبب".

هذه المخاوف جعلت المعلمة عصفور تبدأ مبكراً بتوزيع عنوان صفحة المبادرة على طالبات الفصل لتتابعها أمهاتهن حال حدث أي طارئ، ومع إعلان حالة الطوارئ وبدء الحظر، أعلنت عبر صفحتها لأمهات الطالبات ضرورة تسجيل بياناتهن لعمل مجموعة صفّية عبر تطبيق واتساب، وبالفعل، بدأن تطبيق الأمر وسط تساؤلات ومخاوف منهن عن كيفية تطبيق التعليم عن بعد للصف الأول.

تُحضّر عصفور الدرس مبكراً ويتم نشره حسب الموعد المتفق عليه مع الأمهات والمرتبط بجدول الكهرباء.

تؤكد عصفور أن 21 طالبة من أصل 29 يتابعن الدروس، ويتفاعلن مع الواجبات والمتابعات عبر دفاتر تم تخصيصها لذات الأمر، ويتم تصويرها وإرسالها للمدرسة لتصويبها.

تشعر عصفور بالإنجاز رغم أنها تعمل ثماني ساعات خلال اليوم وهو ما يفوق العمل الوجاهي بساعات، لكن ما يعوض المجهود ما تراه من تفاعل وإبداع من قبل الطالبات، لتبدأ بعد الانتهاء من التزاماتها تجاه طالباتها بالبدء مع ابنتها الوحيدة التي تدرس أيضاً في الصف الأول.

أهم مشكلة تواجه التعليم الالكتروني وفقًا للمعلمتين حمّاد وعصفور أن بعض المدرسين لا يملكون جهاز حاسوب منزلي، إضافة إلى مشكلة الكهرباء التي تنعكس على كل مناحي الحياة.

وبالنسبة للطالبات تقول عصفور:"بعض الأهالي غير مواكبين لأي شكل من أشكال التطور بسبب الفقر والعوز وهو ما يحرم بعض الطالبات من متابعة التعليم الالكتروني".

وتتفق كل من حماد وعصفور أنه لا غنى عن التعليم الوجاهي، ويبقى التعليم الالكتروني مساندٌ في الظروف الاستثنائية.

 

المصدر: شبكة نوى/ إسلام الأسطل

تصميم وتطوير