من ينتصر؟

المولّدات الاستثمارية.. صراعُ السلطة والمال

26.09.2020 07:25 PM

وطن: حرب بياناتٍ اشتعلت بالأمس بين سلطة الطاقة الفلسطينية، ورابطة أصحاب المولدات في قطاع غزة، إثر إعلان الأولى تحديد سعر بيع "الكيلو الوات" الواحد من كهرباء المولدات بمبلغ 2.5 شيكلًا، بينما سارعت الرابطة إلى إعلان الإضراب والتصعيد.

والقصة من البداية، تتلخصُ في أن قطاع غزة يعاني منذ عام 2006م، من انقطاع التيار الكهربائي بحيث يمكن أن لا يرى سكانه الكهرباء سوى ثماني ساعاتٍ في أحسن الحالات، يمكنُ أن تنخفض إلى أربع في أوقات نفاذ الوقود من محطة التوليد الوحيدة في قطاع غزة.

واقعٌ تسبب بمعاناةٍ هائلةٍ للقطاع المحاصر منذ عام 2007م، لكن هذا الواقع أوجد في السنوات الست الأخيرة فرصةً للمستثمرين من أجل مد خطوط كهرباءٍ لأحياءٍ سكنية، من خلال مولداتٍ ضخمة، ولكن بسعر 4 شواكل لكل كيلو وات، في الوقت الذي يباع فيه "الكيلو وات" الواحد من محطة التوليد، بمبلغ نصف شيكل فقط.

آلاف المواطنين على مستوى قطاع غزة، لجأوا لمد خطوطٍ تغطي ساعات العجز، لكن على الدوام كانوا يشتكون ارتفاع الأسعار دون أي تدخل من أجل تنظيم هذه المهنة المستحدثة، التي بات لها حديثًا رابطةً ومقر، حتى أصدرت سلطة الطاقة يوم أمس بيانها، الذي حدد سعرًا رفضته رابطة أصحاب المولدات، وأعلنت في بيان لها وقف العمل مدة 24 ساعة في تحدٍ للخطوة الحكومية، إلا أنها سرعان ما عدلت عن هذا القرار مساء اليوم الخميس دون توضيحٍ لما جرى.

صباح اليوم، وقبل العودة للعمل قال محمد الزنط، وهو صاحب مولِدَين أحدهما في بيت لاهيا شمال القطاع، والآخر في شارع النصر غرب غزة: "إن الوقف كان احتجاجًا على تخفيض الأسعار، دون العودة لأصحاب المولدات للاتفاق معهم على سعرٍ مناسب".

الزنط:2.5 شيكل للكيلو غير مناسب، والدراسة التي تحدثت عنها سلطة الطاقة لا نعلم عنها وغير صحيحة

يضيف محمد، وهو أيضًا أحد العاملين في الرابطة: "المبلغ 2.5 شيكل للكيلو غير مناسب، والدراسة التي تحدثت عنها سلطة الطاقة لا نعلم عنها وغير صحيحة، فأقل مولد سيكون السعر المناسب له 3.5 شيكلًا، نظرًا لاحتساب أجر العمال والصيانة والسولار ناهيك عن الأعطال الفجائية".

ووفقًا لمحمد، فإن هذه المهنة تضم 180 مشروعًا الآن، يخدمون آلاف المواطنين على مستوى قطاع غزة ويوفرون الكهرباء بشكل مستمر للبيوت والورشات والمساجد وحتى المستشفيات، وهي لن تتمكن من العمل بهذا المبلغ المطروح، مضيفًا: "سلطة الطاقة خاطبت عاطفة المواطن الباحث عن سعرٍ أقل".

وتابع :"نحن ندفع ضريبة 2 شيكل عن كل ليتر سولار، وما يتبقى هو هامش ربحٍ معقول للتاجر، لو تم إلغاء الضريبة سيتحسن السعر، أما هذه الحال فهي خسارة مستعجلة للمستثمرين".

أما نائب رئيس سلطة الطاقة ياسر حسونة، فقال لـ"نوى": "السلطة أجرت دراسة بدأت بها منذ عامين بهدف الموازنة بين حقوق المواطن ومرعاة مصلحة التاجر، ثم بدأت بضبط وتنظيم هذه المهنة التي أصبح لها شبكات، بعد أن كانت في بدايتها تخدم عددًا محدودًا من الناس، بمشاركة سطلة الطاقة، ووزارة الاقتصاد، وسلطة البيئة، وأكاديميون، وبعض من يعملون في مجال المولدات من المختصين".

حسونة:السعر 2.5 شيكل يحقق ربحًا للتاجر بقيمة 70% بعد أن كان 250%

وتابع: "الدراسة راعت كل النفقات بدءًا من سعر السولار، وتكلفة الفاقد للشبكة، وأجر العمال والصيانة، وبدل المخاطر، وخلُصت إلى أن السعر 2.5 شيكل يحقق ربحًا للتاجر بقيمة 70% بعد أن كان 250%"، مؤكدًا أن السلطة زارت خلال إعدادها الدراسة، عددًا كبيرًا من أصحاب المولدات، وهو الأمر الذي نفاه محمد الزنط خلال حديثنا معه.

يعقب حنونة: "ربما لا يعلمون أن الزيارة بهدف جمع بيانات من أجل الدراسة، ولكنني أؤكد: لقد تمت زيارتهم".

ولدى سؤال حسونة حول ضرورة تقديمهم تسهيلات لأصحاب المولدات، كونهم يقدمون أيضًا خدمةً مهمة، اكتفى بالقول: "إن دور الحكومة هي الموازنة بين المستثمر والمواطن، ولن يتم هضم حق التاجر أبدًا، فهامش الربح مناسب ويقترب من 70%"، نافيًا أن يكون لديهم أي أهداف خفية من هذا القرار "إنما استجابةً لمناشدات المواطنين على أرض الواقع، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي".

وختم حديثه بالقول "هناك حوارٌ مفتوح مع أصحاب المولدات، إلا أنه سيتم اتخاذ إجراءات مشددة ضد من لا ينصاع لقرار سلطة الطاقة، وبالفعل بدأ عدد منهم بتصويب أوضاعهم".

"نوى" كانت قد حصت على مداخلة سريعة صباحًا، من حسام الموسي رئيس رابطة أصحاب المولدات، أكد فيها عدم علم الرابطة بالدراسة التي تتحدث عنها سلطة الطاقة، "بل وإنهم سيخرجون بدراسة علمية توضح كيف يتم وضع الأسعار".

الموسي اعتذر مساءً عن عدم قدرته الإدلاء بأي تصريحات للإعلام رغم عودة المولدات للعمل فعليًا

وأضاف الموسي: "هناك حوارات مع الجهات المسؤولة، بتدخلٍ من شخصيات وفصائل، من أجل العودة للعمل والتفاهم مع سلطة الطاقة"، على أن يعلن ما تم التوصل له في وقتٍ لاحق، إلا أنه اعتذر مساءً عن عدم قدرته الإدلاء بأي تصريحات للإعلام رغم عودة المولدات للعمل فعليًا.

العودة للعمل وتحديد سعر الكيلو بـ 2.5 شيكل، لاقت استحسان المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أكدوا أنهم تضرروا من المبالغ الكبيرة التي دفعوها على مدار سنوات.

أما المحلل الاقتصادي محمد أبو جياب، فكان له رأيٌ مختلف، إذ قال في بثٍ مباشر على صفحته في "فيس بوك": "إن المسؤولية في تنظيم هذا القطاع، يجب أن تكون مشتركة بين الحكومة والمستثمرين".

وقدّم أبو جياب إضاءةً على واقع أزمة الكهرباء في قطاع غزة، حيث لا يتلقى سوى 120 ميجا وات من الاحتلال الإسرائيلي، بينما تنتج محطة التوليد الوحيدة في أحسن حالاتها 60 إلى 70 ميجا وات، وهذا رقمٌ بالكاد يكفي لتشغيل الكهرباء 8 ساعات يوميًا، أما الباقي فتغطيه المولدات الاستثمارية.

أبو جياب:أصحاب المولدات يدفعون للحكومة على هذا السولار ضرائب وجمارك ورسوم، لهذا ترتفع الأسعار،

وأوضح أن محطة توليد الكهرباء، تبيع الكيلو وات الواحد بمبلغ نصف شيكل، رغم أنه يكلفها شيكلًا وثلاث أغورات، كونها تستلم المال سواء عمِلت أو لم تعمل، وهذا لا ينطبق على المولدات الخاصة التي تستهلك شهريًا مليون لتر من السولار، وتوفر 100 ميجاوات، أي أكثر مما تنتجه محطة التوليد الرسمية.

وتابع: "أصحاب المولدات يدفعون للحكومة على هذا السولار ضرائب وجمارك ورسوم، لهذا ترتفع الأسعار، بينما يتوجب عليهم إن أرادوا مساعدة المواطن فعلًا، أن يخفضوا هذه الضرائب أو أن يلغوها، وهكذا تنخفض الأسعار دون تضرر أي طرف".

ورغم أن الحالة انتهت بضبابيةٍ مطلقة، بعد أن عادت المولدات للعمل بشكلها الطبيعي "وإن كان بعد لجوء سلطة الطاقة للقوة الشرطية"، إلا أن أحدًا لا يعلم تفاصيل الاتفاق الجديد، كون رئيس رابطة أصحاب المولدات، اعتذر عن تقديم الجديد بأمرٍ حكومي.

المصدر: شبكة نوى/ شيرين خليفة

تصميم وتطوير